ثلاثة أحكام بالإعدام أصدرتها خلال هذا الأسبوع محكمة الاستئناف بمكناس، وأنهت ملف جريمة هزت الرأي العام بالنظر إلى الطريقة البشعة التي تمت بها، وكذا إلى تفاهة الدافع الذي قاد إلى تصفية محام وزوجته والتمثيل بجثتيهما من خلال تحويل لحمهما إلى «كفتة»، وتقطيع عظامهما قبل التخلص منها بواد الشراط بتمارة. التفاصيل الأولى للجريمة التي شهدتها مدينة مكناس سنة 2006 بدأت مع شكاية تقدمت بها زوجة المحامي إبراهيم حسيتو إلى مصالح الولاية تطالب فيها برفع الضرر الذي يتسبب فيه مطعم متخصص في تقديم وجبات الكفتة يوجد بالقرب من العمارة التي تقطنها، وهي الشكاية التي قامت على إثرها لجنة تابعة للقسم الاقتصادي بإنجاز محضر في الموضوع، أشار إلى أن المحل المذكور يتسبب في انتشار كثيف للدخان، الأمر الذي لم يرق للإخوة الثلاثة الذين كانوا يستغلون المحل المذكور، والذين لم يترددوا في تهديدها بالقتل. الأمر لم يقتصر على التهديد بل انتقل الجناة إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، بعد أن تمكنوا من مباغتة الزوجين بشقتهما، وتوجيه سلسلة من الضربات إليهما جهة الرأس أردتهما قتيلين، ليقوموا بتفتيش الشقة والاستيلاء على مجموعة من المنقولات والمجوهرات. بعد ذلك سيعمد الجناة إلى حمل الجثتين داخل أكياس بلاستيكية إلى منزلهم القريب من مسرح الجريمة، لتبدأ فصول جريمة وحشية أخرى بعد أن شرعوا في تقطيع الأطراف وفصلها عن الجسدين، وإمعانا في الانتقام تم فصل اللحم عن العظام وسحقه داخل آلة مخصصة لإعداد الكفتة، وهي العملية التي استعان فيها الجناة بأدوات منها ساطور ومنشار، فيما تم اللجوء إلى تهشيم رأسي الضحيتين في محاولة لإخفاء ملامحهما. الجناة الذين ارتكبوا جريمتهم بدم بارد وأقدموا على تصفية المحامي وزوجته ردا على شكاية لرفع الضرر، سيعمدون بعد ذلك إلى وضع الأشلاء داخل أكياس وضعت في حقائب سفر، ونقلها على متن القطار من مدينة مكناس باتجاه تمارة ليستعينوا بسيارة مؤجرة من نوع «فياط» قاموا بواسطتها بنقل الأكياس إلى قنطرة واد الشراط حيث تم إلقاؤها من أجل إخفاء معالم الجريمة، وإبعاد أي خيط قد يقود إلى فضح جريمتهم البشعة. الجناة الذين عادوا إلى ممارسة نشاطهم في شي الكفتة، وتقديمها إلى الزبائن كأن شيئا لم يكن سيشعرون بعد مرور وقت على ارتكاب جريمتهم، بأن عيون مصالح الأمن تحاصرهم بعد أن توصلت بخبر الاختفاء المريب للضحيتين. حيث تم القيام بمجموعة من التحريات، ركزت على احتمال وجود عداوة بين الضحيتين وأشخاص آخرين، خاصة وأن الجناة ارتكبوا خطأ قاتلا بعد أن ظل الهاتف النقال للضحية المحامي مشغلا، الأمر الذي مكن المحققين من وضع اليد على أول خيط بإمكانه فك لغز الاختفاء. بعد ذلك انتقلت مصالح الأمن إلى مدينة الرباط حيث تم إيقاف أحد المتهمين الذي رواغ في البداية، وأنكر علاقته باختفاء الضحيتين، قبل أن يحاصره المحققون بالأدلة المتوفرة لديهم لينهار ويعترف بتفاصيل الجريمة التي أودت بحياة المحامي إبراهيم حسيتو وزوجته مارية بناني. مصالح الأمن ستسارع انطلاقا من الإفادات التي تقدم بها المتهم إلى الإسراع بإيقاف باقي المتهمين، حيث وصل عدد الموقوفين إلى 16شخصا من بينهم 5 إناث. كما قامت مصالح الشرطة العلمية والتقنية بالانتقال إلى الأمكنة التي ذكرها المتهمون في اعترافاتهم من أجل جمع ما تبقى من رفات الضحيتين لإجراء خبرة عليها، وتم حجز الأدوات التي استعملت في تنفيذ الجريمة، والقيام بإعادة تمثيل الجريمة في يونيو من سنة 2007 تحت إشراف وكيل الملك بمحكمة الاستئناف. أحد المتهمين الذي تمت إدانته بالمؤبد، أكد أثناء الاستماع إليه أنه أرغم على المشاركة في الجريمة بعدما تم تهديده من طرف الإخوة بتصفيته رفقة أسرته، خاصة وأنهم عمدوا إلى ابتزازه بشيك موقع على بياض سلمه لهم بعد أن اقترض من أحدهم مبلغ مليون سنتيم. كما أدلى باعترافات دلت على بشاعة الجريمة، وأكد أن الجناة عمدوا إلى خلط لحم الضحيتين بالماء بعد تحويله إلى كفتة قبل أن يقوموا برميه في ماء الصرف الصحي، فيما تمت تجزئة العظام إلى قطع صغيرة ورميها بواد الشراط. لائحة المتهمين ستزداد بعد أن تم إيقاف أحد الإخوة الذي عمد إلى الفرار باتجاه اسبانيا بعد ارتكاب الجريمة قبل أن يتم اعتقاله بناء على مذكرة بحث على الصعيد الدولي، لتتم إحالة الجناة على أنظار العدالة بتهم، من بينها تكوين عصابة إجرامية والقتل العمد والتمثيل بجثة وإخفاء آثار الجريمة، والسرقة الموصوفة والوساطة في البغاء والمشاركة في جريمة قتل. وبعد سلسلة من الجلسات استغرقت أكثر من سنة بسبب التأجيلات المتتالية، أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمكناس أحكاما بالإعدام في حق الشقيقين عبد الكريم وامحمد البوعمامي وشريكهما عزيز عقد. فيما تم الحكم بالسجن المؤبد في حق بدر الرحالي، وسنتين ونصف في حق مليكة.ت، وسنة حبسا مع وقف التنفيذ في حق فاطمة. ع، فيما قررت المحكمة تبرئة ساحة باقي المتهمين.