يبدو أن صفة مدينة أصيلة في الأصالة والجمال تجعلها فعلا أصيلة ب«ماليعها» المجتهدين. شيء جميل حقا... لقد تحدثت عدة جمعيات وأفراد عن الإبادة التي يتعرض لها طائر الحسون في السنين الأخيرة، كما تحدثوا عن الأخبار المخيفة عن تهجير هذا الطائر وتهريبه بالآلاف يوميا، مما ينذر باستنزاف مقصود، وربما «بتواطؤ» مع بعض الجهات المسؤولة بالبلاد. لكن الخبر الجميل والذي أثلج صدور العديد من المهتمين بهذا الطائر على الخصوص، وعموما الثروات الحيوانية الوطنية، هو شروع إحدى الجمعيات المهتمة بالطيور في القيام بدوريات منتظمة إلى الغابات المجاورة، وإلى مناطق الصيد التابعة للمنطقة، حيث بدأت تترصد للصيادين العشوائيين، وتتعامل معهم بالاقناع أولا ثم إطلاق الطيور المصطادة في الحين، إضافة الى تمزيق شباك الصيد، هذا إذا لم يقوموا بتسليمهم للشرطة والدرك الملكي. مبادرة هواة أصيلا والغيورين على ثرواتنا الطبيعية آتت أكلها، حيث أصبح طائر الحسون على الأقل يحس بالأمان هناك، وأصبح محيط المدينة الساحرة محمية لطائر يمكن وصفه بالمهدد بالانقراض، دون تدخل الدولة في ذلك والمتمثلة في الجهة الوصية على القطاع. تحمل سكان المدينة الصغيرة مسؤولية إنسانية، وخلقوا تقليدا كما عودتنا فلتات هاته المدينة التي لا تعترف بالزمان وكأنها بقعة منفلتة من ليالي ألف ليلة وليلة، وكأن عشاقها ومغرمي طبيعتها وجماليتها، يسردون حكاية تضامن وتحد ليبتسم الجميع في الأخير بعد نهاية الحكاية بسعادة كما هي عادة حكايات شهرزاد التي تبتدئها ب«كان ياما كان... طائر اسمه الحسون، كان مهددا بالانقراض في المغرب، وقام سكان مدينة صغيرة ساحرة بأداء القسم على حمايته، وفعلا خرجوا وطردوا كل الصيادين الأشرار، ومزقوا شباكهم، فولى الأشرار هاربين، وفرح سكان المدينة وعاشت طيور الحسون بأمن وأمان، وصارت كل صباح تقدم للسكان هدية رائعة عبارة عن تغريدات متواصلة ونغمات ساحرة...». لن ننتظر أن تنبعث شهرزاد من غبار التاريخ لنلقنها حكايتنا ، ولن نستجدي شهريار، ونطلب منه أن يأمر شهرزاد لتسرد له حكايتنا، لكننا وعينا على حقيقة أن حقنا نأخذه بأيدينا ومصالحنا لن يستطيع مراعاتنا غيرنا، وأعتقد بأن ما يقوم به «ماليع» مدينة أصيلا هو بمثابة إعلان ثورة حسونية لحماية ثرواتنا الطبيعية، وهذا يعني أن كل مناطقنا التي تشتهر بالصيد الجائر لطائر الحسون، تحتاج إلى مبادرة أصيلة على غرار سكان أصيلا. فحقا كم أنت مبدعة وأصيلة يا مدينة أصيلا.