يبدو أن البعض في بلدنا لم يعد يتحمل الرأي المخالف بغض النظر عن صوابه أو خطئه، ومستعد لفعل أي شيء، حلاله وحرامه، من أجل تسفيه ذلك الرأي دون النظر لجوهره.. وفي هذا السياق لم تتوان جريدة الاتحاد الاشتراكي في غمرة الجدال حول بعض المهرجانات، التي قيل إنها ثقافية والله أعلم عن الكذب والإصرار على التغليط والتعميم، ذلك أن «التجديد» لم تتهجم على وزير الثقافة، وإنما نقلت ما قيل عن وزارته في قصة منع محاضرة الدكتور المهدي المنجرة بتطوان، ونسبت القول لأهله. لكن صحيفة الاتحاد الاشتراكي مارست السب والوصاية الأخلاقية لما قالت في المقال المعنون ب(لماذا وقفت التجديد عند {ويل للمصلين}؟): «بل ينتظر المراقبون الذين يتمتعون بحد أدنى من الأخلاق ولا نعتقد أن المشرفين على جريدة «التجديد» ينتمون إليهم انتهاء المدة المحددة للاستطلاع». كما كذبت لما قالت إن «التجديد» وقفت عند {ويل للمصلين}، في حين أننا في «التجديد» لم نصدر حكماً ولم نستبق نتائج الاستطلاع، وأكدنا أن النتائج أولية، على أساس أن نرجع للموضوع بعد الإعلان عن نتائجه النهائية. لكن يبدو أن ذلك التعليق جعل مسار الاستطلاع ينحرف عن جادة الطريق نظراً للسرعة والقوة التي عرفتها عملية التصويت قبيل ساعة من إغلاق عدد أمس الأربعاء لصحيفة الاتحاد الاشتراكي لتعود وتيرة التصويت في الاستطلاع بعد ذلك إلى الهدوء. غير أن صحيفة الاتحاد الاشتراكي التي دعت إلى عدم الوقوف على {ويل للمصلين}، لم تكشف لنا عن سر التحول في التصويت و كثرة المشاركين قبيل ساعة إغلاق عددها ليوم أمس، وعودة التصويت لمساره العادي بعد ذلك، ولم تشر إلى أن الاستطلاعات السابقة التي أجرتها في موقعها على الانترنيت وعددها 17 استطلاعا، لم يتجاوز متوسط عدد المشاركين فيها 621 مشارك باستثناء، أربعة منها تجاوزت 1000 مشارك، وذلك طيلة مدة الاستطلاع، فكيف تم تسجيل أكثر من 950 صوت في أقل من ساعتين في الاستطلاع المعلوم؟ إن النتائج المسجلة إلى حدود الثالثة من مساء أمس، كما هو واضح في الجدول المرفق، تدعو إلى التأمل في استطلاع عبثت بمصداقيته الخلفية السياسية وأفسده الخوف من الحقيقة، هذا مع العلم أن الاختيارات الواردة في السؤال المطروح في الاستطلاع ملغومة، إذ لا يقول أحد أن المهرجانات بشكل مطلق تساهم في إفساد الاخلاق، ومن سيعترض على كونها في كل الحالات لن ترفه عن النفوس. إن طرح السؤال بتلك الطريقة لم يترك للمشارك خيارات يدلي فيها برأيه بوضوح دون غموض أو تردد، فلم تقترح عليه الجريدة مثلا: هل كانت عملية تنظيمها وتمويلها وتسييرها ديمقراطية؟.. هل كانت الثقافة فعلا حاضرة في تلك المهرجانات؟... وغيرها من الأسئلة الحقيقية. يشار إلى أن موقع منارة على الإنترنت سبق له في شهر ماي المنصرم أن أجرى استطلاعا في الموضوع شارك فيه 8003 مشارك أجابوا عن سؤال معقول وهو كالتالي: «حسب رأيكم، هل هذه المهرجانات: 1 تساهم في تنمية الجهات؟ 2 لحظة للترفيه؟ 3 إهدار للأموال العمومية؟» وكانت النتيجة كالتالي: 31 % اختاروا الجواب الأول، و8 % اختاروا الجواب الثاني، في حين يرى61% من المستجوبين أن المهرجانات تبذر وتهدر الأموال العمومية. وحيث إن الاستطلاع نظمته جهة محايدة وبمشاركة كثيفة، فإن نتائجه تبقى دالة، كان على وزير الثقافة أن يأخذها بعين الاعتبار، ويحتفظ برأيه وخلفيته السياسة لنفسه، إذ يجب أن نكرس سياسةثقافية تتلائم وطبيعة الشعب المغربي وحضارته وقناعاته وليس بما ينسجم والأهداف المشبوهة لجهات نافذة.