كرواتيا تشيد بالإصلاحات الكبرى التي تباشرها المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس    "البيجيدي" يوجه الدعوة لحماس لحضور مؤتمره    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    مراكش.. رصاصة تحذيرية توقف سجيناً حاول الفرار من نافذة المستشفى    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    الركراكي: "أنشيلوتي أسطورة يجب احترامها.. ونحن سعداء لأن دياز اختار تمثيل المغرب"    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على أداء إيجابي    هذه هي توقعات الذكاء الإصطناعي حول نتيجة مباراة بين أرسونال وريال مدريد    دي ميستورا: الأشهر الثلاثة المقبلة تمثل فرصة حاسمة لتعبئة زخم دبلوماسي جديد قد يقود إلى منعطف فعلي في قضية الصحراء    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    توقيف شابين ظهرا في صور يحملان أسلحة بيضاء أمام دائرة للشرطة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    مطالب متجددة بوقف استخدام موانئ المغرب لرسو "سفن الإبادة"    الذهب يصل لذروة جديدة بفضل ضعف الدولار ومخاوف الحرب التجارية    "أورونج المغرب" تَعرض جهازاً مبتكراً    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    نبيل باها: تأهل أشبال الأطلس للنهائي "فخر كبير"    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    شهادة مؤثرة من ابنة مارادونا: "خدعونا .. وكان يمكن إنقاذ والدي"    بين وهم الإنجازات وواقع المعاناة: الحكومة أمام امتحان المحاسبة السياسية.    "Prev Invest SA" تنهي مساهمتها في رأسمال CFG Bank ببيع جميع أسهمها    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب أستراليا    وقفات احتجاجية في مدن مغربية ضد التطبيع واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    مغاربة عالقون في السعودية بدون غذاء أو دواء وسط تدهور صحي ونفسي خطير    لجنة حقوق الإنسان الدارالبيضاء-سطات تناقش الأهلية القانونية للأشخاص في وضعية إعاقة    تقرير برلماني يفضح أوضاع الأحياء الجامعية بالمغرب.. "تحرش مخدرات، وضع أمني هش وبنية تحتية متدهورة"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    "جيتيكس إفريقيا".. توقيع شراكات بمراكش لإحداث مراكز كفاءات رقمية ومالية    وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وشركة "نوكيا" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار المحلي    أسعار المحروقات تواصل الارتفاع رغم تراجع أسعار النفط عالميا    أسعار صرف العملات اليوم الأربعاء    ابنتا الكاتب صنصال تلتمسان من الرئيس الفرنسي السعي لإطلاق سراح والدهما المسجون في الجزائر "فورا"    الملك محمد السادس يهنئ دانييل نوبوا أزين بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا لجمهورية الإكوادور    موظفو الجماعات يدخلون في اضراب وطني ليومين ويحتجون أمام البرلمان    المغرب يعزز درعه الجوي بنظام "سبايدر".. رسالة واضحة بأن أمن الوطن خط أحمر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    مؤسسة الفقيه التطواني تنظم لقاء مواجهة بين الأغلبية والمعارضة حول قضايا الساعة    مسؤولة تعرف الرباط بالتجربة الفرنسية في تقييم العمل المنزلي للزوجة    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليق على القرار منشور في مجلة المرافعة العدد 6 للأستاذ المهدي شبو
نشر في التجديد يوم 12 - 06 - 2008


إن القرار الصادر عن الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى بتاريخ 15/02/94 في الملف عدد 210/,89 يعتبر جديرا بالاهتمام؛ بالنظر إلى الموقف الذي تبنته الغرفة المذكورة بتقريرهالكن حيث إن المحكمة استندت إلى الفصل 14 من الشروط النموذجية في نصه العربي؛ والذي وردت فيه خطأ عبارة الملقاة عليهم، بميم الجمع، في حين أن النص الأصلي بالفرنسية وردت عبارة: الملقاة عليه مسؤولية وقوع الحادثة، مما تكون معه المحكمة بتصريحاتها بقيام ضمان العارضة لمؤمنها فيما حكم به عليه لفائدة والدته ..لم تجعل لما قضت به أساس من القانون، مما يوجب نقض القرار المطعون فيه بخصوص ذلك بالتمعن في هذه الحيثيات يتبين بجلاء أن الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى قد رجحت النص الفرنسي للمادة 14 من الشروط النموذجية العامة لعقدة تأمين السيارات على نصها العربي، وهو موقف مخالف لما تواترت عليه هذه الغرفة من استبعاد للنص الفرنسي وتطبيق للترجمة العربية على علاتها، والمحكمة بتث بقضائها هذا في مشكلة قانونية هامة تتصل بظاهرة ازدواجية لغة النص التشريعي المغربي، فماهي أسباب هذه الظاهرة؟ وماهي مظاهرها؟ وكيف تصدى القضاء المغربي لحل الإشكالات الناتجة عنهما وفي مقدمتها مسالة تطبيق الترجمة العربية الخاطئة؟ مبدئيا يتميز القانون المغربي بخاصية فريدة تتمثل في الازدواجية اللغوية لأغلب نصوصه التشريعية، فبالنظر إلى أن أغلب هذه النصوص وضعت أثناء مرحلة الحماية الفرنسية، فقد كانت تصاغ باللغة الفرنسية لتطبق على الفرنسيين و الأجانب، ثم اقتضى استقلال البلاد، ومن بعده صدور قانون تعريب وتوحيد ومغربة القضاء الذي مدد تطبيق المدونات الصادرة في عهد الحماية على جميع ساكنة التراب المغربي، نقل هذه النصوص التشريعية إلى اللغة العربية، وهي المهمة التي أنيطت بلجن مختلفة مختلفة المشارب و الثقافات فجاءت الترجمات التي أنجزتها متميزة بنوع من عدم الدقة، بل شابتها أخطاء كثيرا ما نتجت عنها فروق كبيرة بين النصين الاصلي و المترجم، وهو ما يؤدي إلى تحريف في النية الصريحة للمشرع، الأمر الذي طرح إشكالات عدة بصدد تطبيق مجموعة من النصوص التشريعية لعل أهمها قرار وكيل الوزارة في المالية بتاريخ 25 يناير 1965 المتعلق بالشروط النموذجية العامة لعقدة تأمين السيارات، فبالرجوع إلى الفقرتين 3و5 من فصبه 14 نجد النص الأصلي المحرر باللغة الفرنسية ينص على أن عقد التأمين لا يضمن المؤمن له إذا كان هذا الأخير مسؤولا عن وقوع الحادثة، ومس الضرر من جهة زوجه أو أزواجه وأصوله من درجة مباشرة أو عن طريق القرابة وفروعه إذا كانوا يركبون الناقلة المؤمن عليها(الفقرة 3)، أو من جهة ثانية أجرائه وأعوانه أثناء قيامهم بعملهم (الفقرة 5)، في حين لا تستثني الترجمة العربية لنص الفصل 14 من الضمان الفئتين المذكورتين إلا إذا كانت مسؤولية وقوع الحادثة ملقاة على أحد أفرادهما المحددين في الفقرتين 3و5 ويرجع هذا الاختلاف بين النصين إلى أن المترجمين ترجموا عبارة الملقاة عليه الواردة في النص الفرنسي بعبارة الملقاة عليهم مسؤولية الحادثة، الشيء الذي نتج عنه تحريف القصد الذي اتجهت إليه نية المشرع، وقد وقف الفقه عن حق على أن هذه الترجمة خاطئة ولا تنسجم لا مع النص الفرنسي الأصلي ولا مع المنطق، فالمنطق يقرر أن تكون المسؤولية ملقاة على المؤمن له، إذ أنه إذا كانت المسؤولية ملقاة على أفراد الفئتين المحددتين في الفقرتين 3و5 ، فإنه لا مبرر للدفع بانعدام الضمان ولا يسوغ لشركة التأمين أن تتمسك بالاستثناءين السابقين مادام المسؤول المدني المؤمن له لن يتحمل أية مسؤولية في وقوع الحادثة. أما القضاء فقد اتسم موقفه من هذه المسألة بالتضارب، وتميز في قضاء المجلس الأعلى اتجاهان: الأول تقوده الغرفة المدنية التي استقرت على تطبيق النص الفرنسي للمادة ,14 وبالتالي استثناء الفئتين المذكورتين في فقرتيه 3و5 من الضمان متى كانت مسؤولية وقوع الحادثة ملقاة على عاتق المؤمن له، وقد كرست هذا الاتجاه مجموعة من القرارات الصادرة عن هذه الغرفة نخص منها بالذكر القرار عدد 515 الصادر بتاريخ 16/03/1983 منشور بمجلة المحامي عدد 17 صفحة 46 و القرار عدد 660 الصادر بتاريخ 12 مارس 1986 منشور بمجلة المحامي عدد 9 ص.72 الاتجاه الثاني تتزعمه الغرفة الجنائية قبل صدور القرار موضوع التعليق التي ظلت متمسكة بتطبيق الترجمة العربية لنص الفصل 14 .وهو المنحى الذي برز في مجموع من القرارات التي عرفت طريقها إلى النشر، نذكر منها القرار عدد 1726 الصادر بتاريخ 07/03/1989 في الملف الجنحي عدد 2900 ، منشور بمجلة المحامي عدد 17 صفحة ,43 ثم خاصة القرار عدد 321 الصادر بتاريخ 12/01/0984 في الملف الجنائي عدد 10615 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 86,36ص129 والتي أتيحت فيه لهذه الغرفة إبراز مؤيدات ترجيحها حيث قضت أن النصوص التشريعية الصادرة باللغة العربية هي الواجبة التطبيق، ولا يعيبها أن تحرر أول الامر بغير العربية، وبالتالي فلا يقبل القول بالأخذ بالنص الفرنسي وإعطائه الطابع النشريعي بدعوى وجود غلط في الترجمة ، طالما أنه من الممكن إدخال تعديل أو تغيير على تلك النصوص بنصوص تشريعية لا حقة. وقد كان لهذا التضارب الذي ميز الاجتهاد صداه على مستوى الفقه، الذي كان تصديه للموضوع من وحي اتجاه العمل القضائي فيه، فيرى أستاذنا محمد الكشبور أن مشكل ازدواجية لغة النص التشريعي المغربي يجب أن يحل حلا قانونيا لا عاطفيا، فإذا كان التشريعي في أصله قد صدر باللغة الفرنسية ووقع عليه بوصفه كذلك من السلطة المختصة بوضعه ونشر بالجريدة الرسمية وجب الاعتماد عليه هو دون ترجمته العرفية، في نفس الاتجاه لاحظ الأستاذ محمد الإدريسي العلمي مشيشي أن القضاء غالبا ما يضطر لتطبيق الترجمة العربية على علاتها إما لعدم تمكنه من اللغة الفرنسية أو تنفيذا لمنشورات وزارية أو اقتناعا بأن اللغة العربية بعد 1965 هي لغة العدل..إلا أنه من واجب القاضي التأكد من صحة النص، ومن حقه أن يوفر له المشرع ترجمة دقيقة ومطالقة للأصل الفرنسي حتى يمكنه من ممارسة وظيفته على أحسن وجه. هذه المآخذ التي توقف عندها الفقه، حاول القرار موضوع التعليق تجاوزها بترجيحه للنص الفرنسي على الترجمة العربية الخاطئة، لذلك يعتبر في نظرنا جديرا بالتأييد لأن فيه من جهة توحيدا لمواقف غرف المجلس الأعلى من المسألة، ومن جهة أخرى احتراما للمنطق القانوني السليم الذي يقتضي تطبيق النص المحرر باللغة التي عبر بها المشرع عن إرادته وقت التدوين دون غيره، على أن موقفا كهذا لا يجب أن يفهم على أنه انتقاص من اللغة العربية التي تبقى المفضلة و المخيرة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.