أوقفت وزارة الداخلية الأشغال بعدة مدن أسابيع قبل الانتخابات حتى لا يتم استغلال تلك الأشغال من طرف بعض المرشحين، وخاصة رؤساء الجماعات. قرار يبدو حكيما، لكنه جاء متأخرا لأن معظم تلك الأشغال كان بالإمكان برمجتها قبيل أشهر من الانتخابات وكان على وزارة الداخلية أن تحدد آجالا لذلك، لكنها لم تفعل. بالعاصمة الاقتصادية مثلا، دامت الأشغال بكورنيش عين الذئاب أزيد من سنة وانتهت شهرا واحدا قبل الانتخابات أو بالأحرى انتهى جزؤها الظاهر.. لأن العمال مازالوا هنا وهناك من أجل اللمسات الأخيرة. وما استرعى انتباه البيضاويين هو اختلاف الإنجاز مع ما تم الإعلان عنه من خلال صور إشهارية لتهيئة الكورنيش. وهكذا اختفى ما كان يفتخر به أعضاء مجلس المدينة ويقدمونه على أنه حدائق ونافورات أندلسية تمتد على طول الكورنيش وتم تعويضها بأغراس، وهم بذلك عجزوا عن تقليد ما أنجز بشارع محمد السادس بمراكش من نافورات متناسقة مع الأغراس، ثم أخلفوا وعدهم مع البيضاويين الذين تحدثوا طويلا عن هاته النافورات، والأخطر من ذلك أنه تسربت أخبار مفادها أن ميزانية النافورات قد صرفت رغم أنها لم تر النور. تأتي مثل هاته الأخبار عشية الانتخابات. انتخابات ترشح فيها عمدة الدارالبيضاء بمقاطعة عين الشق سيدي معروف وخص هذه المنطقة في ملصقاته بصور أسماها «منجزات»، وهي عبارة عن طرقات وتزفيت هنا وهناك... وما أثارني فعلا، وأنا من سكان هذه الدائرة الانتخابية، أن ملصقات ساجد تتحدث عن «مدار سيدي معروف»، أي ملتقى طرق المدينة والمطار وسيدي معروف وعين الشق بأنه من إنجازات المجلس الجماعي! والواقع أن مدار سيدي معروف أو مدار مرجان هو فعلا تحفة وقمة الإنجازات! فهذا المدار هو تجسيد حي لفوضى المرور بالدارالبيضاء مع أنه الأكثر كثافة بالعاصمة الاقتصادية، ومع ذلك فمجلس المدينة الذي يرأسه ساجد لم يستطع إنجاز أكثر من «ضَوْ احمر» يخلق الفوضى وسط المدار أكثر مما ينظم السير. وسبق لمجلس المدينة ورئيسه ساجد أن وعدوا بإنجاز ممر تحت أرضي منذ صعودهم لتدبير شؤون أكبر مدينة بالدارالبيضاء، لكن معاناة السكان لم تزدد إلا سوءا. ولنبق في دائرة العمدة، فأزقتها سواء التي تضم أحياء شعبية أو فيلات متوسطة هي أشبه بمناطق منكوبة أو بؤر للحروب ويطلق عليها السكان بغداد قبل أن ينضاف إليها اسم غزة كذلك. وإذا عدنا للكورنيش، فإن الأشغال المنجزة تبرز اختلالات واضحة وكأن مصالح المراقبة غائبة أو «مغيبة» بينما تقاضت المقاولات المشتغلة على المشروع مستحقاتها. فمازالت بعض الحفر هنا وهناك وبالوعات بعمق متر دون غطاء، وهذا يشكل خطورة كبيرة على المارة وشقوق بدأت تظهر على الرصيف الذي فتح أمام العموم قبل ثلاثة أسابيع فقط! وإذا كان هذا هو حال المشروع الأبرز بالبيضاء، الذي يتابعه البيضاويون عن كثب، فما بالك بالمشاريع التي أطلقت بالأحياء الشعبية وأطراف المدينة، أما متابعة شركات التدبير المفوض فتلك حكاية أخرى ويكفي السيد العمدة أن يقوم بجولة انتخابية في دائرته وتحديدا بحي المستقبل بسيدي معروف ليرى بأم عينيه أن شاحنات التدبير المفوض لجمع النفايات لا تمر إلا إذا «رَشْقَات ليها» والنتيجة أن أطنانا من الأزبال تتوسط الأزقة وصارت تؤثث ديكور هذا الحي الذي يجاور مركب «كازا شور» الذي يضم أرقى الشركات وينظم به مسؤولو البيضاء زيارات لوفود أجنبية للتباهي.. !