في السادس عشر من شهر فبراير سنة 2006 وبمنزل بممر السكاكين في حي النجارين بمكناس، وقعت جريمة قتل بشعة راح ضحيتها محام وزوجته. لم يكن الجناة سوى الإخوة البوعامي، أصحاب محل بيع اللحم المفروم، الذي يوجد في أسفل المنزل، الذي يقطنه المحامي إبراهيم حسيتو وزوجته مارية بناني. و قد عمل الجناة على قتل الضحيتين بطريقة أقل ما يقال عنها إنها وحشية، إذ لجؤوا إلى ضربهما بواسطة الات حادة على رأسيهما، ولم يكتفوا بموتهما فقط، بل قطعوا الجثتين إلى أطراف، وفرم لحمهما بواسطة آلة مخصصة لذلك، وخلطه بالماء ورميه في مياه الصرف الصحي، ثم كسروا العظام، وفتتوا الرأسين، وتم وضع كل الأشلاء في حقائب وأكياس بلاستيكية، وتخلصوا منها برميها في واد الشراط بالصخيرات. تحدثت الأنباء عن وجود نزاع قديم بين عائلة الجناة وعائلة الضحية. كان ذلك منذ سنوات طويلة خلت، كان يجمع بينهما سكن واحد، إذ كانت عائلة الضحية تسكن في الطابق الأول، فيما كانت عائلة البوعامي تسكن في الطابق الثاني، وتكتري أيضا محلا لبيع اللحم المفروم في المحل الذي يوجد أسفل البيت في المدينة العتيقة بمكناس. وقد حدث نزاع بين العائلتين حول الضرر الذي يخلفه الدخان المنبعث من المحل، والضجيج الذي يحدثه الزبائن، وهو ما أقلق راحة عائلة بناني التي طالبت بواسطة أكثر من شكاية برفع الضرر عنها، في وقت كان عائلة البوعامي ترى أن إغلاق المحل هو الضرر نفسه، خاصة أن المحل عرف بكثرة زبائنه، ويدر دخلا جيدا على أصحابه، وبإغلاقه قد تسد أمامهم كل أبواب الرزق، فكان النزاع يتطور يوما بعد آخر، ولم يكن أكبر المتشائمين يتصور أن يتطور الخلاف يوما بعد كل هذه السنوات إلى جريمة قتل اهتزت لها مكناس وكل المدن المغربية التي وصلها الخبر سريعا عبر وسائل الإعلام. المحامي طرف جديد في النزاع كان المحامي، إبراهيم حسيتو، الذي يملك مكتبا للمحاماة بالحاجب قد تزوج من مارية بناني، واستقر معها في بيتها بحي النجارين بمكناس، وعانى بدوره من ضرر محل الجزارة، فدخل كطرف في النزاع، وعمل على تفعيل الشكاية، التي تقدمت بها زوجته يوما، وبدأت كفة كسب القضية تميل إلى جانبه، وهو الأمر الذي أحس معه الإخوان البوعامي بخطر كبير يهددهم، وقد تكون من نتائجه إغلاق المحل الذي شكل دائما مصدر رزق وفير للعائلة، خاصة أن لجنة اقتصادية، تكلفت بمعاينة الموضوع، أشارت إلى أن المحل المذكور يتسبب في انتشار كثيف للدخان، ويسبب الضرر لساكنيه. وبعد أن أحس الإخوان البوعامي برجوح كفة المحامي في ميزان النزاع، فكروا في عدة طرق من أجل حسم هذا النزاع، وإبعاد شبح كسب المحامي وزوجته القضية، الذي أرق نومهم، وجعلهم يبحثون عن كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لطرد ما اعتبروه كابوسا ظل يطاردهم منذ زمن بعيد. تحريض على القتل تعرف أحد الإخوة البوعامي على أحد المهاجرين المغاربة، الذي سيصبح واحدا من المتهمين الرئيسيين في القضية، وحكى له عن العلاقة المتوترة التي تجمع بين الإخوة البوعامي والمحامي وزوجته. وكان المهاجر قد أوهم البوعامي بأن له اتصالات على نطاق واسع، وأنه بإمكانه أن يفيده في إيجاد حل سريع لمشكل مثل هذا رغبة منه في الحصول على العديد من الامتيازات المادية من قبل عائلة البوعامي، وحين عجز عن الوفاء بوعده في إنهاء المشكل، حرضهم على قتل المحامي وزوجته. وبعد أن لقي اقتراحه تجاوبا كبيرا من طرف الإخوة البوعامي، بادر المهاجر المغربي إلى حبك خطة رفقة الإخوة وأحد عناصر الوقاية المدنية، الذي كان مرغما على الامتثال لطلبات البوعامي ومساعدتهم في جريمة القتل، خوفا من أن يقدموا الشيك الذي بحوزتهم للعدالة، بعد أن اقترض منهم مبلغ مليون سنتيم، وعجز عن رده. تجمع المتهمون جميعا وتم التهييء لتنفيذ خطتهم الإجرامية. التصفية الجسدية في تلك الليلة من شهر فبراير، قبل أربع سنوات من الآن، كان المحامي وزوجته عائدين إلى منزلهما بالمدينة القديمة، و لم يكن يدور بخلدهما أبدا أن هناك من يترصدهما ويسعى لتصفيتهما جسديا. وفور وصولهما إلى شقتهما فاجأهما الجناة بضربات قوية بواسطة آلات حادة على رأسيهما، حتى لفظا أنفاسهما الأخيرة، وعمد الجناة إلى سحب جثتيهما إلى الطابق الثاني حيث يوجد بيت البوعامي. ولم يكتف الجناة بقتلهم المحامي وزوجته، بل قطعوا عظامهما، بواسطة آلات خاصة، وحولوا اللحم إلى كفتة تم خلطها بالماء و صبها في مياه الصرف الصحي رغبة منهم في إخفاء معالم الجريمة. كما تم جمع باقي الأشلاء في أكياس بلاستيكية ووضعها في حقائب تم نقلها بعد ذلك إلى مدينة تمارة حيث تم رميها في واد الشراط. وكان الجناة قد استولوا بعد ارتكابهم جريمتهم النكراء على مجوهرات في ملكية الضحيتين. وبسبب هذه الجريمة نال المهاجر أموالا كثيرة وتم إعفاء رجل الوقاية المدنية من مبلغ الشيك الذي بذمته. القبض على الجناة أمام جريمة نكراء بهذا الشكل، كان لا بد من وضع اليد على الفاعل، وهو ما قامت به الشرطة القضائية بمكناس حين علمت باختفاء المحامي وزوجته، عن طريق الشكايات التي تقدمت بها عائلتا الضحيتين إلى مصالح الأمن، فتم الانتقال إلى البيت الذي يوجد بحي النجارين وإلى البيت الآخر بالحاجب دون أن تعثر لهما الشرطة على أثر. لم تقدم التحريات الأولى أي جديد يذكر، خاصة أن الجريمة خطط لها بإتقان. ولكن إغفال المجرمين إغلاق الهاتف النقال للمحامي سيعجل بوقوعهم سريعا في يد العدالة، إذ عجلت مكالمة واحدة من طرف سيدة بالرباط استقبلها هاتف المحامي بالوصول إلى الخيوط الأولى للجريمة، فقد أدركت عناصر الضابطة القضائية أن الجناة يتوزعون بين الرباطومكناس. وبعد العديد من التحريات نجحت الشرطة في القبض على المتحدثة في الهاتف، التي أرشدتهم إلى زوجة المهاجر التي كانت على علم بارتكاب زوجها جناية القتل، فتم اعتقاله بإسبانيا بناء على مذكرة بحث دولية، وبعد ذلك تم الوصول إلى العناصر الرئيسية التي كانت وراء ارتكاب الجريمة، وتضاعف عدد المتهمين في القضية. إذ تم القبض على نساء أخريات بتهمة شراء حلي مسروقة. كما شهد الحادث بعد ذلك وفاة أحد الإخوة البوعامي بسجن سيدي سعيد بمكناس. الحكم بإعدام الجناة
أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمكناس أحكاما بالإعدام في حق الشقيقين البوعامي وشريكهما (عزيز. ع)، والحكم بالسجن المؤبد على (بدر. ر)، وسنتين ونصف على (مليكة.ت)، وسنة حبسا مع وقف التنفيذ في حق (فاطمة. ع)، فيما حكمت المحكمة ببراءة باقي المتهمين، وذلك من أجل جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، المقترنة بجناية السرقة الموصوفة مع العلم بظروف ارتكابها وتكوين عصابة إجرامية والاختطاف والتمثيل بجثة وإخفائها والمشاركة في الخيانة الزوجية والفساد وإعداد منزل للدعارة والوساطة في البغاء.