لايزال مشكل النقل الحضري بولاية الرباط-سلا معلقا بعد أيام قليلة من المواجهات بين شركتي الراحة وبوزيد حول استغلال الخط رقم 55 الرابط بين المدينتين، والتي خلفت خسائر جسيمة تضررت منها الشركة الأولى نتيجة تعرضها للرشق بالحجارة وافتعال مصادمات في الشارع بين الحافلات التابعة للشركتين، الأمر الذي أدى إلى جرح بعض الراكبين في مدينة سلا. وعلمت «المساء» من مصادر مطلعة أن الولاية ستعقد اجتماعا عالي المستوى الأربعاء المقبل لدراسة هذا الملف، بعد اللقاء الذي رعته قبل أسبوعين تقريبا بين الشركتين المتنازعتين بهدف المصالحة بينهما ولم يسفر عن نتيجة. وقد شكلت أزمة النقل الحضري في مدينة سلا أهم النقاط في جدول أعمال دورة يناير الأخيرة لمجلس مقاطعة احصين، إثر المصادمات العنيفة التي حصلت خلال الأيام الماضية، وبعد توصل المجلس بعريضة من السكان تحمل مئات التوقيعات للمطالبة بإرجاع الخط رقم 55 لاستئناف عمله بعد توقيفه من قبل السلطات بذريعة عدم قانونيته. وقال مصدر من مجلس المقاطعة ل«المساء» أمس إن الدورة توقفت بسبب أزمة النقل الحضري عموما في المدينة وتردي الخدمات المقدمة من قبل الشركة الوحيدة التي كانت تحتكر هذا المرفق بسلا، وهي شركة بوزيد للنقل الحضري، التي انتهت المدة الزمنية لدفتر التحملات الموقع بينها وبين السلطات الوصية قبل ثلاث سنوات دون أن يخضع للتجديد. وأضاف المصدر أن المستشارين والمنتخبين وجهوا عريضة ساكنة المدينة إلى والي الرباط-سلا-زمور-زعير للمطالبة بإرجاع الخط رقم 55 الذي كان سبب اندلاع النزاع بين شركتي الراحة وبوزيد، وقال إن ذلك الخط يتجاوب مع مصالح المواطنين ذوي الدخل المحدود وخاصة فئة الطلبة والتلاميذ، كونه يقطع مسافة طويلة بين سلاوالرباط ويوفر على مستعمليه الوقت والمال. وعاد الخط المشار إليه إلى استئناف عمله، لكن بطريقة وصفها المصدر بالمحتشمة، في انتظار التسوية النهائية لملف النقل الحضري الذي وصفه بالشمولي. وفي اتصال ل«المساء» بأحد المسؤولين بشركة الراحة للنقل الحضري، كشف أن السلطات تقوم بتوقيف حافلات الخط 55 ونقلها إلى المستودع يومي السبت والأحد، ثم تفرج عنها صبيحة الاثنين لكي لا يكون هناك ضغط على حركة النقل الحضري بالمدينتين، ووصف ما تقوم به السلطات ب«المسرحية والفوضى»، وقال إن ذلك يؤثر على أداء الشركة وعلى نفسية المواطنين والعاملين، خصوصا وأنه يتم سحب رخصة السياقة من السائقين لكي يتم إرجاعها إليهم صبيحة الاثنين لاستئناف العمل، مضيفا قوله إن «مسؤولي الشركة المنافسة يدفعون الرشاوى للسلطات للتضييق على حركة حافلات الخط رقم 55 وهذا تواطؤ غير مقبول». وتلقت «المساء» نسخة من العريضة التي رفعها سكان قرية أولاد موسى وسلاالجديدة إلى الوزير الأول ووزير الداخلية ووزير العدل ووالي الرباط-سلا-زمور-زعير وعمدة مدينة سلا ورئيس مقاطعة احصين، يطالبون فيها باستمرار الخط رقم 55 في العمل لكونه «حل مشكلة التنقل بالنسبة للمرضى وزائريهم بمستشفيات السويسي والطلبة والموظفين والعمال». وقال يوسف الغربي، عضو مجلس مقاطعة احصين عن حزب العدالة والتنمية، في تصريحات ل«المساء»، إن مشكلة النقل الحضري في سلا أن صلاحية دفتر التحملات الموقع بين الشركة المستغلة والولاية قد انتهت قبل ثلاثة أعوام، وأن اشتغال الحافلات يتم بدون مرتكز قانوني، وتساءل عن سبب التأخر في دفع جميع الجماعات في الرباطوسلا وتمارة إلى تأسيس «مجموعة الجماعات» لتدبير ملف النقل الحضري الذي يعيش أزمة خانقة، وذلك وفقا للفصل 79 من الميثاق الجماعي الذي يخول الجماعات إنشاء تلك المجموعة في ما بينها، لتدبير مرفق من المرافق الكبرى ذات العلاقة بمصالح السكان مثل النقل والنفايات، وطالب بإشراك الجماعات في وضع «التصميم المديري للتنقلات» الذي يضع التشخيص التقني لحركة التنقل حسب حاجيات السكان والكثافة السكانية. وكانت قضية التصميم المديري للتنقلات قد طرحت عام 2004 مع موضوع تدبير مطرح أم عزة الذي فوض فيما بعد إلى وكالة تهيئة وادي أبي رقراق. وكانت ولاية الرباط-سلا-زمور-زعير قد فتحت عام 2006 عروض أثمان لتدبير النقل الحضري في الولاية أمام الشركات الأجنبية، ويجري التفاوض حاليا -حسب مصادر من مجلس مدينة سلا- بين الولاية وثلاث شركات أجنبية، هي ألسا الإسبانية، وكيوليس وفيوليا الفرنسيتين، غير أن المصدر قال إن هذا الأمر ليس من اختصاص الولاية بل هو من مهام مجموعة الجماعات التي لم يتم إحداثها حتى اليوم رغم المطالب المتكررة من قبل المنتخبين بإحداثها، الأمر الذي يظهر الارتجال الذي يطبع تدبير ملف النقل الحضري، سواء تعلق الأمر بالحافلات أو بالطاكسيات الصغيرة والكبيرة أو بمشروع الترامواي.