أثار حكم قضائي، صادر عن المحكمة الإدارية الابتدائية بالرباط، يقضي بإلغاء قرار إداري لوزير الصحة السابق، محمد الشيخ بيد الله، كان هذا الأخير قد وقعه قبل عامين وعزل بوجبه رئيس مصلحة بمستشفى الولادة بالمركز الاستشفائي ابن سينا، أزمة كبيرة داخل وزارة الصحة والأطباء العاملين بالمركز الاستشفائي، حيث وقعوا عريضة موجهة إلى وزيرة الصحة الحالية ياسمينة بادو يتشبثون فيها بالرئيسة الحالية للمصلحة، في الوقت الذي يرى فيه الطبيب المعزول أنه يتوفر على حكم قانوني بإلغاء قرار عزله، ويطالب بالعودة إلى منصبه السابق، الأمر الذي خلق نوعا من الارتباك في وزارة الاستقلالية بادو، باعتبار أن قرار المحكمة الإدارية يعد سابقة قضائية هي الأولى من نوعها. والمثير في هذه القضية أن القرار الوزاري الذي وقعه بيد الله، وزير الصحة السابق، يعود تاريخه إلى فبراير 2006، يقرر فيه بيد الله وضع حد للمهام الموكولة إلى الطبيب المعني بالأمر ابتداء من ذلك التاريخ، بناء على حيثيات واردة في القرار، الذي تتوفر«المساء» على نسخة منه، إلا أن المعني بالأمر الذي شمله قرار العزل لم يطعن في القرار داخل الأجل القانوني الذي ينص عليه قانون المحاكم الإدارية، وهو ستون يوما، وبعد ثمانية أشهر تقدم للمشاركة في مباراة اختيار رئيس المصلحة التي عزل منها، مما يعني أنه لا يستنكر قرار العزل، وبعد إخفاقه في الفوز برئاسة المصلحة انتظر ستة أشهر أخرى لكي يطعن أمام المحكمة الإدارية في القرار الوزاري، بعد تجاوز الأجل القانوني المنصوص عليه ب 14 شهرا. وقالت مصادر من المركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط ل«المساء» إن الطاعن حجب تاريخ قرار العزل عن المحكمة الإدارية، بينما لم تقم هذه الأخيرة بفتح تحقيق في الموضوع للتأكد من تاريخ القرار وقانونية الدعوى بالطعن لإلغائه، رغم أن الأجل القانوني يعد من النظام العام ويثار تلقائيا، حسب ما أقر به الاجتهاد القضائي المغربي. ومما زاد الطين بلة تقاعس مديرية التنظيم والمنازعات في الرمق الأخير من ولاية الوزير السابق عن حضور أطوار القضية في المحكمة الابتدائية وإحجامها عن استئناف الحكم، رغم كونه ضدها، الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام. وأمام هذا الواقع أكد الأساتذة الأطباء العاملون بالمصلحة رفضهم التام لأي مساس بالوضع الإداري لرئيسة المصلحة الحالية، خصوصا وأنها أبانت، حسب تعبيرهم، عن مؤهلات إنسانية وعلمية، وأن عملهم كأساتذة ضمن فريق بحث علمي يتنافى أخلاقيا مع فرض رئيس لهذا الفريق عبر مقرر قضائي بهذه الملابسات، حيث يعتبرون أن الوضع الإداري لرئيسة المصلحة سليم من الناحية القانونية، بحيث لا يمكن نظريا أن يتأثر إلا بطعن بالإلغاء سابق لتاريخ تعيينها، أو طعن لاحق في هذا التعيين خلال أجل ستين يوما، وهذا غير متوفر في هذه النازلة، مما يستحيل معه أن تشملها الآثار القانونية لهذا الحكم. وعلمنا بأن فروع نقابة التعليم العالي بكليات الطب، فاس ومراكش والرباط والدار البيضاء، أثارت هذه الأزمة مع وزيرة الصحة ياسمينة بادو، حيث أكدت هذه الأخيرة بأنها على علم بكل حيثيات الملف وملابساته القانونية، ووعدت بحل ناجع للمشكل، بما يضمن حسن سير هذه المصلحة، وحقوق الأطباء والمرضى. وتبقى الأنظار متجهة، في هذا الملف المثير قضائيا، إلى محكمة الاستئناف الإدارية، بعدما استأنفت رئيسة المصلحة الحالية والمركز الاستشفائي الحكم، بانتظار قرار المحكمة الذي يعول عليه من أجل إعادة الأمور إلى نصابها.