على غير ما وعدت به جامعة الكرة من أن الحسم في هوية المدرب المقبل للمنتخب الوطني لن يتأخر، فإن حلقات هذا المسلسل لا يبدو أنها ستنتهي، علما أن تصفيات الدور الأول لكأس العالم2010 على الأبواب. والحقيقة أن الجامعة وهي تضع في السباق النهائي لتدريب المنتخب ستة مدربين مغاربة، قد نجحت في الهدف الذي رسمته، وهو تحويل الأنظار عنها وزرع بذور الفتنة بين المدربين، وبدل أن يكون السؤال الحارق هو متى ستستقيل الجامعة، فإنه أصبح من يكون المدرب المقبل؟، دون أن تدرك الجامعة أنها وهي تختار عن قصد أن تطيل حلقات هذا المسلسل، فإنها سترمي بكرة ملتهبة في مرمى المدرب المقبل قد تحرقه وتشعل النار في ما تبقى من أشلاء المنتخب الوطني، لذلك فإن الجامعة التي فشلت في الدفع بالكرة المغربية قدما، وفي صنع الفرح للجمهور المغربي ستكون قد نجحت في شيء ما على الأقل حتى لو كان يتعلق بمؤامرة قذرة حول مستقبل منتخب يحمل آمال وأحلام شعب بأكمله. وكما نجحت الجامعة في أن تدفع المدربين المغاربة إلى إشهار السيوف ضد بعضهم، كما لو أن الأمر يتعلق بحرب معلنة، فإنها نجحت أيضا في كشف حقيقة عدد من أعضائها، الذين لم يترددوا في السر والعلن في ذبح بادو الزاكي المدرب السابق للمنتخب. وإذا كانت عودة الزاكي مطلبا شعبيا، بالنظر لما حققه مع المنتخب الوطني في نهائيات كأس إفريقيا بتونس 2004 عندما بلغ المباراة النهائية، فإن ما بدا غريبا ومستفزا ومنتهى التسطيح الفكري أن يعتبر البعض أن الاجتهاد في البحث عن هوية المدرب المقبل ورصد الاتجاه الذي تسير نحوه بوصلة الجامعة، «تسويقا محكما للإشاعات»، وأن إعطاء الفرصة لكل التيارات لتعبر عن وجهة نظرها «خيانة عظمى» و«غيابا للنضج» في التعامل مع «لحظة مداولة»، مع أن المفروض أن يتم الحديث عن المرشحين الستة بنفس الطريقة. إنه منطق الإقصاء الذي يحكم تفكير كثيرين ممن ينصبون أنفسهم هيئة دفاع عن هذا المدرب أو ذاك، ولا تتردد في أن ترافع بالنيابة، فقط لأن رأيا يخالف أهواءها ويخالف ما يعتبرونه «خصوصيات المرحلة». أما البعض الآخر، فقد اختار الدفاع عن الجامعة واختياراتها بوجه مكشوف، ويأتون اليوم ليقدموا الدروس. للأسف فمن استعملوا بالأمس فزاعة للضغط على المدرب الوطني امحمد فاخر، ومن ظلوا يضعون أمامه العراقيل ويخنقون فرحته في عز الانتصارات التي كان يحققها مع المنتخب، ومن ظلوا وسيلة لجس النبض ولرمي بالونات الاختبار وساهموا في عودة هنري ميشيل يريدون اليوم أن يكونوا أوصياء على الجميع، من مسيرين وجامعة وصحافة وودادية مدربين، يا سبحان الله. إنهم قبل أن يسيئوا لأنفسهم، يسيئون للزاكي، ويخلقون له أعداء جدد.