لم تقرر جماعة «العدل والإحسان» النزول مجددا إلى الشواطئ خلال هذا الصيف كما كانت تخشى بعض الأوساط الأمنية، التي اشتغلت عناصر استعلاماتها على الموضوع بعد تلقيها إشاعات تفيد بأن أتباع الشيخ عبد السلام ياسين قد يختارون إمضاء صيف ساخن بعد الخروج الإعلامي لمرشدهم على شاشة قناة «الحوار». واستعدادا لتنظيم ما تسميه الجماعات ب«الرباطات»، وهي تجمعات لأعضاء «العدل والإحسان» تدوم أياما في أحد البيوت حيث يتفرغ المشاركون للصلاة والذكر وحفظ القرآن والاستماع للمواعظ الدينية، قامت الجماعة بإعادة نشر رسالة كان عبد السلام ياسين قد وجهها إلى أتباعه والمتعاطفين مع جماعته من أجل مواجهة أي تدخل أمني محتمل يسعى إلى منع هذه الأنشطة التي تعتبر متنفسا تنظيميا مهما لمريدي الشيخ ياسين. ويقول ياسين في رسالته إن مواقف العدل والإحسان قد برهنت أن «الصدق ومواجهة الظلمة مزايا لم يفتتها الترهيب ولا الترغيب»، محددا أن جماعته هي «جماعة بَشَّرت بتغيير المجتمع» وأنها لا تهرب من ميدان المقارعة. أما المناسبة التي برر بها مسؤولو الجماعة إعادة نشر «رسالة تذكير» فهي ذكرى الإسراء والمعراج. ويتحدث ياسين، إلى جانب الدروس التي يرى أن على أتباعه استخلاصها من هذه المناسبة الدينية، عن الخصال العشر التي ينبغي أن يتصف بها مريدو الجماعة. وفي هذا الإطار يوضح د. محمد ضريف، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن إعادة نشر الرسالة يحكمها اعتباران، يتحدد الأول في كون قيادة العدل والإحسان تريد أن تحرر نفسية أتباعها من المضايقات التي تتعرض لها الجماعة منذ 2006، باعتبار أن هذا التضييق هو «مقدمة للفرج»، وهنا يأتي التوظيف الرمزي لما عاناه الرسول (ص) في الطائف وما حققه بعد الرجوع منها (الإسراء والمعراج). فيما يرتبط الاعتبار الثاني بالإشارة الواضحة إلى أن أوضاع المغرب على مستوى التضييق على الحريات لم تتغير، وأن ما سطره ياسين في «رسالة تذكير» قبل 3 سنوات مازال قائما. ويبدو أن هناك ضغطا نفسيا على قيادة «العدل والإحسان» بخصوص احتمال تدخل السلطات لمنع أنشطتها الصيفية، بعد اعتبارها أن الجماعة لم تعد تعيش حصارا من طرف أجهزة الدولة وإنما حصارا إعلاميا كذلك منذ إصدارها لوثيقة «جميعا من أجل الخلاص»، حيث كانت قد وجهت وقتها رسالة إلى قناة «الجزيرة» بالدوحة احتجاجا على ما اعتبرته تعتيما على مبادرتها من طرف مكتب القناة بالرباط. وحسب مصدر مقرب من قيادة الجماعة فإن هذه الأخيرة كانت تراهن على الظهور الإعلامي للشيخ عبد السلام ياسين في حلقات برنامج «مراجعات»، الذي تبثه قناة الحوار بلندن، لفك ما اعتبرته حصارا إعلاميا مضروبا عليها، من خلال فتح نقاش حول ما طرحه المرشد العام للجماعة، لكن ما توقعته لم يحدث. وأوضح المصدر أن العدل والإحسان كانت تريد أن يكون الخروج الإعلامي لياسين موجها إلى النخبة والرأي العام، وليس إلى أتباع الجماعة، وهو ما يفسر حسبه عدم تقديم أي جديد بخصوص مواقف الجماعة السياسية في تلك الحلقات. من جهة أخرى يعتبر المراقبون أن حزب العدالة والتنمية قد يسأثر بالاهتمام الإعلامي بعد مؤتمره الناجح وصعود بنكيران للرئاسة وهو المعروف بنقده الشديد لجماعة العدل والإحسان وأن هذه الأخيرة من المنتظر أن تقوم بخرجات إعلامية وسياسية لإعادة التذكير بمواقفها المناهضة للسلطة وعن سعيها لعدم ترك إخوان بنكيران لوحدهم في الساحة