تصريف أزمة أردوغان بالمغرب ظن البعض أن رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، جاء للمغرب قصد التخفيف من وطأة الأزمة التي يعيشها "الأخ" عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة. ولكن العكس هو الصحيح. فإن سليل السلطنة العثمانية جاء للمغرب للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا بفعل سياسات أردوغان في المنطقة، والتي أدخلت الاقتصاد في دورة نكوص خطيرة، بعد تدهور القطاع الصناعي والسياحي كما تستعد المعارضة لمحاسبة أردوغان عن الطريقة التي تم بها تمويل معسكرات تدريب تنظيم القاعدة (جبهة النصرة) وإرسالها إلى سوريا. سياسة أردوغان أوصلت عشرات المقاولات إلى العجز وبالتالي بدأ في البحث عن مواقع استثمار جديدة وفي مناطق مختلفة وخصوصا في الدول التي وصلت فيها فروع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلى الحكم أو الحكومة مثل المغرب. إن زيارة أردوغان ليست بريئة ولن تكون في مصلحة المغرب. وهذا حقه في المناورة. لكن العيب في الإخوان في العدالة والتنمية الذين وصفوه بأوصاف لا تليق برجل منخرط في أجندة دولية أكبر من حزبه وورطت بلده. أردوغان يريد أن يفتح مجالات "عثمانية" جديدة لفك العزلة عن المقاولات التي تعاني كثيرا اليوم ويعتبر السوق المغربية سوقا جيدة، خصوصا وأن التركي سيتمتع بامتيازات مهمة في عهد حكومة بنكيران. هل يعقل أن تفتح اليوم الباب وبتسهيلات نادرة للمقاولة التركية في وقت تعاني فيه المقاولة المغربية، فكان حريا ببنكيران أن ينقذ المقاولة المغربية أولا؟ فما معنى أن تطلق يد المنافسة في قطاعات تعرف عجزا في ظل الأزمة الاقتصادية؟ كان ينبغي إنقاذ قطاع النسيج لا مزاحمته، أم أن بنكيران يقرأ بالمقلوب "تزاحموا ترحموا"؟ وفي الوقت الذي تسبب بنكيران في عجز رهيب في قطاع البناء يطلق العنان للمقاولات التركية للعمل في المغرب. احسبها جيدا يا بنكيران. التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والأممية الإسلامية في طريقها للزوال بعد أن انخرطت في المشروع الصهيوني بالمنطقة والدوام للوطن. هذا الوطن الذي استعصى على الخلافة العثمانية وتوقفت سنابك خيلها عند الحدود الشرقية للمغرب لن يسمح للعثمانيين الجدد باستعماره عن طريق نهب اقتصاده. وكيف نثق في بلد كان يعتبر أحسن شريك اقتصادي لسوريا فأصبح من اكبر أعدائها. وقد جمعت غرفة التجارة والصناعة السورية آلاف الوثائق تقدمت بها أمام المنظمات الدولية عن تفكيك وحدات صناعية في ظل الحرب وتهريبها إلى تركيا؟ وفي المنطق لا يمكن التعويل على بلد يراد له أن يكون معبرا لأزمات الجوار. لقد انتهت الأردوغانية كأداة من أدوات مشروع الغير الذي يتخلى في أقرب فرصة عن أدواته ويرميها مثل مناديل الورق لكن بعد أن تتلطخ. تركيا ناكصة إلى الخلف فكيف سمح بنكيران لنفسه بإعطائها كل هذه الهالة.