على الرغم من أحداث الشغب والاحتجاجات التي تعرفها تركيا، فإنّ الوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان اختار الحضور إلى المغرب في موعده المحدّد، مع تقليص برنامج الزيارة من يومين إلى يوم واحد، حيث حلّ أمس بالمغرب كمحطة أولى ليغادره صباح اليوم (الثلاثاء) رفقة الوفد المرافق له إلى الجزائر، في زيارة تحمل طابعا اقتصاديا. وأكد مصدر مسؤول من وزارة الخارجية المغربية أنّ الملك محمدا السادس لن يستقبل الوزير الأول التركي، نظرا إلى وجوده خارج أرض الوطن، وهو عكس ما سبق أن صرّح به وزير الخارجية سعد الدين العثماني قبل ذلك لوكالة أنباء الأناضول التركية، حيث أكد أن «زيارة رئيس الوزراء التركي للمغرب والاهتمام الذي لقيته على أعلى مستوى من جلالة الملك شخصيا والحكومة المغربية، يعكس عمق هذه العلاقات الثنائية. ومن المنتظر أن يُستقبَل رئيس الوزراء التركي خلال زيارته للمغرب من قِبَل جلالة الملك». ويخيّم على الزيارة، وهي الثانية لرئيس الحكومة التركي إلى المغرب منذ سنة 2005، شبح مقاطعة نقابة رجال الأعمال المغاربة (الباطرونا) للزيارة، خاصة في ظل مرافقة وفد ضخم من رجال الأعمال الأتراك لأردوغان في زيارته للمغرب، من أجل التباحث حول إمكانيات الاستثمار في المملكة.
وضم برنامج زيارة رئيس الحكومة التركي زيارة إلى ضريح محمد الخامس في الرباط، واجتماعا برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ليعقد ندوة صحافية بعد ذلك، من أجل التطرّق لأهمّ ما يطبع العلاقات بين البلدين، وسبل التعاون المُشترَك بينهما، كما سيحضر منتدى رجال الأعمال الأتراك والمغاربة. وكان بلاغ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قد أشار إلى مباحثات سيُجريها مع نظيره التركي حول «سبل دعم علاقات الصداقة التي تجمع بين البلدين وتعزيز التعاون الثنائي على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي. كما سيجري أعضاء الوفد التركي مباحثات مع نظرائهم المغاربة». من جهتها، وجّهت رئيسة الباطرونا مريم بنصالح نيرانها، من جديد، نحو رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، معلنة مقاطعتها الاجتماعَ المُشترَك بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم الأتراك. وبرّرت بنصالح ذلك بعدم إشراك الاتحاد العام لمقاولات المغرب في الإعداد لهذا الاجتماع، الذي كان من المفروض أن تعطى له الأهمية الضرورية، بالنظر إلى المشاكل التي تعرفها العلاقات التجارية مع تركيا، والمتمثلة أساسا في تفاقم العجز التجاري، وعدم الالتزام بتطبيق مضامين اتفاق «التبادل الحرّ»، الموقع مع هذا البلد في أبريل 2004. وأعطت بنصالح أمثلة على عدم التزام تركيا ببنود الاتفاقية الموقعة مع المغرب، حيث أكدت لجوء هذا البلد إلى تطبيق عدد من التدابير الحمائية غير الجمركية، إضافة إلى ضعف العرض اللوجيستيكي الذي يحدّ من استفادة رجال الأعمال المغاربة من السوق التركية، حيث لا يوجد حاليا سوى خط واحد مباشر يربط بين البلدين، مشيرة إلى أنّ السوق التركي أضحى اليوم مقفلا في وجه المستثمرين المغاربة، في الوقت الذي ظلت المنتجات التركية تغرق الأسواق الوطنية في مختلف القطاعات الصناعية. وكانت مريم بنصالح وجّهت، مؤخرا، انتقادات حادة لطريقة تدبير الحكومة للأزمة الاقتصادية، مشيرة إلى وجود اختلالات على مستوى الحكامة داخل الإدارة٬ ومعتبرة أن الإصلاحات التي تتم مباشرتها والنصوص القانونية التي يتم استصدارها تتم دون تشاور٬ وهو ما يؤدي إلى استحالة تطبيقها على أرض الواقع. وقالت بنصالح، خلال اجتماع مجلس التنسيق بين الحكومة والاتحاد العامّ لمقاولات المغرب، إنّ جميع القطاعات الاقتصادية بدأت «تشعر» بالأزمة، التي تتجلى في تباطؤ الأنشطة الاقتصادية وفقدان مناصب الشغل وتراجع تنافسية المقاولات، مضيفة أنّ «الخروج من هذه الأزمة يتم عن طريق الإصلاحات العاجلة ويتطلب مواكبة النسيج الاقتصادي بشكل شامل والتعامل بمزيد من اليقظة مع الظرفية الحالية».