جاء إقصاء المنتخب الوطني من تصفيات كأس إفريقيا للاعبين المحليين ليضيف حلقة جديدة في مسلسل الخيبات، وليؤكد بالملموس أن الكرة المغربية تسير نحو الهاوية، وأن القائمين على تدبير الشأن الكروي أثبتوا إفلاسهم. فمن المسؤول عن هذا الإقصاء الذي أسقط آخر أقنعة الزيف؟ووجه ضربة قاصمة لكرة مغربية لاتكاد تمسح آثار هزيمة حتى تجد نفسها أمام إخفاق أكبر. عندما أقصي المنتخب الوطني في الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا بغانا وخرج من الباب الضيق لكأس كان المغاربة يعولون عليه كثيرا لمحو إخفاق السنوات الماضية، لم تتردد جامعة الكرة في محاولة امتصاص غضب الشارع المغربي. وعندما هدأت فورة الغضب قال مسؤولو الجامعة، إن الكرة المغربية في حاجة إلى أطر أجنبية، وفرنسية بالتحديد لبدء سياسة كروية حقيقية تعتمد التكوين عصبا لها. جاءت الجامعة بالفرنسييين روجي لومير مشرفا عاما على المنتخبات الوطنية وببيير مورلان مديرا تقنيا، وكان الهدف بحسب مسؤولي جامعة الكرة نهج سياسة تقنية وطنية واضحة المعالم. بيد أننا لم نعثر لهذه السياسة التقنية على أثر، فالمدربون المغاربة الذين قالت الجامعة إنها ستتعاقد معهم للإشراف على تدريب المنتخبات الوطنية، سرعان ما وجهت لهم الجامعة الإهانة تلو الأخرى، فالطوسي اختار الرحيل نحو العين الإماراتي ليعمل مديرا عاما للنادي بعد أن أعياه الانتظار وتلكؤ الجامعة، أما السكتيوي فأدرك أن الراتب الشهري الذي خصصته له الجامعة لايوازي حجم العمل الذي ينتظره، بل إنه كان أقل بكثير من الراتب الذي كان يتقاضاه في أولمبيك أسفي، في الوقت الذي نبتت في رؤوس المسؤولين أشواك بسبب لحية جمال السلامي خفيفة الحرث لذلك فبدل أن يقولوا له إن تواجده غير مرغوب فيه في المنتخب المحلي، فقد عرضوا عليه راتبا مساويا لذلك الذي كان يتقاضاه بالرشاد البرنوصي بالقسم الثاني، أما هشام الإدريسي فلم تجد الجامعة أي حرج في أن تخصص له راتبا شهريا لايتجاوز 5000درهم. وعندما وجدت الأطر الوطنية أن الجامعة لم تكن في مستوى ما تعهدت به، فإن الأخيرةالتجأت للمدرب السابق عبد الله بليندة ليقود المنتخب المحلي رغم أن الرجل غاب عن ساحة التدريب الدولي منذ 14 سنة. فهل بمدرب بمرجعية قديمة يمكن لجامعة الكرة وللفرنسيين مورلان ولومير أن يصنعا التغيير، وان يدفعا بالكرة المغربية قدما؟ قطعا لا، فكرة اليوم ليست هي كرة الأمس. ثم بماذا يفسر لنا الحرس القديم للجامعة، كيف أن منتخبا محليا ضمن تأهله للدور الثاني بقي طيلة أشهر بلا مدرب، علما أن المسؤولين كانوا يعرفون أن مباراة ليبيا على الأبواب، وانها تحتاج لإعداد خاص حتى يكون اللاعبون جاهزون لخوض المباراة. لكن الجامعة، بدا أنها تتعامل مع هذا المنتخب بمنطق خاص وبأن «لي جا يقضي»، لذلك فلا أحد يعرف من كان يختار لائحة اللاعبين. إن إقصاء المنتخب المحلي لايتحمل مسؤوليته المدرب عبد الله بليندة، وإنما الذين جاؤوا به، كما أن إقصاء المحليين ليس إلا حلقة لمسلسل طويل اسمه خيبات الكرة المغربية، بدأ بتواضع الأندية الوطنية وغيابها عن التتويج في الكؤوس الإفريقية وتواصل بإقصاء منتخب الشبان والأولمبي وتواضع منتخب الفتيان، والخروج الصاغر للمنتخب الأول من نهائيات كأس إفريقيا للأمم. لذلك فالإقصاء لم يكن مفاجئا، لكن المفاجئ هو تمسك مسؤولي جامعة أعلنت إفلاسها بالبقاء في دفة التسيير، دون أن يعيروا اهتماما للأصوات المطالبة بالتغيير.