انتهت الحلقة الرابعة والأخيرة من برنامج مراجعات الذي استضاف الشيخ عبد السلام ياسين، وبقيت أسئلة كثيرة معلقة، ذلك أن الذي كان متوقعا، بحكم طبيعة البرنامج، أن يتعرض إلى جوانب من مراجعات الشيخ عبد السلام ياسين وجماعته العدل والإحسان، أو تسليط الضوء على جوانب جديدة من مواقفها، لكن يبدو أن صاحب البرنامج لم يتوفق في تحقيق هذا الهدف، وانقلب البرنامج إلى عرض مسار حياة الشيخ عبد السلام ياسين وبعض مواقفه ومقولاته والتعريف ببعض كتبه، وهو ما جعل المتابعين ممن كانوا ينتظرون مراجعات العدل والإحسان يصابون بخيبة أمل كبيرة إذ لم يضف البرنامج جديدا إلا ما كان من ظهور الشيخ ياسين إعلاميا وكشفه عن جوانب من شخصيته ومواقفه مما ساعد على فهم طبيعة الجماعة وخطها التربوي والسياسي أكثر وهذا شيء له أهميته أيضا لكن بالمقارنة مع الأول يبدو أقل. مما يحسب للشيخ عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان في هذه الحلقات أنه اعتبر في الرابعة منها أن الخلاف بين الجماعات الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالرؤية السياسية خلاف اجتهادي وهو معطى إيجابي يحتاج إلى تثمين، لأن كل اجتهاد بنى أطروحته وخطه على تقدير للمصالح والمفاسد، سواء كان مشاركة من داخل المؤسسات أو عملا سياسيا من خارجها، مع تعبيره عن تقديره لشخصيات حركية ممن اختاروا الاجتهاد المخالف لجماعة العدل والإحسان كالشيخ أحمد الريسوني والأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد. لكن هذا لا يمنع من تسجيل ملاحظة على إحدى تعبيرات الشيخ ياسين التي نخالها غير موفقة وذلك حين اعتبر المشاركة السياسية من داخل المؤسسات لعبا مع الأفعى التي تلدغ وتسمم وهو وصف لا ينسجم مع طبيعة الرؤية السابقة التي أشار إليها والتي تؤطر الخلاف بين الجماعات الإسلامية في الرؤية السياسية بالتقدير المصلحي، خاصة وأن الشيخ عبد السلام ياسين عبر عن شمول نقده لخيار المشاركة للأحزاب الموجودة خارج المغرب أيضا. كما أن مقابلته بين تسميتي العدل والإحسان والعدالة والتنمية لم تكن هي الأخرى دقيقة، إذ لا يكون القياس صحيحا بين حركة إسلامية حملت شعارا يجمع بين الجانب التربوي والسياسي، وبين حزب سياسي انبثق عن مشروع حركي إسلامي تخصص في الاشتغال في قضايا تدبير الشأن العام، إذ من الطبيعي أن يعكس اسم الحزب مهامه ووظيفته وهي في حالة العدالة والتنمية قضايا التدبير وليس المشروع الحركي الذي يجمع أبعاد المشروع الإسلامي التربوي والثقافي والاجتماعي والسياسي، فضلا عن أن المقابلة بين الإسمين لم تكن حاضرة عن بلورة إسم العدالة والتنمية كشعار للحزب، ولهذا ليس من الأصوب الدفاع عن مفردة الإحسان ومحاولة نفي اختزالها في مجرد عمل للصدقات. أما رأيه في مسألة الرؤى فيحتاج إلى تحقيق، ذلك أنه في الوقت الذي نفى فيه أن يكون قد رأى بنفسه رؤية 2006 اعتبر فيه عدم تحققها أداة من أدوات تمحيص الجماعة، والغريب أنه قام بعملية قياس بين الرؤية النبوية التي بشرت بفتح مكة والتي نص عليها القرآن، وبين رؤية 2006 مؤكدا أن في تأخر تحقق الرؤية مقصدا ربانيا لتمحيص صفوف الجماعة، وإذ كشف الشيخ عبد السلام ياسين عن توقف موقع العدل والإحسان بالإنترنت عن نشر هذه الرؤى، إلا أن البرنامج لم يكشف عن سبب ذلك. للأسف ضيع البرنامج فرصة تمحيص تجربة جماعة العدل والإحسان وخيارها الحركي والسياسي، وتدقيق مواقفها من العديد من القضايا، خاصة وأن الحوار مع مرشد الجماعة كان محطة ينتظرها الكثيرون لذلك، لكن القليل وربما القليل جدا هو ما تحقق منها.