من المنتظر أن يوجه منتدى الحقيقة والإنصاف رسالة، مذيلة بآلاف التوقيعات، إلى الملك محمد السادس تطلب منه فيها «استعمال الإمكانيات المخولة له دستوريا من أجل المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري». وتنبه الرسالة أيضا إلى أن «المغرب من بين البلدان التي تعرف هذه الظاهرة بنوع من التواتر»، كما تشير إلى أن «ظاهرة الاختفاء القسري تتضمن انتهاكات مركبة وتشكل تحديا لحقوق الإنسان». ويوجد من بين الموقعين على اللائحة المرفقة بالرسالة ثلاث شخصيات دولية حائزة على جائزة نوبل و150 منظمة من مختلف أنحاء العالم. وتأتي هذه الرسالة في إطار مبادرة تبناها الائتلاف العالمي ضد الاختفاء القسري، حيث ستتم مراسلة العديد من رؤساء الدول من أجل حثهم على المصادقة عليها. وأكد محمد الصبار، رئيس منتدى الحقيقة والإنصاف، أن مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لمحاربة الاختطاف «باتت أمرا ملحا في ظل التردد الذي تتعامل به الدولة مع هذا الملف». وأضاف الصبار، في تصريح ل«المساء» على هامش اللقاء الذي نظمته تنسيقية عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري أول أمس بالرباط، أن «النتائج التي أعلنت عنها هيئة الإنصاف والمصالحة تبقى غامضة وعاجزة عن توضيح مصير عدة ضحايا»، مؤكدا أن «احتواء هذا الملف يمر عبر المصادقة على الاتفاقية التي ستضمن الحماية للمواطن وتمكن من النهوض بحقوق الإنسان، من خلال توفير الإمكانيات للضحايا من أجل التظلم وإلزام الدولة باعتماد آليات التحقيق». من جهة أخرى، أكد المشاركون في هذا اللقاء الذي يأتي تزامنا مع تخليد اليوم العالمي للمختطف أن الضغط سيستمر من أجل إجبار الدولة المغربية على تبني الاتفاقية وتطبيق مقتضياتها التي تضع حدا للإفلات من العقاب وتلزم الدولة بإجراءات وقائية، منها وضع كل شخص محروم من حريته في مكان رسمي وتسجيله في سجل وتمكينه من الاتصال بعائلته ومحاميه. وأكد مصطفى الصوليح، أستاذ جامعي شارك في اللقاء، أن «أعداد المختفين بالمغرب تتجاوز بأضعاف تلك المعلن عنها» وأن «المؤسسات الأمنية بالمغرب مازالت تتحايل على القانون الدولي في ظل غياب المساءلة»، وأضاف الصوليح: «مادام هناك من يستثنى من المساواة أمام القانون فلا يمكن الحديث عن مشروع ديمقراطي»، كما طالب بأن يعاد النظر في مفهوم الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري. وفي السياق ذاته، قال الحسين بوفوس، شقيق محمد بوفوس الذي مازال مصيره مجهولا منذ اختطافه سنة 1967، إن «الوقت قد حان لتظهر الحقيقة ويتم تقديم المسؤولين عن جرائم الاختطاف والاختفاء القسري إلى المحاكمة»، ووجه الدعوة إلى الإسراع بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية المجتمع من الاختفاء القسري ودعا الدولة إلى الكشف عن مصير الضحايا وتعويض عائلاتهم. وتم خلال هذا اللقاء، الذي تميز بحضور عدد من أهالي الضحايا وفاعلين حقوقيين، عرض شريط وثائقي حول ضحايا الاختطاف والمسؤولين عنه والذين جاء على رأسهم كل من الجنرال حسني بن سليمان والجنرال حميدو العنيكري، إضافة إلى مسؤولين في فترات «سنوات الرصاص»، مثل الجنرال أوفقير والبصري والدليمي، كما تضمن الشريط الذي جعل الحضور يعيش لحظات مؤثرة صورا لأشهر المعتقلات السرية، من بينها دار المقري وتازمامارت، قبل أن يختتم بعبارات تعلن خيبة أمل عائلات ضحايا الاختفاء القسري وتطالب بحل الملفات العالقة ومحاسبة المسؤولين عنها. وكان المغرب قد وقع على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري إلى جانب 57 دولة، فيما صادقت عليها أربع دول فقط هي ألبانيا والأرجنتين والهندوراس والمكسيك.