توفي ثلاثة رضع في ظرف أسبوع واحد بدوار آيت علي وسو بجماعة آيت يحيى في عمالة ميدلت متأثرين بنزلات البرد التي أصيبوا بها أمام عجز أسرهم عن تطبيبهم. وفارق هؤلاء الرضع الثلاثة (باعدي خديجة وقجيجي يوسف وهناشي زكرياء)، الحياة بعد موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة وهو ما تسبب لهم في الإصابة بالزكام الشديد مما عجل بوفاتهم، حسب تصريحات أفراد من عائلاتهم ل«المساء»، فيما يوجد رضيع رابع في حالة غيبوبة بسبب الأعراض نفسها التي تسببت في هلاك الرضع الثلاثة، حيث نقل هذا الرضيع الذي يسمى المزعبوب إلى مدينة الرشيدية من أجل إخضاعه للعلاج، حيث يوجد في «غرفة الإنعاش» بعد إصابته بنزلة برد شديدة، يقول عمه لحسن زعبوب ل«المساء». وعانى الرضع الثلاثة من ارتفاع في درجة الحرارة والسعال وضيق في التنفس وسيلان أنفي شديد، كما لم تتجاوز مدد مرض الأطفال الثلاثة، حسب أفراد من عائلاتهم، أسبوعين على الأكثر، بعدما اضطرت الأسر إلى الاستعانة بالتداوي الشعبي أمام عجزها عن التنقل نحو جماعة آيت يحيى التي تبعد عنهم بحوالي ثمانية كيلومترات، وذلك أمام تنبؤهم المسبق، حسب المصادر ذاتها، بأنهم سيعودون «خاويي الوفاض» من المستوصف الموجود بهذه الجماعة لأنه سيتعذر عليهم الحصول على الأدوية مجانا، بل إنهم قد يتحملون عناء الانتقال دون أن يجدوا من يستقبلهم، خاصة أن بعض الحالات تتم إحالتها على مستشفى الرشيدية علما أن الأسر يتعذر عليها الانتقال إلى هذه المدينة، نظرا لأن المستشفى لا يمكنه أن يستقبل مرافق الرضيع. وأمام هذا الوضع، فإن أغلب الأسر «تفوض أمرها لله» وتكتفي بالتداوي التقليدي إلى أن يشفى الطفل أو يفارق الحياة وهو ما حصل مع الأطفال الثلاثة الذين هلكوا بسبب «غياب التطبيب»، يضيف لحسن. وأكدت العديد من المصادر بالمنطقة، في اتصالات مختلفة مع «المساء»، أن حملة طبية تم تنظيمها على مدى يومين خلال الأسبوع الجاري غير أنها تبقى «محدودة الجدوى»، حسب المصادر ذاتها نظرا لأنها لا تتجاوز استشارة بسيطة وإعطاء المرضى بعض الأدوية «التي لا تنفع كثيرا»، تقول المصادر ذاتها بالدوار المذكور، من قبيل الشراب «سيرو» و»كبسولات»، وأنها «ترقيعية» لأن المنطقة في حاجة إلى خلق مستوصف بالمنطقة ومستشفى إقليمي نظرا لبعد الجماعة عن مدينة ميدلت بحوالي 140 كيلومترا مثلما يبعد عن مدينة الراشيدية، علما أن العامل الطبيعي والمادي يبقى أهم المعيقات التي تحول دون ولوج السكان إلى العلاج. كما ربطت المصادر ذاتها مرض الأطفال بانعدام المتابعة الصحية خلال فترة الحمل لعدد كبير من الأمهات، مما يشكل سببا مهما، تضيف المصادر ذاتها، في إصابة أطفال هذه المناطق بأمراض مختلفة والتي تكون أحيانا كثيرة مميتة. وطالبت المصادر ذاتها الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الصحة، بالاهتمام بهذه المناطق من خلال خلق مؤسسات صحية وتمتيع المرضى بالتغطية الصحية من أجل تسهيل الولوج إليها اعتبارا لعامل الفقر، أو على الأقل تنظيم مستشفيات متنقلة تكون موسمية على الأقل خلال الفترة الممتدة من شهر يناير إلى شهر ماي بسبب البرودة التي تسجل بهذه المناطق. ولأخذ وجهة نظر رسمية في هذا الموضوع اتصلت «المساء» بمجموعة من المسؤولين بمندوبية الصحة بإقليم ميدلت، لكن دون يرد على اتصالاتنا أي شخص، كما أن «المساء» حاولت أخذ تصريح مندوب الصحة، لكن قيل إنه في اجتماع، كما اتصلت الجريدة بالمدير الجهوي للصحة بجهة مكناس تافيلالت غير أنه رفض مدها بأي تصريح نظرا لوجوده في اجتماع وقطع الخط معها قبل أن يغلق الهاتف بشكل نهائي. كما تعذر على «المساء» أخذ رأي وزارة الصحة لتضمين روايتها بهذا الخصوص حيث ظلت مختلف هواتف بعض المسؤولين الذين اتصلت بهم «المساء» صباح أمس الأربعاء ترن دون مجيب. ويذكر أن مصدرا ذا صلة بمدينة ميدلت رفض الكشف عن نفسه أفاد بأن لجنة خاصة من مندوبية الصحة بميدلت انتقلت صباح أمس نحو جماعة آيت يحيى لأجل هذا الأمر ولتقديم العلاج لبعض المرضى بهذه المناطق شبه النائية، يضيف المصدر ذاته.