زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح عاصفية مرتقبة بعدد من أقاليم الممكلة    "أطباء القطاع العام" يعلنون خوض إضراب وطني عن العمل احتجاجا على حكومة أخنوش    أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    المنتخب الوطني يختتم مشواره في إقصائيات كأس إفريقيا بفوز كبير على منتخب ليسوتو    المفوضية الجهوية للأمن بأزرو…استعمال السلاح الوظيفي من قبل شرطي لتوقيف متورطين في اعتراض وتهديد سائق أجرة    أسرة الأمن الوطني تحتفي بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا    توزيع 10 حافلات للنقل المدرسي على الجماعات الترابية بإقليم الحسيمة    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    مشاريع الحسد الجزائرية تواصل فشلها الذريع....    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    حالة ان.تحار جديدة باقليم الحسيمة.. شاب يضع حد لحياته شنقا    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    إنقاذ سائح وزوجته الألمانية بعد محاصرتهما بالثلوج في أزيلال    مصرع 4 أشخاص في حادث سير مروع    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الأمن الغذائي للمغرب مهدد؟
نشر في اليوم 24 يوم 28 - 07 - 2019

يوم الخميس 02 ماي الماضي 2019، قرر المجلس الحكومي إعفاء عزيز لغريط من منصب رئيس مجلس الإدارة الجماعية للشركة الوطنية لتسويق البذور “سوناكوس”، وتم مباشرة تعيين عزيز عبد العالي، مديرا جديدا للشركة الوطنية لتسويق البذور (SONACOS). هذا القرار كان متوقعا، لأن كل المؤشرات تدل عليه وحجم الاختلالات رائحتها زكمت الأنوف. فإذا ما عدنا بعقارب الساعة إلى الوراء لن يكون مستغربا إعفاء لغريط، ففي دجنبر 2018، كانت جريدة “أخبار اليوم” سباقة لنشر وثيقة للقرض الفلاحي تؤكد قرب إفلاس “سوناكوس”.. ساعتها اختارت وزارة الفلاحة عدم التعليق. قبل أزيد من سنة، كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، أيضا معطيات تظهر الوضعية المالية الخطيرة، وتؤكد التدهور المالي ل”سوناكوس” لإنتاج وتوزيع البذور المهددة بالإفلاس، بعد تراجع أسهم الشركة واهتزاز وضعيتها المالية التي مست برأسمالها ورقم معاملاتها.
الوضعية المالية الخطيرة لسوناكوس، كشفت عنها أيضا وثيقة رسمية للقرض الفلاحي، حصلت “أخبار اليوم” على نسخة منها، دق من خلالها مفتشو ومدققو حسابات البنك الفلاحي ناقوس الخطر، بعد أن أعلنوا التراجع المستمر لرأسمال الشركة، بفعل التدهور القوي لأسهمها المالية، التي انخفضت بنسبة 80 في المائة خلال ثلاث سنوات الأخيرة، حيث تراجعت من 207 مليون درهم سنتي 2015 و2016، إلى 40 مليون درهم سنتي 2017 و2018، بسبب تراكم العجز المالي كل سنة بنسب تراوحت ما بين 19 مليون درهم و136 مليون درهم و31 مليون درهم على التوالي، مما تسبب في تراجع رأسمال الشركة الخاص إلى الربع.
إعفاء متأخر
لكن السؤال الذي يبقى غامضا هو ما هي الأسرار والدوافع الحقيقية لإقالة لغريط من منصبه لأنه سؤال بقي معلقا خصوصا، وأن مصادر من داخل وزارة الفلاحة ومن “سوناكوس”، كانت تتوقع محاسبة هذا الأخير أولا على الوضعية المالية الكارثية التي أصبحت تعيشها الشركة قبل إعفائه.
بعد شهرين سوف يبادر عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، يوم الخميس 4 يوليوز 2019 بأكادير، بعقد اجتماع مجلس رقابة الشركة الوطنية لتسويق البذور.
قام خلالها المجلس بالوقوف على حالة مخزون البذور والتدابير التي اتخذتها سوناكوس، وبادر الوزير بإعطاء تعليماته لهذه الأخيرة من أجل تحسين نموذجها الاقتصادي وتدبير المخاطر، من أجل تعزيز دورها الاستراتيجي تماشياً مع آفاق ومتطلبات القطاع. كما تمت مطالبة سوناكوس بتعزيز جهودها فيما يخص تقليص التكاليف وتحسين التنافسية وقدراتها التجارية لتحسين الولوج إلى منتجاتها وتنويع أنشطتها، لاسيما فيما يخص تسويق الأسمدة.
تدبير المخاطر في مجال حساس مرتبط بتأمين الأمن الغذائي للمغاربة، الذي يشغل بال المسؤولين عن الفلاحة، لا يقل أهمية من كون القطاع الفلاحي بشهادة الجهات الرسمية هو بمثابة الدعامة الأساسية للأمن الغذائي، لكنه بالمغرب لم يعرف الاستقرار المطلوب، فقد وضعت لأجله عدة سياسات انطلاقا من سياسة السدود ومرورا ببرامج التقويم الهيكلي، وانتهاء بمخطط المغرب الأخضر، والقطاع لا يزال يعاني من نواقص هيكلية منها ممارسات فلاحية مختلة فرضتها البنيات العقارية والاجتماعية، وتجزئة المزارع وضعف استخدام الأسمدة والبذور المختارة والمكننة، زيادة على أن المناخ لم يكن في صالح الفلاحة في المغرب، هنا سيواجه الأمن الغذائي تحديات على مستوي الديمغرافية والماء وتدهور التربة والتغير المناخي.
كان لافتا جدا أن قرار إدراج الشركة الوطنية لتسويق البذور في لائحة المؤسسات المدمج خوصصتها، هو إجراء سيضرب في العمق سيادة الدولة في الاستراتيجية الغذائية وسيفتح المجال لمؤسسات دولية ل”التلاعب” بقطاع البذور، ووضع المغرب تحت وصاية مؤسسات دولية مجهولة الاسم ومصادر الأموال وتوجهاتها السياسية تجاه قطاع البذور، الذي يعتبر دعامة قطاع الحبوب الذي مازال المغرب يعتمد فيه على الواردات ولا يحقق الاكتفاء الذاتي، زيادة على التقلبات الكبيرة في أسعار الحبوب العالمية والتهديدات المتوقعة على أسواق الاستيراد بحلول عام 2030، والخطر المرتبط بتوفر الكميات المعروفة للبيع من قبل البلدان الرئيسية المصدرة للحبوب، ومن ناحية أخرى إمكانية حدوث صدمات في الأسعار ناتجة عن قانون الإمداد والتموين والطلب في السوق العالمية، وكل هذا يؤكد أن المغرب ليس ببلد فلاحي بالنسبة للحبوب على عكس الخضر والفواكه الذي يحقق الاكتفاء الذاتي.
هذا الكلام جاء في تقرير رسمي أنجزه قضاة جطو، أكد خطر تبعية القطاع للبذور ذات الأصل الأجنبي، وأنه لاحظ هيمنة الأصناف الأجنبية المسجلة التي تعود إلى عدة سنوات مضت، إضافة إلى عدم إدراج أصناف محلية جديدة من بذور الحبوب الخريفية في السجل الرسمي المغربي منذ سنة 1997 إلى حدود سنة 2010.
تم التنبيه في تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلي خطورة الاعتماد الخارجي على البذور لما قد يؤدي إلى المساس بسيادة الدولة بأمنها الغذائي. هذا التوغل الخارجي للبذور المستوردة يظهر جليا من خلال السماح لشركة (انظر المجلس الأعلى للحسابات) بيعها بأكثر من 80 في المائة من نسبة البذور للموزعة.
وهذا التواطؤ يظهر جليا من خلال فرض وصايتها على طريقة الاستيراد، لأن الشركة ملزمة بتصدير البذور من الجيل G1، حيث بذلك ستمكن الشركة الوطنية لتسوق البذور من إنتاج جيلG2 ، ثم جيل G3جيلG4 وجيلR1 الذي يوزع للفلاح، هنا ستتقلص تكلفة الإنتاج وستسمح للشركة من الاستمرارية في الإكثار لمدة تفوق 10 سنين. أما الطريق الحالية في استيراد الكمية الكبيرة من جيلG4 ، حيث يبقي المغرب رهينة في عملية إكثار البذور دائما إلى الشركة المصدرة زيادة على التكلفة الباهظة.
لهذا السبب أصبحت قضية الأمن الغذائي وتوفير الغداء، قضية سياسية وطنية تمس سيادة الدولة، يفرض تدخلها من خلال إعطاء الأهمية لبرامج البحث الزراعي وتطوير بذور محلية عالية الإنتاج، تتحمل الظروف المناخية المحلية، خاصة المياه، الزيادة في الإنتاجية في المناطق البورية، مما يضعف التغلب على أوجه القصور في استراتيجية الأمن الغذائي في مجال البذور في مخطط المغرب الأخضر، واعتبار خوصصة الشركة الوطنية لتسويق البذور خطا أحمر، حتى تتمكن من أداء دورها بالكامل في تطوير الإمدادات الزراعية والمساهمة بفعالية في تلبية الاحتياجات الغذائية بالمغرب ومحاربة الفقر والهشاشة، وتعمد أنشطتها الفلاحية إلى تحسين محددات الأمن الغذائي على المدى البعيد.
بالرجوع إلى الوضعية التي نبه إليها قضاة مجلس جطو، خرج بيان موجه إلى وزير الفلاحة والصيد البحري يطلب منه “فتح تحقيق في مالية الشركة والصفقات المشبوهة”، موقع من طرف المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية لمستخدمي الفلاحة بتارودانت التابع للاتحاد المحلي، المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يتحدث هو الآخر عن “ارتفاع في المديونية الخانقة”، بسبب ما وصفه ب”مشاريع وهمية وصفقات الغرض منها تحقيق مصالح وأهداف خاصة”، البيان تحدث عن اختلالات بالجملة تعاني منها سوناكوس أياما قبل إعفاء لغريط، “أخبار اليوم” سوف تسلط الضوء في هذا التحقيق على جزء منها.
اختلال المعالجة
سيتحدث بيان النقابة عما وصفه ب “أكبر عملية تسميم جماعية في تاريخ المغرب وفي حق المغاربة من طرف الشركة الوطنية لتسويق البذور SONACOS)) التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري”، عبر معالجة بذور الشعير وبذور البقوليات والعلفيات بمبيدات غير مرخص لها من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، حيث أنه في بداية كل سنة فلاحيه ومنذ مجيء رئيس الإدارة الجماعية سنة 2009، والمعفي مؤخرا، تقوم الإدارة المركزية لشركة سوناكوس بإبرام صفقات تخص مبيدات لمعالجة البذور المختارة التي يتم بيعها للفلاحة، وبعد ذلك تقوم ببعث إرساليات للمراكز الجهوية لمعالجة جميع بذور بهذه المبيدات ونخص بالذكر مبيد LUDIK ومبيد SPECTROEXTREME ومبيدFUNGICID . وفي نص البرقية يتم التأكيد على أنه صالح لمعالجة جميع البذور بدون استثناء بهذه المبيدات، في الوقت الذي يجب فيه تطبيق ما جاء في النص الإرسالية، نظرا لأن الإدارة المركزية هي من قامت بإبرام الصفقة وهي من تأكدت إن هذه المبيدات صالحة لمعالجة جميع البذور عبر الشواهد التي يتم الإدلاء بها، خاصة (وثيقة المصادقة ATTESTATION D'HOMOLOGATION).
مباشرة بعد مجيء الرئيس الجديد في يوم 06 ماي 2019 وبعد تفحصه للصفقات المبرمة، اكتشف أن هذه المبيدات هي صالحة فقط لمعالجة بذور القمح.
حسب البيان الذي رفعه المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية لمستخدمي الفلاحة بتارودانت، المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فإن معالجة جميع البذور بهذه المبيدات بدون استثناء (بذور الشعير وبذور البقوليات والعلفيات) يتم دون التوفر على رخصة المصادقة (attestation 'homologation) التي تخص صلاحية التأشير على سلامة هذه البذور، فإن هذا الإجراء قد يحمل تهديدا لصحة المواطنين وصحة الحيوانات والنبات والبيئة، تؤدي إلى أمراض مستعصية العلاج ويعرض صاحبه للعقوبات الإدارية والمتابعات القضائية )ملحقة 13 دليل المكتب الوطني للسلامة الصحية من أجل المصادقة على ملف المبيدات الموجهة إلى استعمال الفلاحي، حيث ينجم عن هذه الممارسات إعادة تصنيف المخزون إلى صنف أقل أو رفضه من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية لمنتجات الغذائية، مما يترتب عنه خسائر مادية وخسارة الدعم المقدم للقطاع من طرف الدولة (الدعم أثناء الشراء ومنحة التخزين وتكملة سعر البيع)، وكذلك إلى ضياع الجهود التي بذلت لسنوات من أجل إنتاج البذور، حيث إن المعالجة بهذه المبيدات غير المرخصة يعتبر سببا من أسباب رفض المخزون، حيث يضعف قوته الإنباتية مما يؤدي إلى رفضه من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية. وتقدر الكميات الهائلة التي تم رفضها ب 700قنطار وتم منحها على شكل هبات لمحميات القنص المؤجرة أو إعادة تصنيفها منذ مجيء الرئيس الجديد وتقدر هذه الخسائر بما يفوق مئات ملايين الدراهم.
مثال آخر للرفع من قيمة الصفقات هو الرفع من مادة الفوسفين الصالحة لمعالجة البذور من 6 حبات إلى 8 حبات في الطن، دون احترام الكمية المسموح بها (ملحقة رقم 6 تبين الرفع من حبات المبيد)، وبالمناسبة فهذه المادة تدخل في المواد التي تستعمل في السلاح الكيمائي دون الحديث عن المخاطر الناتجة عن استنشاقها من طرف المستخدمين والعمال عند عملية المعالجة وتأثيرها على البذور وعدم توفر المراكز الجهوية على الآلات التي تسمح بالكشف المبكر عن تسريبات هذه المادة، وهذا ما أكده تقرير مجلس الأعلى للحسابات، عندما تحدث عن عدم وجود وسائل حفظ المخزون وقدم المباني وتوفر الشركة على بنية تحتية لتخزين مواد أخرى غير صالحة للبذور. كما أنه تستعمل مخازن المراكز في آن واحد في عملية التوضيب ومعالجة الإنتاج، ناهيك عن تواجد الآلات في نفس مستودعات تخزين البذور، مما يشكل انبعاث الغبار وتناثر البذور وخطر إصابتها وتعرضها للقوارض وعوامل تهدد التخزين السليم للبذور. بالإضافة إلى ذلك، فإن مراكز التخزين لا تتوفر على الوسائل الكفيلة للحفاظ على جودة البذور ولا على الوسائل التي من شأنها أن تحول دون خطر إصابة البذور أو الحرائق ولا على وسائل مراقبتها وحراستها، زيادة على ضعف القدرة التخزينية ومخاطر تدني جودة البذور المخزنة في الهواء الطلق، حيث أن التخزين في الهواء الطلق من شانه أن يهدد جودة البذور لكونها عرضة للتقلبات المناخية خاصة أن الأمكنة المخصصة في الهواء الطلق.
من بين الملفات التي تثير أكثر من علامة استفهام، هو ما أقدم عليه المدير السابق من “بيع 80ألف قنطار من البذور المختارة المرفوضة المعالجة، لأنه في كل سنة يتم إعادة تصنيف المخزون إلى صنف أقل أو يتم رفضه من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فعوض أن يتم إبرام صفقات الهدف منها الحصول على مواد لمعالجة بذور مصادق عليها وتوفير ظروف ملائمة للتخزين وتوفير الوسائل الكفيلة بالحفاظ على جودة البذور والوسائل التي من شأنها أن تحول دون مخاطر إصابة البذور ووسائل مراقبتها ودراستها، وذلك لتفادي رفضها عن طريق رفض القوة الإنباتية يتم إبرام صفقات الهدف منها الرفع من قيمتها.
فقدان قدرة الإنبات
في السنة الفلاحية 2018/2017 تم رفض جزء من المخزون البذور المعالج يقدر ب 80 ألف قنطار، وذلك بناء على تحاليل القدرة على الإنبات. وفي جميع السنين يتم منح البذور المرفوضة كهبات لمحميات القنص المؤجرة بناء على طلب من الأخيرة، وذلك لكون هذه البذور غير صالحة للأكل البشري أو الحيواني وكونها غير صالحة كبذور.
غير أنه في إطار الاختلالات التي عرفتها سوناكوس وأقر بها قضاة جطو، قام الرئيس السابق للإدارة الجماعية، ببيع هذه البذور المعالجة بمادة كيماوية لها تأثيرات خطيرة، إن هي تم استعمالها بطريقة غير سليمة لصاحب مطحنة بقيمة 80 ألف قنطار، ولم يتجاوز ثمن بيع القنطار الواحد 150 درهما للقنطار، أقل من ثمن حبوب السوق الصالحة للأكل، مما يهدد سلامة المواطنين، في غياب قيام الشركة بأي احتياطات رغم علمها بخطورة فعلها، وللتغطية على هذا الفعل، تم استعمال وثيقة صادرة من المكتب الوطني للسلامة المنتجات الغذائية بناء على طلب تقدمت به شركة في عهد غرياط لضمان قانونية هذه العملية. والحال أن جواب المكتب الوطني للسلامة المنتجات الغذائية كان واضحا. حيث إن نص جواب برقية المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يؤكد أنه غير مسؤول عن أي اتجاه لهذه البذور من غير زرعها في المراعي، مما يستوجب اتخاذ الإجراءات المناسبة للتأكد من أنه تم زرعها في المراعي ولم يتم طحنها للاستهلاك البشري والحيواني. والسؤال المطروح كيف يعقل أن يتم شراء كمية تقدر ب 80 ألف قنطار لزراعتها في مراعي الصيد ومحميات القنص؟ وكيف للشركة أن تقبل ببيع هذه الكمية الكبيرة وتقوم بضرب عرض الحائط بوثيقة رسمية، وهي شهادة المكتب الوطني للسلامة الصحية. فما هي الإجراءات التي قامت بها للحيلولة دون إمكانية ذهاب هذه الكمية إلى الاستهلاك البشري أو الحيواني، خاصة أنها تعلم أن صاحب الصفقة هو صاحب مطحنة كبيرة؟. مع العلم أن الشركة تعي جيدا خطورة هذه البذور المعالجة، حيث بذور البطاطس المعالجة عندما يتم رفضها كبذور صالحة، فوجب الإتيان بآلات طمر TRAX، من أجل حفر حفرة كبيرة لدفنها ودهسها في التراب، وذلك تفاديا لاستهلاكها من طرف الإنسان والحيوان، وهي العملية التي من الواجب أن يشرف عليها أطر من المصلحة الجهوية والمركزية للشركة.
وعلاقة بعملية شراء 80 ألف قنطار بدعوى زراعتها في مناطق القنص يستوجب الإدلاء بعقدة البرنامج المؤطرة لهذه العملية، ومنطقة القنص، وعملية الزراعة، وتحرير محضر السلطات المحلية وخاصة مصالح المياه والغابات المسؤولة الوحيدة قانونيا عن التسيير والحفاظ علي المجال الغابوي. وهو المحضر الذي يجب الإشارة فيه إلى جميع التفاصيل الخاصة بعملية الزرع، ومنها (الكمية، والمساحة، تاريخ الزرع)، ويشار إلى أن الشخص الذي اشترى هذه الكمية وقع التزاما أنها سوف تكون مخصصة حصريا من طرفه في عملية زرع مناطق القنص، ولا يمكنه في جميع الأحوال استعمالها في مآرب أخرى، وهو الأمر الذي ينبغي متابعته من طرف مصالح “سوناكوس” للتأكد من مدى احترام المعني بالأمر القوانين الجاري بها العمل في هذا الإطار.
حسب مصادر مقربة من المندوبية السامية للمياه والغابات، فقد وضعت استراتيجية لعملية القنص تقوم على عقدة برامج موقع مع جمعية القنص، والتي تتضمن مجموعة من البنود، التي تشدد على ضرورة المحافظة على المراعي وعلى الوحيش الموجود في هذه المراعي، ومن بين هذه العمليات حفر آبار في منطقة القنص، وتوفير الكلأ للوحيش عبر زراعة بذور النباتات، وإطلاق طرائد في الوقت المحدد للقنص وغيرها من العمليات المحافظة على البيئة والوحيش، وهذه العمليات تكون مؤطرة بمرسوم موقع من طرف المندوب السامي للمياه والغابات، الذي يحدد فيها مساحة منطقة القنص عدد السنوات الذي يجب أن لا يتعدى 5 سنوات في كل عقدة وعمليات المحافظة على البيئة والوحيش الخاص بكل منطقة. وهذه العمليات تختلف من كل منطقة إلى أخرى وحسب نوع الطرائد التي ستقنص في كل منطقة، فهناك مناطق يستوجب فيها القيام بعملية للزرع ومناطق أخرى يطلب فيها القيام بعمليات أخرى كإطلاق الوحيش (الحجل البري والأرنب البري).
قامت الشركة بالاستفادة من الدعم المقدم من طرف الوزارة بكمية تقدر ب 15 ألف قنطار من البذور المختارة أنتجت في سنة 2015 ولم يستفد منها الفلاح برسم الموسم الفلاحي 2017 – 2018. حيث أنه تم بيعها والتخلص منها في الوقت الذي كان من المفروض أن تباع في بداية الموسم.
وتم البيع لنفس الشخص الذي يتوفر على مطحنة بثمن زهيد 235 درهما للقنطار، في حين أن ثمنها يفوق 330 درهما، وتمت عملية البيع والإخراج في أبريل وماي 2018، ولم يستفد الفلاّحة من زراعتها في بداية موسم الزرع، زيادة على هذا، ثمن البيع كان زهيدا أقل من ثمن حبوب السوق الصالحة للأكل، مما يهدد سلامة المواطنين إذا تم طحن هذه البذور ولم تقم الشركة بأي احتياطات رغم علمها بخطورة فعلها.
حجم الخسائر
كشف مجلس جطو في تقارير سابقة، أن مراكز شركة “سوناكوس” تشتغل بمسار توضيب البذور، يرجع إلى السبعينات دون تحسين في نموذج التشغيل. حيث أن بوادر نمو الشركة مع بداية مخطط المغرب الأخضر والاستثمار في مراكز جديدة، لم يتبعها تحديث عملياتها وإدخال تقنيات مبتكرة للرقي بمركز الإنتاج إلى مرتبة محطة بذور حديثة. وفي الواقع، فقد صممت المراكز الجديدة على نحو المراكز القديمة، مع الإبقاء على المفهوم القائم على تسليم شبه كلي للإنتاج في أكياس، واللجوء المكثف لليد العاملة الموسمية لحملها وتفريغها.
ينجم عن إعادة تصنيف المخزون إلى صنف أقل أو رفضه من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية خسائر مادية وأرباح ضائعة لشركة “سوناكوس”. لكن في غياب محاسبة تحليلية تأخذ بعين الاعتبار جميع التكاليف والنفقات، يتم احتساب الخسائر المسجلة بناء فقط على الفروق بين أسعار بيع البذور وقيمة تثمينها. وبالإضافة إلى الخسائر المادية، فإن المخزون غير الموافق عليه يؤدي أيضا إلى خسارة الدعم المقدم للقطاع من طرف الدولة (الدعم أثناء الشراء، ومنحة التخزين، وتكملة سعر البيع)، وكذا إلى ضياع الجهود التي بذلت لسنوات لإنتاج البذور.
خلال كل موسم فلاحي، يقوم المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية برفض جزء من مخزون البذور المعالجة، وذلك بناء على نتائج تحليل القدرة على الإنبات. إثر ذلك، يتم منح البذور المرفوضة كهبة لمحميات القنص المؤجرة، مما يتسبب في خسارة مالية لشركة “سوناكوس” تعادل تكاليف الشراء. بالفعل، فقد بلغت الخسارة الإجمالية ما يزيد عن 35 مليون درهم خلال المواسم الفلاحية الستة سالفة الذكر، منها 14 مليون درهم همت موسم 2014-2015، الذي سجلت برسمه البذور المرفوضة والمعالجة أحجاما مهمة بكمية وصلت إلى 27.347 قنطارا، وبالإضافة إلى هذه الخسارة المالية، فإن الكمية التي لم تتم الاستفادة منها منها، وهي 66.000 قنطار، عادلت كمية البذور التي تكفي لزراعة مساحة تقدر بحوالي 50.000 هكتار و500 آر.
ظروف غير ملائمة
تتميز أغلبية مباني المراكز الجهوية التابعة لشركة “سوناكوس” بقدمها وعدم ملاءمتها للتخزين السليم للبذور، باستثناء تلك التي تم بناؤها حديثا، أو التي تمت توسعتها.
كما أنه تستعمل مخازن المراكز في آن واحد في عمليات التوضيب ومعالجة الإنتاج، وكذلك من أجل التخزين، وتتواجد الآلات في نفس مستودعات تخزين البذور. وينطبق ذلك أيضا على المراكز الحديثة التي لا تفصل بين مستودعات التخزين وأماكن التوضيب والمعالجة. ويشكل انبعاث الغبار وتناثر البذور وخطر إصابتها أو تعرضها للقوارض عوامل تهدد التخزين السليم للبذور. بالإضافة إلى ذلك، فإن مراكز التخزين لا تتوفر على الوسائل الكفيلة بالحفاظ على جودة البذور، ولا على الوسائل التي من شأنها أن تحول دون مخاطر إصابة البذور أو الحرائق، ولا على وسائل مراقبتها وحراستها.
مكنت دراسة القدرة التخزينية للمباني المستعملة من طرف الشركة من إبراز طاقتها المحدودة، خاصة خلال المواسم الأخيرة، حيث ارتفع المخزون بشكل كبير، مما نتج عنه اللجوء بشكل مكثف إلى التخزين في الهواء الطلق، في الوقت الذي نجد فيه المجلس الأعلى للحسابات يشدد في تقريره عن “سوناكوس”، على ضرورة أن يتم الحفاظ على الجودة المصادق عليها فيما يخص بذور الحبوب إلى حين اقتنائها من طرف الفلاح. فإنه في المقابل يتم التخزين في الهواء الطلق لمدة طويلة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يهدد جودة هذه البذور لكونها عرضة للتقلبات المناخية، كما تشهد على ذلك محاضر معاينة تلف المخزونات، خاصة أن الأمكنة المخصصة للتخزين في الهواء الطلق والمستعملة في بعض المراكز توجد في حالة سيئة، كما هو الحال فيما يتعلق بمراكز فاس والروماني وملحقة مراكش وبركان. في هذا الإطار، تم بناء عدة مراكز جهوية جديدة غير صالحة للتخزين، وذلك لتواجدها بأماكن قريبة من الرطوبة العالية التي لا تعد صالحة بتاتا لتخزين البذور وبمبالغ عشرات ملايير السنتيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.