أكثر من أسبوعين مرا على مبيت 52 أسرة تقطن في دوار «إيكوت»، التابعة لجماعة «تامصلوحت» في نواحي مراكش، في العراء، بعدما أقدمت قوات الأمن، يوم الخميس ما قبل الماضي، على هدم منازلهم وإخلائها من سكانها. وقد أضحى الوضع في دوار «إيكوت»، كارثيا منازل مهدَّمة، وأثاث المنازل مكدَّسة تحت الأنقاض والأحجار الضخمة.. ونساء يبكين ويندبن حسرة على ما ضاع. أسرة عبد الرحمان العلمي واحدة من الأسر ال52 التي لم يعد لها بيت يأويها، وأصبح عبد الرحمان وأبناؤه وزوجته، منذ «الخميس الأسود» يتوسدون الحجارة ويتدثرون بالقصدير.. لم يقوَ الرجل العجوز على الحديث إلى «المساء»، لكن ابنته «فاطمة» تقدمت ومعالم الغضب والإحساس بالظلم ترتسم على محياها، لم تنزو الفتاة جانباً على غرار أخواتها، بل صرخت بصوت عال: «هذا الظلم بعينيه»، مضيفة أن ما قامت به السلطات الإقليمية من مداهمة قرية «إيكوت» قبل طلوع الفجر واستنفار رجال الأمن لإخراج السكان من منازلهم، بغية الشروع في عملية الهدم «ليس له إلا تفسير واحد هو أننا موطنون غير مرغوب فينا». تحكي «فاطمة» تفاصيل اليوم المشؤوم في تاريخ دوار «إيكوت»، التابع لجماعة تامصلوحت والقريب من مدينة مراكش، تفاصيل عملية التطويق الذي قامت به مصالح الأمن والدرك للقرية الصغيرة. بعد أذان الفجر بقليل، بدأ صوت الصراخ يتعالى إلى آذان «فاطمة» وأسرتها، ويعلو فوق سماء القرية الهادئة، خرجت «فاطمة» من الباب لتستطلع مصدر الصراخ، فوجدت أمامها «جيشا» من رجال القوات المساعدة وعددا من المسؤولين ورجال الدرك الملكي.. عادت «فاطمة» مسرعة إلى بهو المنزل والرعب يتملكها، فإذا ب«دخان القنابل المسيلة للدموع يتعالى في سماء المنطقة»، تؤكد «فاطمة» في حديث مع «المساء»، والسبب في ذلك، كما قالت، رفض بعض الأسر الخضوع لأوامر المسؤولين ومغادرة منازلهم، لينطلق مسلسل المواجهات والمطاردات بين السكان وقوات الأمن.. تعقبت سيارات الدرك الملكي المتظاهرين، نساء ورجالا، حاملين الأعلام المغربية وصور الملك محمد السادس، لكن وسيلة الاحتجاج هذه لم تُجْدِ نفعا، مما جعل قوات الأمن تطوق كل الطرق المؤدية إلى القرية وتشرع في اعتقال كل من حاول التصدي للجرافات، مما أسفر عن اعتقال ثلاثة شبان من قِبَل عناصر الدرك الملكي. لم تتمالك «فاطمة» نفسها وهي تروي حالات الاعتداء التي تعرضت لها بيوتهم وممتلكاتهم التي فقدوها، قبل أن تستسلم للدموع التي انسابت على خديها: «توسلت إليهم، غير ما مرة، لكنْ لا حياة لمن تنادي»، تقول «فاطمة».