إثر التساقطات الثلجية الكثيفة التي تعيشها العديد من دواوير وقرى إقليمخنيفرة، خصوصا بمناطق آيت حنيني وتكراكرا وأقانتريت وتفراوت أومرابض وأموزا وأنفكو وأنمزي، وتغدوين وأغدو وتركيست وتونفيت وإيتزر وبومية ، وأجدير وسيدي يحيى أوسعد، فكل المؤشرات تقريبا تدل على أن الأوضاع بهذه المناطق تتجه نحو كوارث إنسانية من خلال الأخبار المؤلمة الواردة من هناك، وليس أقلها حالة الحصار المضروب على العديد منها بالثلوج، إضافة إلى الخبر المرعب الذي أكد نفوق حوالي 230 رأسا من الماعز والغنم بآيت حنيني، المنطقة التي وجدت فيها العديد من الأسر نفسها في العراء جراء انهيار منازلها، إذ بينما سجل تهدم خمسة منازل، أشارت مصادرنا من عين المكان إلى وضعية منازل أخرى مهددة بالسقوط في أية لحظة، فيما اضطرت بعض الأسر إلى مغادرة منازلها خوفا من وقوعها فوق رؤوسهم. وأفادت مصادرنا من آيت حنيني أن الدراسة تعطلت في عدم التحاق التلاميذ بمدارسهم على خلفية الحصار الثلجي الذي تسبب في عزل السكان عن العالم الخارجي، شأنهم شأن آبائهم الذين لم يتمكنوا من التسوق للتزود بالحاجيات والمواد الأساسية، وبالمواد الغذائية وحطب التدفئة. وعلى بعد ستة كيلومترات من آيت حنيني، تقع قرية أومزا هذه التي ظلت محاصرة لعدة أسابيع بالثلوج المتراكمة، ولا وسيلة أمام سكانها للعبور نحو العالم الخارجي غير الدواب، وهي القرية التي حطمت فيها نسبة الأمية الرقم القياسي، كما لا تتوفر لا على كهرباء ولا مستوصف ولا مدرسة. وتضيف مصادرنا من آيت حنيني أن السكان المتضررين اتصلوا بشيخ القبيلة لأجل أن يقوم بدوره في إبلاغ السلطات المعنية بالأوضاع، إلا أن هذا العون السلطوي تعامل مع أمرهم -كعادته- باستخفاف مثير للاستنكار، كما أفادت ذات المصادر أن بعض السكان لجؤوا إلى خليفة قائد جماعة سيدي يحيى أوسعد في سبيل إيجاد حل للوضع الإنساني الذي تعانيه منطقة آيت حنيني، ففوجئوا به وهو يطلب منهم الالتزام بما يفيد أنهم لم يسبق لهم أن أشعروا السلطة المحلية بموضوع الوضعية، وليس من المستبعد أن يكون هدفه من وراء ذلك هو التهرب من المسؤولية، والتستر بالتالي على الموقف المتخاذل لشيخ القبيلة، وزاد الخليفة فحدد مع السكان موعدا لزيارة منطقتهم ولم يكن مرتقبا أن يخل بموعده في استهتار مهين، الأمر الذي حمل السكان على التقدم بطلبات مؤازرة إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنها إلى التشديد على مطالبة عامل الإقليم، من خلال جريدتنا «الاتحاد الاشتراكي»، بالانتقال إلى مناطقهم للوقوف عن كثب على الحقيقة، والسهر بنفسه على وضعيتهم المزرية التي تحتاج إلى إغاثة عاجلة لإنقاذ أرواحهم وأطفالهم ومواشيهم من الهلاك، ولا أحد هنا ينسى بسهولة «فاجعة أنفكو» التي تجاوز فيها عدد الضحايا 35 طفلا ورضيعا. ويشار إلى أن التساقطات الثلجية بإقليمخنيفرة تسببت في إغلاق العديد من الطرق والمسالك، خاصة منها المؤدية إلى ميدلت وبومية وتونفيت وأغبالو وإيتزر، وبينما لم يفت عدة جمعيات محلية بالمناطق المحاصرة بالثلوج التحذيرمن مغبة تردي أوضاع السكان، كانت خنيفرة قبل أيام قليلة قد سجلت نزول أزيد من عشر حافلات قادمة من فاس ومكناس باتجاه الرشيدية وميدلت ومدن جنوبية غيرها، عبر مدينة آزرو، حيث وقع ركابها في «ورطة» أمام إخبار سائقي هذه الحافلات من طرف المصالح المختصة بأن الطريق المؤدية إلى الرشيدية مغلقة بالثلوج، الأمر الذي أجبر الركاب على تحويل الاتجاه إلى خنيفرة التي طلبوا بها «اللجوء الإنساني» لاستحالة إتمام رحلتهم، فاتخذت السلطات الإقليمية قرارا يقضي بإيوائهم وإطعامهم، وبينهم نساء وأطفال، تم توزيعهم جميعا على مراكز اجتماعية وخيرية، وكانت خنيفرة تلك الليلة أشبه ب»ثلاجة بلا حدود» تحت رحمة موجة صقيع وبرد قارس.