زرابي متفحّمة وأثاث منزلي محترق وملابس صارت رمادا، وصائمون وجدوا أنفسهم متطوعين لإخماد لهيب النيران، تلك بعض المشاهد التي عاشها السوق البلدي بمدينة المحمدية، زوال اليوم الإثنين، بسبب تماس كهربائي بدأ بشرارة صغيرة وانتهى بخسائر مادية كبيرة بأربعة عشر محلّا تجاريا. السوق البلدي لمدينة المحمدية، أو ما يُعرف محليا ب"جوطية العالية"، عرف استنفارا كبيرا مباشرة بعد أن شبّت النيران في محتويات محل لبيع الزرابي، قبل أن تتوسع دائرة الحريق ليصل إلى المحلات المجاورة المخصصة لبيع الثريّات والديكورات والملابس والأثاث المنزلي والأغطية والأواني والمواد الغذائية. وأفاد عدد من الشهود العيان بأن سرعة انتشار النيران دفعت المتطوعين إلى الاستعانة بما توفّر لديهم من إمكانيات، فنجحوا في منع انتشارها بين المحلات، في انتظار وصول عناصر الوقاية المدنية للسيطرة عليها بشكل تام، فيما تجنّد أفراد الأمن الوطني والقوات المساعدة وممثلو السلطة المحلية للقيام بالمتعين، كل في حدود اختصاصاته. ونظرا للاكتظاظ الذي يعرفه السوق البلدي وقت الظهيرة في أيام رمضان سارعت عناصر الأمن الوطني وممثلو السلطة المحلية والقوات المساعدة إلى إخراج أكبر عدد من قاصدي السوق، مع إغلاق أبوابه في وجه العموم، من أجل حماية السلع والمحلات من جهة، وتمكين عناصر الوقاية المدنية والمتطوعين من السيطرة على النيران من جهة ثانية. وأوضح مالك أحد المحلات أن الخسائر كبيرة جدا ولا يمكن في الوقت الحالي ضبط قيمتها، مسجّلا في الوقت ذاته تعرّض بعض السلع للسرقة من طرف من يستغلون مثل هذه الحوادث لتحقيق بعض المكاسب، مستغلين الجَلَبة والاستنفار الذي يعيشه أصحاب المحلات لإنقاذ ما يمكن حمايته من النيران التي تنتشر بسرعة. عادل شكير، رئيس جمعية الأبرار بالسوق البلدي، قال إن "الخسائر المادية كبيرة، بعدما أتت النيران على محتويات بعض المحلات التجارية بالكامل"، مشيرا إلى أن "الحالة الجوية التي تشهدها المدينة، خاصة على مستوى الرياح، ساهمت في انتشار النيران بسرعة، مع صعوبة إخمادها في وقت وجيز". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المتطوعين تجندوا للسيطرة على الحريق بشكل أو بآخر في انتظار وصول عناصر الوقاية المدنية، فيما حلّت شاحنة الإطفاء بالسرعة المطلوبة لوقف الخسائر المادية، في حين لم تُسجّل أي خسائر في الأرواح". وأكّد رئيس الجمعية أن "تماسا كهربائيا وقع أمس الأحد داخل أحد المحلات التجارية بالسوق البلدي دون أن يتحول إلى نيران محرقة، إلا أن التماس الكهربائي الذي وقع ظُهر اليوم بمحل لبيع الزرابي سرعان ما أوقد الحريق الذي أسفر عن هذه كارثة". ولفت عادل شكير إلى أن "الجمعية قامت منذ صدور النشرة الجوية الإنذارية بالتواصل مع التجار لتنبيههم وحثهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحيلولة دون وقوع الحوادث، بحكم أن الشبكة الكهربائية بالسوق البلدي، والطرق التي يستعملها الكثير من التجار لربط محلاتهم بالكهرباء، غير قادرة على الصمود أمام الأمطار الغزيرة والرياح القوية". وأوضح المتحدث ذاته أن "التجار يواصلون مطالبتهم بالإصلاح من أجل تحسين الأوضاع"، مشددًا على ضرورة "منح جميع المحلات التراخيص القانونية اللازمة، حتى تتمكن من الربط الكهربائي بشكل قانوني وآمن باستعمال عدادات فردية كما هو معمول به في الكثير من الأسواق"، وأضاف أن "هذه الوضعية تحتاج إلى تدخل عاجل من الجهات المعنية لتسريع الإجراءات الإدارية لحل مشكل الماء والكهرباء، حتى لا يواصل عدد من التجار اعتماد حلول ترقيعية لربط محلاتهم بالكهرباء، بالشكل الذي يضمن عدم تكرار هذه الحوادث".