[email protected] لقد تم تسجيل في الشهور الأخيرة ببلادنا, انقطاعات عديدة في الماء الصالح للشرب على مستوى عدة حواضر قرى ,الأمر الذي تسبب بالنسبة للعديد من المواطنين في أزمة حقيقية في التزود بهذه المادة الحيوية تسبب لديهم في ارتبك واضح في برنامج تدبير كافة الأنشطة والمهام اليومية المعتادة. ولم تقتصر أزمة التزود بالماء على قطاع الاستهلاك المنزلي فحسب, بل تخطته لتطال كافة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بشكل وثيق بالماء. و المثير للانتباه في توقيت هذه الانقطاعات, هو تزامن حدوتها , في أن واحد على مستوى عدة مدن و قرى و خاصة في ما يخص تواترها بشكل يكاد مستمرا و طول مدد حدوتها واستفحالها. و إذا كانت انقطاعات الماء الشروب اضحت مالوفة لدى المواطنين في بعض المدن من حيت حدوتها من حين لأخر لأسباب تقنية محضة يتم تطويقها بشكل نوعا ما سريع , فان الخلل المسجل مؤخرا أصبح يستحق صفة الظاهرة التي تكاد تكون وطنية في انتشارها وامتدادها الجغرافي و كذا في شملها لآلاف المواطنين إن لم نقل الملايين في آن واحد. وإذا كانت اغلب المدن والحواضر ذاقت معانات الانقطاعات المتكررة في الماء الشروب, في الشهور الأخيرة, فانه ثمة مدن عانت من هذا الاختلال بشكل مزمن لدرجة أن سكانها لم يبقى لهم من حل إلا تكييف أسلوب حياتهم اليومية على خلفية الرضوخ إلى منطق شح المياه , بعد تعبوا من التعبير عن السخط جراء هذا الواقع الغريب ,بل واضطروا إلى طرق جميع الأبواب ثم الاحتجاج لكن لا حياة لمن تنادي اقصد بنوع من الحسرة, بالتحديد مدينة مكناس, المدينة التي كانت تنعت إلى عهد جد قريب بمدينة , وداي بوفكران السخي و مدينة المسابح والعيون .إن هذا الواقع المؤلم كان سببا في أثارة موجة من السخط والغضب في صفوف الساكنة واضطرهم على التعبير بشتى الأساليب النضالية عن عدم رضاهم بهذا المستوى المنحط الذي آلت إليه مدينة كان بالأمس جيرانها يحسدونها على نعمة الماء. ولعل تزامن هذه الأزمة في تزويد ساكنة العديد من المدن والحواضر بالماء الصالح للشرب,مع شهر رمضان الابرك ومع الارتفاعات القياسية المسجلة في درجات الحرارة, اظفى بعدا كارتيا على الظاهرة من شانه أن يزيد من معاناة المواطنين في تحمل عبئ الصيام والقيام والعمل وكذالك في سعيهم الحثيث لنهج كافة السبل لإثارة انتباه المسؤولين عن القطاع وحملهم على الخروج على الأقل من صمتهم. والغريب في بلادنا أن منطق الصمت اختيار استراتيجي يبدو انه سيضاف إلى لائحة المقدسات ,فكلما تعلق الأمر بخلل ما أو نشوب أزمة ما من شانها إثارة الجدل لدى الرأي العام الوطني أو المحلي إلا وقوبلت بمنطق حسي مسي,فأزمة تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب الفروض أن تشكل هاجسا لدى المسؤولين وان تتصدر اهتمامات الإعلام المرئي ,فإذا استثنينا المحاولات المحتشمة لادارج أزمة تزويد الآلاف من المواطنين بهذه المادة الحيوية في بعض الوصلات الإخبارية في الإعلام المرئي, فإننا في الوقت ذاته نصطدم بطريقة معالجتها من الناحية الإعلامية , حيث يتم غالبا الاقتصار على تقديم حدث كهذا كمادة إخبارية لا اقل ولا أكثر . عندما أشاهد كيف يتم التعامل في الإعلام المرئي مع مثل هذه الظاهرة أو غيرها , و أمام التوسع الكبير لمساحات المنظر السمعي البصري بمئات القنوات التلفزية ,أتسال هل أنا بصدد مشاهدة قنوات وطنية أو أجنبية .فارقي معالجة إعلامية ترصد للحدث لا تتعدى مجرد تقديم الخبر ,بدون حضور المعنيين بهذه القطاعات للرد على أسئلة المواطنين العطشانين, تاركين أبواب التحليلات والتأويلات والإشاعات مفتوحة على مصراعيها. والخطير في هذا الصمت انه غالبا ما يؤدي إلى تغذية وتقوية ثقافة الإشاعات وسوء النية التي غالبا ما تخيم على العلاقة بين المواطنين ومن تم انتدابهم للقيام بتدبير شؤونهم .في مثل هذه المواقف تنشط التأويلات المبنية على الإشاعات و المؤدية حتما لاتهامات خطيرة ومغرضة تجاه من يستحق ومن لا يسنحق من المسئولين , الذين بالمناسبة , ليسوا كلهم لحسن الحظ ,' شلاهبية' في هذا السياق من التعامل نسمع هنا'في المغرب ما كاين والو' وهناك' وكلاو الميزانية'. دون أن ننسى لما لوقع أسرار الفضائح التي تنفجر هنا وهناك, من حين لآخر, من تأكيد وتطعيم لهذه الأطروحات. أمام هذه أللمبالاة, تبقى مجموعة من الأسئلة الأساسية بدون أجوبة حقيقية المرتبطة بأسباب الأزمة من منطقة إلى أخرى ,وماهية الإجراءات الاحترازية المتخذة للتخفيف من وطأتها على الساكنة ,هنا اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:هل أزمة تزويد بعض المدن بالماء الشروب ترجع بالأساس إلى سوء تخطيط في استجلاء الحاجيات الآنية والمستقبلية للساكنة؟ أم أن الأمر يتعلق باهمال تجديد وصيانة البنيات التحتية التي تمكن هذه الحواضر من التزود بالماء.لا أريد طرح أسئلة ‘بايخة ‘ من قبل نقص في مخزون المياه لان الطبيعة أصبحت جد كريمة من حيت تزويد سدودنا بما يكفي من الماء لمدة طويلة حسب قصاصات وزارة التجهيز. في انتظار الحصول على الأجوبة الشافية التي قد تأتي وقد لا تأتي,وإمام انسداد الأفاق ,دعوني أطلق العنان لمخيلتي في مجال السيانس فكسيون لتخيل بعض السيناريوهات المحتملة في المستقبل جراء تداعيات استفحال أزمة جفاف الصنابير. ,إن استمرار فشل وعجز مسؤولينا في أيجاد الحلول المناسبة بعيدا عن منطق الترقيع , أمر أصبح ليس واردا فحسب بل تعداه ليصبح صعب المنال في الوقت الحاضر,ودلك لاعتبارات عدة أهمها, وبالاقتصار فقط على المشهود والمعيش في مجالات تدبير الماء والكهرباء ببلادنا لارتباطها الوثيق بأغلب المغاربة,اننا نسجل في العشرين سنة الماضية استمرار ارتباط أحوال التزود بالماء الشروب وبالتيار الكهربائي بنزول المطر كيف ما كانت وفرته . فالأزمة الحالية تبدي ملامح الاستمرارية والاستفحال وهو ما قد يفرض علينا تبني أنظمة تزويد تقشفية, قد نفاجأ في يوم من الأيام بسن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب إجراءات تقشفية صارمة في تزويد الساكنة بالماء , توصي بتزويد الساكنة بالماء مرة أو مرتين بالماء في كل يوم مرفقة بقرارات صارمة بمنع استغلال المسابح الخاصة والعامة والحمامات ومنع سقي ملاعب الكولف. أكيد أن هذه اللحظة ستكون لقطة ممتعة و تاريخية ,على اعتبار أنها ستتيح لشرائح معينة من المواطنين إرجاع عجلة الزمن إلى الوراء للعيش من جديد, ذكريات أزمنة ماضية كان المرء يستطيع أن يتوضأ بمقدار' غراف' من الماء,كما ستفتح أفاقا تجارية واعدة للقائمين على صناعة وإعداد ما يكفي من صناديق قنينات الماء الطبيعي لامتصاص الضغط الذي أصبح يمارسه الطلب المتزايد الذي الدكاكين والسوبير مارشيات انه حنين ممزوج بهاجس بدل المزيد من المجهودات للتخلي على مكتسبات التمدن والتحضر وإعادة استساغة متطلبات الحياة القروية.قد يتجلى هذا الواقع في رفع تحدي الاستحمام اليومي باستعمال طريقة استحمام القطط وهي لعلمكم من بين التقنيات الفعالة في الوقاية والنظافة والتي قد ستوصي بها الجمعيات البيئية قد تلجا بعض الفئات من المواطنين إلى استعمال أفخم سيارتها للبحت عن الماء في العيون والسواقي والمكوت في الطوابير لمدة طويلة للتزود بالماء من عيون وسواقي متناثرة في ضواحي المدن والقرى. وفي حال ما استفحلت الأزمة لا قدر الله-وهذا فقط كضرورة إبداعية- ,ستضطر الأمة العمل بمقولة إذا غاب الماء حضر التيمم سنضطر لاستبدال إستراتيجية تدبير المخزون المائي الوطني بإستراتيجية أخرى وليدة الأزمة ومن اقتراح خلية تدبير الأزمة, تدعى إستراتيجية تدبير المخزون الوطني من الأحجار القابلة للتيمم. إن اللجوء الاضطراري إلى عملية التيمم كمصدر للتزود بالماء الرطب ليس فقط للقيام ببعض الشعائر الدينية بل كذلك لتوفير الحد الأدنى من الماء لسد الحاجيات الدنيا في الحياة ,ينبني على حقائق علمية, مفادها أن حجر التيمم الأملس وبمواصفات الجودة العالمية تتوفر جزيئاته خاصيتين أساسيتين أحداهما وجود نصيب من الماء الرطب يمكن التزود به عن طريق التلمس دون الحاجة إلى اقتلاعه وبالتالي دون نفاذه,وثانيهما إنها غير مكلفة كون الصم يمكن أن يدوم للأبد وفي ما يخص جدوى هذا الاختيار ,أتذكر هنا قصة احد أصدقائي الذي ,إبان فتح الحدود الأرضية المغربية الجزائرية في بداية التسعينات ,سافر إلى الجزائر العاصمة لاكتشاف هذا البلد الجار,ولما دخل لإحدى المقاهي' شيك'طلب من النادل أن يعطيه قهوة نورمال,فوجئ صديقي بالنادل وهو يحضر له فنجان قهوة دون كاس الماء المعهود عندنا ,فلما استفسره صديقي عن سبب عدم تقديم الماء أجابه النادل بأننا لا نتوفر على الماء,فرد عليه صديقي فكيف تحضرون القهوة ادن .أجابه النادل بالتيمم هكذا سيصبح لحجر التيمم الناعم أهمية اقتصادية كبرى ,ستغير الموارد الطبيعية لعدة مناطق من الغرب ,فالمناطق الفقيرة ولحسن حظها تتوفر على جبال من حجر ‘الصم' ستصبح بقدرة قادر مناطق ذات مؤهلات استثمارية هائلة في مجال توفير الماء الرطب ,تستأثر باهتمام المكتب الوطني للحجر القابل للتيمم. وفي الأخير ورجوعا إلى الواقع باكراهاته المتنوعة ,فإننا باعتماد هذا الأسلوب الجديد نتوخى في المقام الأول أحدات ما يكفي من الإثارة لدى مسؤولينا لإعطاء المزيد من الأهمية والحرص في تبني الاستراتيجيات والخطط الناجعة لمواجهة الإشكالات الآنية والمستقبلية المتعلقة بقضايا الوطن والمواطنين سواء تلك المرتبطة بضروريات الحياة اوتلك المرتبطة ببساطة بحياة الناس في جميع تجلياتها أملي أن تدرك مختلف والوزارات و الإدارات العمومية في المغرب ,أهمية اعتماد في مكونات تدبيرها لقطاعاتها , سياسة تواصلية تهدف إلى أحدات مزيد من الانفتاح بين الحكم والمحكوم وبين السائل والمسئول تخلق أفاق واعدة في مجال التدبير ألتشاركي بين جميع مكونات المجتمع, على أسس حسن النية لا العكس . وفي مجال طمأنة المواطنين العطشانين والراغبين في إمتاع أجسادهم المنهكة بالحرارة, بالاستحمام , لم أجد بدا من القول حسب ما يروج ,إن هذه الأزمة عابرة وان المسؤولين,بعد أن قاموا فور وقوع الحدث بزاياراة للإحياء المتضررة ووقفوا عن كتب على معاناتكم مع شح الماء, وإنهم لا محالة يعملون ليل نهار لاتخاذ الإجراءات الصارمة والتدابير اللازمة لإيجاد حلول نهائية لكل هذه إشكالاتكم وفي القريب العاجل