لا تقدم ولا تطوير لمهنة التمريض في المغرب بدون هوية واضحة التصورات والمرامي والأهداف، وبدون أفق يكون ضمن أسسه وضع آلات ومعايير مهنية وعلمية تجعل الممرض ومهنيي الصحة عموما في مستوى مواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات في شتى مظاهرها وأبعادها.. هذه بعض من خلاصات البحث الهام الذي عرضت نتائجه في اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية تقنيي وممرضي المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بمناسبة اليوم العالمي لممرض بكلية الطب بالبيضاء (الثلاثاء 12 ماي المنصرم)، والذي تمحور موضوعه حول طرح إشكالية الهوية بالنسبة لفئة الممرضين بالمغرب. البحث الذي اعتمد في عرضه للنتائج على منهجية بيداغوجية وتواصلية وصفت بالجيدة، خلق تفاعلا وتجاوبا ملحوظين بين مختلف الحاضرين.. وقد كانت أهم أسباب هذا التجاوب نبش البحث عن مختلف أسباب ومسببات «أزمة الهوية» لدى فئة التمريض والتي من بينها - حسب البحث - الذي أشرفت عليه مصلحة الإنعاش والتخدير التي يرأسها البروفيسور «حسين بارو»، غياب هيأة وطنية خاصة بأسرة التمريض، تعهد إليها عملية تنظيم وتحصين وتأطير وتوجيه هذه الفئة وتوحيد المخاطب، ومواجهة كل الانحرافات أو الانزلاقات المفترضة، وغياب أيضا قانون منظم للمهنة يواكب التطورات والمستجدات، ويوضح الحقوق والمهام والالتزامات وبشكل لا لبس فيه.. مع مراعاة كل المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية لشريحة التمريض. وإذا كانت مساهمة مصلحة الانعاش والتخدير باشراف الأستاذ «حسين بارو»، قد لقيت تجاوبا بالنظر للمعطيات والخلاصات التي تضمنتها نتائج بحث المصلحة، والتي باتت تشكل أحد المتطلبات الضرورية للممرضين والممرضات وكل المعنيين بالقطاع عموما، فإن اللقاء قد تميز أيضا بالعديد من العروض والمساهمات التي لا تقل أهمية عن المساهمة المذكورة، منها عرض لممرضة بمستشفى الأطفال طرح فكرة لها وجاهتها، حسب العديد من المهنيين، تتمثل في خلق آلية تنظيمية قانونية تؤطر عمل الممرض وتجعله في موقع الند للند إزاء العملية التمريضية والصحية عموما. وقد أطلقت صاحبة هذه المساهمة على هذه الآلية اسم بروتوكول، اقترحت في هذا الإطار مشروعا دقيقا في غاية الأهمية. من بين العروض التي ميزت هذا اللقاء الذي عرف حضورا مكثفا ومميزا في نفس الآن ، عرضان لتقني وممرض وطبيبة حول التحاليل الطبية وموقع أسرة التمريض ضمن هذا العمل الهام. ، لقد كانت هاتان المساهمتان العلميتان بحق تندرجان ضمن عمل مزدوج الابعاد، فقد استهدفتا من جهة (وهذا ما حاولنا استخلاصه) الوقوف عند الثغرات والاخطاء في تدبير عملية التحاليل الطبية، ومن ثم اقتراح الحلول، والسعي في مرحلة ثالثة الى تقديم معلومات وأفكار مهنية جديدة لمواكبة التطورات، وهو ما يعني جعل اليوم الدراسي يوما للتكوين والتكوين المستمر في جزء من أبعاده. وبالمجمل فان ماطرح في هذا اليوم الدراسي الذي غابت عنه وزيرة الصحة بالرغم من استدعائها، من افكار ومشاريع واقتراحات ورؤى يمكن أن يسهم برأي العديد ممن التقيناهم خلال اللقاء في بلورة سياسة صحية ناجعة قادرة على الاستجابة لانتظارات المهنيين والمواطنين، وفي الآن نفسه على مواجهة التحديات المطروحة الآن والتي قد تطرح غدا.