كيف لا يكون السخط على الكوطة وهي التي تتعارض في الشكل والمضمون وحتى في السياق الغليظ مع سياسة الدولة التي تنهج هذه الأيام «جنوب - جنوب» وتتطلع لضم شركاء جدد وبلدان إفريقية جديدة لصفنا، وحسم أم المعارك التي يعرفها ويعلم الجميع من تكون. كوطة 10 مباريات التي تشبه الفيزا والمفروضة على كل من يرغب في اللعب بالمغرب، قرار رياضي لكنه لم يدرس باقي الجوانب غير الكروية المحيطة به، ولا حالة القنط والإمتعاض وحتى التذمر التي خلفها لدى لاعبين أفارقة ظلوا يعتبرون المغرب الحضن الدافئ ويصفوه بالبلد الصديق الذي يأويهم من جوع ويأمنهم من ضياع، باستحضار عديد النماذج الطويلة التي عبرت من هنا، فلا هي كانت نجوما ساطعة ببلدانها ولا هي كانت دولية بالكوطة. لكم أن تذكروا أن الوداد احتضن ذات يوم صاروخا سينغاليا عابرا للقارات إسمه موسى نداو، وما كان يومها نداو أسدا من أسود تيرانغا حين كان عبدولاي طراوري النجم الأوحد بهذا المنتخب، ومعه ابراهيما وفاسيلي الذي لم يكن الروس يعرفون أنه لاعب كرة فأبدع هنا. لعب أكوسطا بجمعية الحليب وحمل رقم 10 ومن كان يحمل العشرة بمنتخب الطانغو يومها هو مارادونا، ولعب منصاح وكوفي للرجاء ولم يحلما في يوم بمنافسة عبيدي بيلي على مكانه بمنتخب غانا، ولعب مايغا ولم يمكن دوليا ولعب زياد التلمساني وابراهيم عدا والحراس بلميلود وإيفان وديالو وحتى أوصمان الجديدة وخوسي وسيفيرو بالكاك ولم يكن أحد منهم دوليا. ولوقت قريب لعب إيفونا بالوداد وهو ليس دوليا وربح لقب الهداف وعبر لمصر ومنها للصين وما زالت الوداد تربح من ورائه الكثير، كما ربح طرافا مع شباب المحمدية لقب الهداف وهو ليس دوليا ولم يكن في ذلك الزمن الجميل لا كوطة ولا جواز جمركي غير الفطرة والموهبة التي كان يلج من خلالها كل هؤلاء المبدعون بلا استئذان لقلوب الجمهور المغربي. رحل أندرسون وغوصو غوصو وجلبا للوداد ملايين بلا كوطة دولية، واليوم مرتضى فال مرشح للذهاب ويضمن للوداد مليارا وليس من أبناء الكوطة، وقبله رحل كوياطي من الكوكب للعب بلشبونة البرتغالي ليواجه ريال مدريد بعصبة الأبطال، وهو من لم يعرف يوما طريقا لمنتخب مالي. لو نحن طبقنا معيار الكوطة فهذا يعني سد الطريق أمام أفواج من المواهب الإفريقية التي تعطي للبطولة ملحا وللبلد وعاء تدخله كل الجنسيات الشقيقة بما يتيح أكثر من إمكانية لتعميق أواصر التآخي والإرتباط. ولو نحن صدقنا كوطة لاركيط فستصبح البطولة فضاء لاستقبال لاعبين دوليين من جيبوتي وسيشل وساوطومي و جزر القمر كما يحدث حاليا مع الحسيمة، لأنه لن يفكر لاعب واحد من الكامرون أو كوت كيفوار وحتى غاناومالي بأكثر من 10 مباريات في بطولتنا ويترك الليغا والكالشيو التي لا تفرض عوائق ولا فيزا ولا حواجز جمركية في وجه سيقان اللاعبين. مع كوطة لاركيط ديبالا الأرجنتيني الأيقونة الجديدة المرشحة لتعويض ميسي والذي يلعب في الكالشيو غير مؤهل للعب معنا لأنه ليس في جعبته 10 مباريات، وخيسي الذي رحل لباريس غير مؤهل بدوره ليلعب مع قصبة تادلة لأنه لم يلبس قميص منتخب إسبانيا ل 10 مباريات وعديد نماذج السخرية السوداء كثير وكثير جدا. أطلعت على تسجيل صوتي مؤثر للاعب المالي كوياطي قال من خلاله للسيد لقجع «إنه المغرب وليس الجزائر، هنا نحس بالأمان بينكم فرجاء أعيدوا النظر في الكوطة، لأنه كي تلعب لمنتخب إفريقي فالموهبة لا تكفي بل تحتاج للتقرب من دائرة القرار». قالها كوياطي ورحل، لكن صدى رسالته إخترق جدران وصماخ أذن الغيورين ليس على الكرة والبطولة المغربية فحسب، بل على ما تم إنجازه بدبلوماسية راعي البلد الذي اجتهد كثيرا لاحتواء بلدان ظلت خارج سرب الدعم وأظهر المغرب إزاءها أريحية غير مسبوقة تحاول هذه الكوطة المسخوطة نسف ما شيدته.