تعيش مدينة آسفي، منذ مساء أول أمس الخميس، على إيقاع فعاليات الدورة 12 للمهرجان الوطني لفن العيطة، التي تتواصل إلى غاية الأحد 23 يونيو. جانب من جمهور المهرجان تميز حفل الافتتاح الذي احتضنته مدينة الفنون والثقافة بآسفي بعرض فني من تقديم جمال الزرهوني "سيمفونية العيطة"، التي أثارت إعجاب الجمهور. كما قدمت فرقة فرحة دكالة عبدة تحت إشراف المخرج والراقص المغربي لحسن زينون لوحات فنية تراثية تركت ارتياحا في نفوس المتتبعين، الذين اعتبروا أن مهرجان فن العيطة يعمل على الحفاظ على الموروث الموسيقي الوطني ورد الاعتبار لعدد من شيوخ وفناني العيطة وإثراء النقاش الوطني حول هذا المكون التراثي، الذي دخل خلال السنوات القليلة الماضية الحقل الأكاديمي من أوسع أبوابه. وعبر والي جهة دكالة عبدة، عبد الله بندهيبة، في بداية كلمته الافتتاحية للدورة 12 من المهرجان الوطني لفن العيطة، عن امتنانه واعتزازه بالرعاية الملكية السامية التي تفضل بها صاحب الجلالة محمد السادس على المهرجان الوطني لفن العيطة، موضحا أن هذه الرعاية تشكل بالنسبة لجميع الشركاء حافزا على المزيد من الاجتهاد والمثابرة من أجل الارتقاء بهذا المهرجان إلى مصاف المهرجانات الدولية. وذكر بأن آسفي حاضرة المحيط، آسفي التاريخ، آسفي الأمجاد، آسفي الموروث الثقافي بتنوعه بامتياز، هذه المدينة الهادئة الجميلة العزيزة، يقول الوالي، تستحق منا جميعا المزيد من العناية والعطاء. وأوضح أن صفحات تاريخ الأمم والشعوب تطرح تساؤلات حول هويتها القوية وجذورها الحضارية وتقاليدها الوطنية ورصيدها الفني الموسيقي والغنائي، مذكرا بأنه إذا طبقت هذه الحقيقة على تاريخنا المغربي المعاصر، فإنه يمكن القول إن النهل من ذاكرتنا التراثية يساعد مما لا شك فيه على التعرف على هويتنا بكل أبعادها ودلالاتها، مما يؤدي إلى إثارة مجموعة من التساؤلات عن الماضي والحاضر والمستقبل، مما يحتم علينا جميعا البحث عن الروابط الجامعة بين هذه الأحداث. وفي حديثه عن فن العيطة، قدم عبد الله بندهيبة مفهوما لفن العيطة موضوع المهرجان الوطني، وعرفه لغويا واصطلاحيا، بحيث تعني لغويا النداء وقد يكون في اتجاه قبيلة أو في اتجاه تحريك همم الرجال لتتبلور في كلمات شاعرة لتصير غناء وطربا، واصطلاحا العيطة مجموعة من المقاطع الغنائية ووصلات موسيقية وإيقاعية في منظومة تختلف عناصرها باختلاف نوعية وأنماط العيطة نفسها، مستنتجا أن فن العيطة فجر ملكات النظام والشعراء. وفن العيطة تراث مشترك بين أجيال مضت، ومن خلال هذا الإرث نكتشف الجذور التاريخية في علاقة الإنسان بمحيطه الطبيعي، خاصة إذا ما علمنا أن فن العيطة ارتبط صيته بامتداد السهول الوسطى بالساحل الأطلسي بالشاوية وعبدة ودكالة، مرورا ببعض المناطق المجاورة كالحوز وزعير بالخصوص. وعن أنماط العيطة قال بندهيبة إن هناك أنماطا عديدة منها (الحصباوية، والزعرية، والغرباوية، والمرساوية، والملالية...). مضيفا أن تراثنا الحضاري والثقافي والموسيقي هو من أعز ما نملك، إذ يمثل ذاكرة المغرب ووجدانه بحيث يعد الحفاظ عليه وتوثيقه ونشره واجبا وطنيا. موضحا أن التراث المغربي الغني المتنوع تراث امتزجت فيه دهنيات أجبال بتجارب إنسانية غنية، وهو القاعدة التي يقوم عليها شعورنا القوي بالانتماء. وأبرز بندهيبة أن المهرجان الوطني لفن العيطة هو أول نشاط يحتفل به بفضاء مدينة الفنون والثقافة، الفضاء الذي خظي بتدشين صاحب الجلالة، بالإضافة للعديد من المشاريع التنموية التي ستعود بالنفع على المدينة والإقليم والسكان. من جانبه، ألقى عبد الحق أفندي كلمة وزير الثقافة، الذي حالت مهام رسمية دون حضوره حفل الافتتاح، كلمة شكر من خلالها كل الشركاء في تنظيم هذا الملتقى المهم، مذكرا بأن إعطاء الانطلاقة لهذا المهرجان، الذي يحظى لأول مرة بشرف الرعاية الملكية السامية، التي لها دلالات رمزية. مذكرا بأن إضفاء جلالة الملك رعايته السامية على مهرجان العيطة احتفاء بالفن المغربي الأصيل والعديد من شعرائه وشيوخه، وإشارة واضحة على مواصلة العمل لإحياء تراثنا الزاخر والعناية به صيانة لذاكرتنا الوطنية، فالجميع مدعوون اليوم إلى تطوير هذا الموروث الثقافي إلى الأفضل، مبرزا أن السعادة تتضاعف حين تعطى الانطلاقة للمهرجان من فضاء مدينة الفنون والثقافة، التي حظيت بالتدشين الملكي، خلال زيارته الميمونة إلى مدينة آسفي خلال أبريل المنصرم.