دعا التحالف العالمي ضد الاختفاء القسري، من خلال رسالة وجهها، أول أمس، إلى وزير الخارجية والتعاون طيب الفاسي الفهري، الدولة المغربية إلى إظهار التزامها بحماية حقوق الإنسان من خلال المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وقال دافيد هاردي منسق التحالف، الذي يضم نحو 40 جمعية تمثل عائلات المختفين ومنظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، في هذه الرسالة: «سنكون سعداء جدا إذا أخبرتنا السلطات المغربية بالتاريخ الذي ستصادق فيه على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري»، خاصة أن المغرب أكد في مناسبات عديدة أنه لا توجد عراقيل تحول دون المصادقة على اتفاقية كان من أوائل الموقعين عليها. وتأتي دعوة التحالف الدولي الرباط للمصادقة على الاتفاقية، بعد دعوة مماثلة كانت قد وجهتها هيئات حقوقية مغربية، إلى الملك محمد السادس والوزير الأول عباس الفاسي، في 31 غشت الماضي، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الاختفاء القسري. إلى ذلك، قال محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، إن الرسالة تندرج في إطار الحملة الدولية التي يقودها التحالف العالمي في شهر مارس، وتستهدف الضغط من أجل إسراع المغرب بالمصادقة على الاتفاقية الخاصة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري. وأشار الصبار، في تصريح ل«المساء»، إلى أن «المنتدى كحركة للضحايا وباعتبارنا عضوا فاعلا في التحالف العالمي، عمدنا إلى توجيه رسالة في غشت الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للاختفاء القسري، إلى ملك البلاد نطالبه فيها بالمصادقة على هذه الاتفاقية بالنظر إلى ما يمنح له الدستور من إمكانية المُصادقة على الاتفاقيات الدولية، لكن لحد الآن نحن مازلنا ننتظر ردا على رسالتنا، وكلنا أمل في أن يصادق عليها المغرب في أقرب وقت». وتؤاخذ الحركة الحقوقية على الدولة المغربية ترددها في المصادقة على اتفاقية ساهمت في إخراجها إلى حيز الوجود، ووقعت عليها توقيعا أوليا في 6 فبراير 2007 بباريس. وبالنسبة لرئيس نقابة ضحايا سنوات الجمر والرصاص، فإنه: «ليس هناك أي مبرر على الإطلاق لعدم المصادقة على اتفاقية كان المغرب من أوائل الموقعين عليها، بالنظر إلى ما تتضمنه من قواعد حمائية للتصدي لظاهرة فظيعة كالاختفاء القسري، التي تتضمن انتهاكا لحقوق عدة كالحق في الحياة والحرية والسلامة الجسدية». وتابع قائلا «يبدو لي أن هناك غيابا لإرادة سياسية حقيقية من أجل طي صفحة الماضي، لأن الاتفاقية المذكورة تشكل تدبيرا من بين تدابير عدة يتعين مباشرتها للحيلولة دون ما وقع في بلادنا خلال سنوات الجمر والرصاص». من جهته، قال عبد الحميد أمين، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ل«المساء» إن «تردد المغرب عن المصادقة على الاتفاقية مفهوم على اعتبار أنه لم يقطع نهائيا مع الاختفاء القسري، وما يرافقه من انتهاكات جسيمة وتعذيب، من هنا تأتي أهمية ممارسة المزيد من الضغوط على الدولة المغربية من أجل حملها على المصادقة على الاتفاقية»، مشيرا إلى أن الجمعية ستلجأ إلى أساليب نضالية بالتشاور مع مختلف مكونات الحركة الحقوقية الوطنية، وكذا مع المنظمات الدولية المهتمة بقضية الاختفاء القسري. وكانت الجمعية قد اعتبرت، في بيان صادر عنها في 30 غشت الماضي بمناسبة اليوم العالمي للاختفاء القسري، أن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، أبقى ملف الاختفاء القسري مفتوحا في 66 حالة، وفي حالة الشهيد المهدي بنبركة، والحسين المانوزي، وعبد الحق الرويسي وغيرهم، محملة الدولة مسؤولية تفعيل توصيات لهيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها المسؤولة الأولى والأخيرة عن ذلك. واتهمت الجمعية، التي تعتبر أن الرقم الحقيقي للمختطفين مجهولي المصير يعد بالمئات، «المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بعدم قدرته على تفعيل أغلب توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وضمنها تلك المتعلقة بالاختفاء القسري، واكتفاء رئيسه بالتعتيم وتضليل الرأي العام بإعلانه أن الملف سيتم الانتهاء منه مع متم سنة 2008». وأضافت:«سنعمل من أجل إسماع صوتنا للدولة المغربية ونضعها أمام مسؤوليتها، لاسيما أنها التزمت بعد انتهاء أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة باحترام حقوق الإنسان، كما كان الشأن مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فضلا عن أن المسؤولين المغاربة لا ينفكون في تصريحاتهم في المحافل الدولية يؤكدون على احترام حقوق الإنسان في المستقبل، والذي لن يتحقق، في نظرنا، إلا عبر المصادقة على هذه الاتفاقية وباقي الاتفاقيات الدولية التي لم يصادق عليها».