بقراءة الفاتحة على أرواح شهداء المقاومة المغربية ومحرري الوطن انطلق المهرجان الخطابي الذي نظمته شبيبة العدالة والتنمية مساء أول أمس السبت 23/8/2003 بمسرح محمد الخامس بالرباط حول قضية الصحراء المغربية، تحت شعار نحو تعبئة شعبية للدفاع عن وحدتنا الترابية، حيث دعا عدد من قياديي حزب العدالة والتنمية إلى التعبئة الشاملة من أجل الدفاع عن وحدة المغرب الترابية ومواجهة الأطروحات الدنيئة لخصوم المغرب الذين يستهدفون زرع بذور عدم الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا وبلقنتها وتحقيق أطماعهم التوسعية. نحو تعبئة شعبية قوية اعتبر الدكتور عبد الكريم الخطيب، الأمين العام للحزب، أن مبتغاه من حضور المهرجان وبين الشباب الوطني المخلص تذكيره بما قام به أباؤه وأجداده، وما قام به جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله والحركة الوطنية من أجل استقلال المغرب، والالتحام الكبير الذي طبع العلاقة بين العرش والشعب من أجل طرد الاستعمار واستكمال الوحدة الترابية للمملكة، داعيا إلى استلهام الدروس من هذه التجربة في صيانة المكتسبات الوطنية والدفاع عن قضايانا الوطنية الكبرى. وقال: «إن الخطاب الملكي الأخير نداء من جلالة الملك للشعب يطالب منا التعبئة من جديد من أجل قضيتنا الترابية»، داعيا الشباب إلى التحرك وتنظيم مسيرات شبابية إلى الأقاليم الجنوبية للبرهنة على التشبت بها على غرار المسيرة الخضراء لدحض أطروحات خصوم الوحدة الترابية للمملكة ومناوراتهم الدنيئة، وذلك قبل أي حل في الأممالمتحدة، وأهاب بالشباب الحاضر أن يبلغ الغائب بضرورة القيام بدوره، كما قام الآباء والأجداد بدورهم وعملهم لاسترجاع محمد الخامس واستقلال البلا د، قائلا: «فلكم اليوم أن تقوموا بدوركم، لأن الحركة الوطنية التي حركتهم لازالت فيكم». من جهته أوضح الدكتور سعد الدين العثماني، نائب الكاتب العام لحزب العدالة والتنمية، أن قضية الصحراء تحتاج إلى عمل أكثر منه إلى الكلام، مشيرا إلى أن الحزب وشبيبته أرادا أن يكون هذا المهرجان صرخة يؤكد من خلالها أن قضية الصحراء لا ينظر إليها كحزب أو أشخاص، ولكن كمغاربة، وأن المغاربة في هذه القضية جميعا صف واحد ويد واحدة للدفاع عن الوحدة الترابية والصحراء المغربية إلى آخر رمق، وقال العثماني: «أردنا أن يكون المهرجان بداية لتعبئة شعبية قوية، لأن الخصوم يتأثرون برد الفعل الشعبي، فالمعركة ليست معركة رسمية، ولكنها أيضا معركة كل المغاربة، ونحن نمد يدنا للجميع للتعاون والتكاثف ليكون التعبير الشعبي قويا، وهو الذي أفشل خطة تقسيم الصحراء في المهد بالتضامن مع رد الفعل الرسمي، وبنفس التعاون والتضامن ستسقط جميع المخططات والمناورات». وتحدث نائب الأمين العام عن الأسرى والمحتجزين المغاربة ومعاناتهم مع التجويع والتعذيب، مؤكدا ضرورة التعبئة للإسراع والتعجيل بحل مشكلتهم، وكذا العناية بالمفرج عنهم . ولخص العثماني موقف حزب العدالة والتنمية في قضية الصحراء في أمرين لا ثالث لهما: «لا تنازل ولا تفاوض على سيادة المغرب الترابية وعلى وحدته»، وأضاف: «هذا موقفنا وعليه سنبقى ونثبت إن شاء الله، وبعد أسبوع سننخرط في تعبئة شعبية، وسنمد أيدينا للتعاون في سبيل هذه التعبئة لإحباط مناورات الخصوم». مشددا في الوقت نفسه على تجند الحزب إلى جانب كل المكونات المجتمعية الوطنية في التعبئة من أجل إفشال مخططات الأعداء وعلى ضرورة التعبئة الشاملة واليقظة المستمرة والتحرك الفعال للطي النهائي للنزاع المفتعل من قبل خصوم المغرب المتمادين في معاكستهم لحقوقه بحقد وعداء.
قضية سياسية وطنية وأكد الأستاذ عبد الإله بنكيران، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في مداخلته على أن قضية الصحراء قضية إسلامية بالأصل ووطنية بالتبع، وقال :إن المغرب بني منذ عهد المولى إدريس رحمه الله على أساس عقد روحي رباني شرعي بين جماعة من الناس وبين الأسر التي تعاقبت على حكمه من المولى إدريس إلى اليوم، وهو عقد البيعة الشرعية الذي نحن أكثر تشبتا به والمطالبين للمغاربة بالوعي بأن سر قوتهم هو الإبقاء عليه والتشبت به بكامل ما أوتوا من قوة . وأوضح بأن الاستعمار الأوربي للمغرب وتجزيئه لم يحل دون بقاء المغاربة موحدين تحت قيادة الملك وبقوة الأصول الجامعة لهم، والتي تحقق الاستقلال في إطارها، وأضاف الأستاذ عبد الإله بنكيران قائلا: «إلى غاية 1973 لم يسمع أحد بالبوليزاريو ، وأنا لا أعرفهم شخصيا، ولكن نعرف أناسا كانوا يدرسون معهم، لقد كانو طلبة مغاربة ينتمون لمنظمة شيوعية، وكان غرضهم إسقاط النظام الملكي، وعندما عجزوا وعجزت المنظمات الشيوعية عن ذلك، ذهبت تبحث عمن يناصرها من الجنوب»، معتبرا إياهم سبب المشكلة، حيث استغل حكام الجزائر مجموعة الخوارج (الشيوعية) المنفلتة من العقد الوطني الذي جمع المغاربة على ملكهم، وجعلوا منها قضية لإفساد العلاقة بين الشعب المغربي والشعب الجزائري، وإبقائها متوترة، لأنهم يعتقدون أن التصالح سيكون لصالح المغرب والمغاربة، مؤكدا أن هذه هي حقيقة قضية ومشكلة الصحراء المغربية، وأنه بات اليوم ضروريا رد الأمور إلى نصابها ورد القضية إلى حقيقتها. واعتبر عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن سلوك حكام الجزائر يظهر أنهم لا يريدون أن تكون لهم مع المغرب علاقات طبيعية، ويختلقون المشاكل، وقال المشكل ليس مع البوليزاريو لأنه مستقر فوق أرض المغرب التي تحتلها الجزائر، وأسرانا موجودون عند الدولة الجزائرية والمحتجزون كذلك، فليتركوا لهم الحرية للعودة لبلادهم وآنذاك سنرى. مثيرا الانتباه إلى أن المغاربة مسلمون حقيقة، ويراعون الجوار، وفيهم من الصبر والحلم والأناة الكثير، وصبروا على النظام الجزائري، وليس الشعب الجزائري الذي يحب المغاربة وملك المغرب. إلا أن الصبر لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. وقال: «على حكام الجزائر أن يعلموا أن الشعب المغربي شعب أصيل وشعب عريق، ولن تهزمه المناورات ولا طغمة عسكرية «، وأضاف أن المغاربة مستعدون للذهاب في مسيرة أخرى إلى تندوف ليطلقوا سراح الأسرى. وتوجه الأستاذ عبد الإله بنكيران إلى الشباب الحاضر قائلا: «لئن وجدتم في بلادكم أشياء تعجبكم، فيجب أن تحافظوا عليها وتعلموا أن هذا كله قائم على سر اسمه المغرب، الذي له تاريخ عميق وقائم على الإسلام، أحب من أحب وكره من كره، والذي يجب أن يستمر بالجهاد والنضال الواعي لأبنائه، المستعد للتضحية بنفسه دفاعا عن دينه ووطنه وشعبه وعن ملكه».
رسالة إلى الجميع وفي تصريح ل»التجديد» قال الأستاذ عبد العزيز رباح، الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية إن «المهرجان يندرج في حملة التعبئة التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية مع هيئاته الموازية، منها شبيبته، حول قضية الصحراء، خاصة بعدما طرحه بيكر مؤخرا من أمور لا تخدم سيادة المغرب على صحرائه ومصالحه، ويميل إلى أطروحة الأعداء، بمساندة دول معاكسة للمصالح الوطنية، وأردنا بهذا المهرجان، يقول رباح، على الرغم من وجود انشغالات كثيرة، أن نرسل رسالة إلى الجميع في الداخل والخارج بأنه رغم الانشغالات فإن قضايانا الوطنية الكبرى التي يجمع عليها المغاربة باختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية، يجب أن تحظى بالأولوية وأن تتصدر كل الاهتمامات والأعمال، وأردنا أن نؤكد أن بجانب الديبلوماسية الرسمية، التي نتمنى أن تتطور أكثر وأن تصبح أكثر فعالية وهجومية، بجانبها أردنا تدشين ديبلوماسية شعبية تشارك فيها الهيئات السياسية والنقابية وكل هيئات المجتمع المدني، وخاصة الشباب، وقد واكب تنظيم هذا المهرجان ذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى عيد الشباب، لكي نؤكد أن المغرب اليوم وفي هذا الظرف الحساس يحتاج إلى تلاحم العرش مع الشعب، على أساس القيم والمقدسات والثوابت الوطنية من أجل أن نواجه التحديات الكبرى والأساسية، وعلى رأسها الوحدة الترابية وسيادة المغرب على صحرائه، وأن هذا المهرجان ستتبعه أنشطة أخرى جهوية أخرى. نتمنى أن يقع في هذا تنافس بين جميع الهيئات ومكونات المجتمع، بل تعاون فيما بينها جميعا وأعمال مشتركة لتعبئة شاملة للشعب المغربي وشبابه».
مسؤولية الشباب ومن جانبه أبرز مصطفى مشتري في كلمة باسم شبيبة العدالة والتنمية ما قامت به أجيال الاستقلال في طرد الاستعمار والحصول على الاستقلال عبر المقاومة والجهاد، مشددا على أن الشباب يتحمل مسؤولية الدفاع عن الوحدة الترابية وإنهاء المشكل المفتعل في الصحراء المغربية، واسترجاع سبته ومليلية والجزر الجعفرية، واعتبر أن المعركة ضد أعداء الوحدة الترابية تستوجب من جميع الأحزاب والهيئات والجمعيات الترفع على الحساسيات السياسية الضيقة والعمل على تدشين عهد جديد قوامه الثقة والتفاهم والعمل المشترك. وأكد مشتري في السياق نفسه أن المغرب المسلح بالإجماع المجتمعي وباستعداد المغاربة جميعا من طنجة إلى الكويرة لمواجهة أي تهديد أو تآمر يستهدف ذرة واحدة من رمال الصحراء، وبتجند الشباب وراء جلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يؤكد أن لا مساومة حول قضية الصحراء ولا مجال للتفريط في شبر واحد من أرضنا العزيزة.. ودعت شبيبة العدالة والتنمية في نداء بالمناسبة تلته الأخت فاطمة ساجد (عضو المكتب المركزي لشبيبة العدالة والتنمية) إلى تفعيل الدبلوماسية الشعبية وخلق جمعيات تعنى بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، ودعت إلى مضاعفة جهود التواصل مع الشباب بالأقاليم الجنوبية والتعريف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في حق المحتجزين المغاربة في مخيمات تندوف والحمادة. ودعا النداء إلى تنظيم مهرجانات ومسيرات وأنشطة مشتركة بين الأحزاب السياسية والمنظمات الثقافية والهيئات وفعاليات المجتمع المدني لإبراز الإجماع الوطني حول قضية الوحدة الترابية للمملكة. وطالب بإطلاق سراح المحتجزين والعمل على فتح تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في مخيمات العار. هذا وقد اأخذت شبيبة حزب العدالة والتنمية تعهدا على نفسها بتحمل مسؤوليتها والإسهام إلى جانب نظيراتها في تأطير الشباب المغربي وتعبئته حول القضايا الكبرى للأمة وتقديرا لحساسية الظرف الذي تمر منه قضية الوحدة الوطنية، وعملا على فضح جميع المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية والإسلامية لتعميق واقع التجزئة وتشجيع الانفصال، وتوعيته بأهمية التعبئة الشعبية وتمتين الجبهة الداخلية والإجماع الوطني وراء جلالة الملك محمد السادس لصيانة المغرب ووحدته.
قيادات سياسية حاضرة وقد حضر المهرجان عدد من القيادات السياسية الوطنية وممثلو بعض الأحزاب السياسية، وعلى رأسهم المحجوبي أحرضان ومحند العنصر عن الحركة الشعبية وعبد الرحمان الكوهن عن حزب الإصلاح والتنمية، صحبة عدد من أعضاء مكتبه السياسي، وحسن الصميلي عن القوات المواطنة، ألقى أغلبهم كلمات بالمناسبة، حيث أكد أحرضان على وجوب وضع اليد في اليد، وقال إنه فخور لحضوره المهرجان لأن في ذلك مصلحة للبلاد والعرش والشعب. أما عبد الرحمان الكوهن، فقد أكد في كلمته الحماسية أن المهرجان مناسبة ليعلم الجيل الذي لم يكن حاضرا في 20 غشت 1953 والجيل الذي لم يكن حاضرا في نونمبر 1975 أنه حينما تلتقي إرادتان، إرادة القيادة والقاعدة تخلقان المعجزات، وأن استقلال المغرب جاء بالتقاء إرادة محمد الخامس طيب الله تراه والشعب المغربي، والمقاومة وجيش التحرير، وأن استعادة الصحراء التقت فيها إرادة الحسن الثاني الباني مع إرادة الشعب، فكانت المسيرة الخضراء ، داعيا العائدين من مخيمات العار إلى فضح ألاعيب الانفصاليين في كل مكان بحكم معرفتهم بهم وبألاعيبهم. ولم تفته المناسبة ليؤكد أن حزبه كان من الأوائل الذين تصدوا للحملة العدائية ضد حزب العدالة والتنمية وللتصريحات التي وصفها بالهاوية والخاوية، وقال: «حزب العدالة والتنمية بريء»، وأن المغرب بلاد الحرية والتعددية وسيظل كذلك. يذكر أن المهرجان الخطابي الذي نظمته شبيبة العدالة والتنمية عرف بعد الجزء المتعلق بالكلمات والمداخلات، عروضا فنية ملتزمة في شكل أناشيد وشعر وأغاني وعروضا فكاهية هادفة من إلقاء الفنان المراكشي الساخر مسرور. أبو بكر