وجه المنتدى العالمي المُناهض لظاهرة الاختطاف السرّي، نداء إلى الناشطين الحقوقيين دعاهم فيه إلى مخاطبة رؤساء وملوك دول العالم، لحثِّهم على الإسراع بالمصادقة على الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية الأشخاص من هذه الظاهرة. "" والمنتدى المغربي وباعتباره عضوا في المنتدى العالمي، واستجابةً للنِّداء، تولّى توجيه مذكِّرة للعاهل المغربي الملك محمد السادس حاملة (بالإضافة إلى توقيع المُنتدى)، توقيع العشرات من الشخصيات العالمية، وفي مقدّمتهم القِسّ ديزموند توتو من جنوب إفريقيا وبعض الشخصيات الحائزة على جائزة نوبل للسلام، إضافة إلى شخصيات ذات وزن في عالم الفنّ والأدب والسينما. ويطلب المُنتدى المغربي من الملك محمد السادس مصادقة المغرب على الاتفاقية، التي كان له كدولة، دور في إعدادها وإخراجها إلى النور، لتُصبح اتفاقية دولية، إلا أنه حتى الآن لم يصادق عليها، إذ لم تناقش في مجلس حكومي ولم تُقر في مجلس وزاري ولم تُعرض على البرلمان للمصادقة عليها. الإنتهاكات لا زالت قائمة.. المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، منظمة حقوقية مستقِلة تأسّست في نهاية تسعينات القرن الماضي لتجمع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن بينها ما تعرّضوا له من اختطاف واختفاء قسري، وهي ظاهرة كانت سائدة في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي أو ما عُرف بسنوات الرّصاص المغربية، وراح ضحيتها العشرات الذين لم يُعرف مصير بعضهم حتى الآن. وتُقِر مختلف الجهات المغربية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، أن المغرب عرف خلال العقد الماضي، تطوّرا إيجابيا هامّا وملموسا في هذا المجال، إن كان من خلال الدّور الذي لعبته هيئة الإنصاف والمصالحة من عقد مناظرات لتقديم الضحايا وعائلاتهم لشهاداتهم عن معاناتهم وما تعرّضوا له من انتهاكات على يدي السلطة أو التعويضات وجبر الضّرر لهؤلاء أو الكشف عن مصير العشرات الذين كان مصيرهم مجهولا، والأهم، غياب ظاهرة الاختفاء القسري من المشهد المغربي، أما على الصعيد التشريعي، فقد أقر البرلمان قانون تحريم التعذيب وتجريمه. ورغم هذا التقدّم، فإن المنظمات الحقوقية المغربية لا زالت تتحدّث عن انتهاكات تُمارسها السلطات الأمنية التي تلاحِق التيارات الأصولية المتشددة، إن كان في الاختطاف للمشتَبه بهم أو الإخفاء أو التعذيب الذي يتعرّضون له أثناء التحقيق معهم. كما أن هذه المنظمات، ومن بينها المنتدى من أجل الحقيقة والإنصاف، تعتبر أن طي صفحة الماضي والمصالحة لا تكتمل تماما، إذا لم يكشف عن مصير جميع ضحايا الاختفاء القسري، ومن بينهم الزعيم المهدي بن بركة، مؤسس اليسار المغربي الحديث، الذي اختطف واغتيل في العاصمة الفرنسية باريس يوم 29 أكتوبر 1965 على أيدي مسؤولين أمنيين مغاربة كِبار بالتعاون مع المخابرات الأميركية والموساد الإسرائيلي وعملاء من المخابرات الفرنسية، وكذلك الحسين المانوزي، أحد نشطي اليسار الراديكالي الذي اختطفته المخابرات المغربية من تونس أوائل سبعينات القرن الماضي ولم يُعرَف مصيره حتى الآن. حملة دولية وسابقة مغربية كما تؤكِّد هذه المنظمات على ضرورة محاسبة مرتكِبي هذه الانتهاكات، كضمانة لعدم التِّكرار في المستقبل. ويقول أحمد الصبار، الأمين العام للمنتدى المغربي "نحن كحركة للضحايا وباعتبارنا عضوا فاعلا في الائتلاف العالمي، عمدنا إلى توجيه هذه الرسالة، عِلما بأن الملك يمنح له الدستور إمكانية المُصادقة على الاتفاقيات الدولية"، (هذه الإمكانية مشروطة بعدم وجود برلمان، وأن لا تحمل ميزانية الدولة عِبئا ماليا). وأوضح أن إطار هذه الرسالة، هو الحملة الدولية التي يقودها الائتلاف العالمي ضِمن خطّة موحّدة، تستهدف الضغط من أجل الإسراع بالمصادقة على الاتفاقية الخاصة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، كما أن توجيه هذه الرسالة ليس اختيارا خالصا، بل هو قرار جماعي لمكوّنات الائتلاف العالمي. وإذا كانت هذه المذكّرة الأولى التي يوجِّهها المنتدى للملك باعتباره جمعية حقوقية ضِمن الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، فإنه كان يتوجه، "كلما اقتضت الضرورة، إلى مكاتبة المسؤولين الحكوميين ومكاتبة صنّاع القرار، بمن فيهم البرلمانيون، في سعي منا، إما إلى لفت انتباه المسؤولين إلى انشغالاتنا أو لأجل تقديم مطالبنا إلى الجهات التي نقدِّر أن لها المؤهلات الدستورية والمؤسساتية لحل المشكل". أحمد حرزني، الناشط الحقوقي ورئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (حكومي) قال لسويس انفو إنه "من الصعب الإدلاء بتصريح بخصوص مذكّرة موجهة إلى جلالة الملك ولا أريد أن أتطفل وأعطي رأيي فيها، لأنها لم توجّه للمجلس أو عن طريق المجلس". ونفى حرزني أن يكون توجيه المنتدى مذكّرة للملك تجاوزا للمجلس، وقال "ليست لدينا مشكلة مع توجيه مذكرة مثل هذه، لأنه من حق أي مواطن مغربي أو مؤسسة مغربية أن تتوجه إلى القصر الملكي مباشرة، كما أنه من الطبيعي أن لا توجّه المذكرة للمجلس أو عن طريق المجلس، لأن المنتدى العالمي قرّر توجيه المذكّرة إلى السلطات التنفيذية، وليس الاستشارية". موقف مغربي إيجابي وواضح وحول المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، أكد حرزني أن للمجلس وأيضا للمغرب كدولة، موقف إيجابي واضح من هذه الاتفاقية التي لعب دورا هامّا وفعّالا باعتراف الجميع بوضعها، وأن عدم المصادقة عليها حتى الآن، ليس تحفظا او تسويفا بقدر ما هو بسبب العمل التنفيذي الذي هو "ربما بطيئ شيئا ما"، وأكد أنه لا اعتراض لدى المغرب الرّسمي على الاتفاقية والمصادقة عليها. وأكد رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، نجاح المغرب في القضاء على ظاهرة الاختفاء القسري، وقال "الصحافة وبعض الجهات تتحدّث من حين لآخر عن اختطافات أو عن اختفاء قسري، وهذا غير دقيق"، مشيرا إلى أن المقصود، ربما هو فترة الحِراسة النظرية (أوالإيقاف التحفظي أو الإحترازي) في بعض الحالات، إذ تُحترم أحيانا ولا تحترم أحيانا أخرى، وفي هذه الحالة، يجب توصيف الخلل أو الانتهاك بدقّة والتدليل عليه بحُجج مقبولة، حتى يتسنّى للمجلس متابعة الحالة. وقال حرزني "إن إطلاق الأحكام هكذا وإطلاق بعض التوصيفات دون تدقيق، ربما يضر ليس فقط بسمعة المغرب وإنما أيضا بمصداقية من يتحدّث بهذا الأسلوب ومصداقية مصادره". وأكد على ضرورة أن تكون المصطلحات التي تُستعمل في توصيف حالات الانتهاكات لحقوق الإنسان دقيقة، وقال: "في أدبيات حقوق الإنسان للاختفاء القسري مواصفات ومعايير معيّنة، وهذه المواصفات والمعايير لم تنطبق على أية حالة من الحالات التي تثار أحيانا".