انعقد صبيحة يوم 28يناير 2010 اجتماع المجلس الإقليمي لعمالة طنجة أصيلة خصص لدراسة 7 نقط في جدول أعماله ممثلة في مناقشة الحساب الإداري للسنة المالية 2009، وبرمجة الفائض المالي للسنة المالية 2009، والوضعية الخاصة بقطاعات الطرق، والإسكان والتعمير، والصحة، والفلاحة بالإقليم .. وقد استهل الاجتماع بتدخلات للأعضاء في إطار نقط نظام، أثاروا من خلالها مجموعة من الإشكالات المتعلقة بتدبير عمل المجلس الإقليمي، كالإشارة إلى المشاكل التي تحد من فعاليته، منها افتقاره إلى مقر ملائم يستجيب للحاجيات، وعدم توفره أيضا على سيارة خاصة ولا هواتف لمزاولة مهام المكتب واللجن، وقد وصف بعض المتدخلين عمل اللجن بالجمود والانطلاق من السراب، كما وصفوا تجربة مجلس طنجة بالاستثناء على الصعيد الوطني بسبب عدم قدرته على مواكبة التحولات التي يمر بها المغرب على مستوى الصيغ المعتمدة في تدبير الشأن العام. وبالموازاة تمت المطالبة برفع الوصاية عن المجلس، وبالإشراك الفعلي لأعضائه من خلال السماح لهم بملامسة المشاكل الحقيقية والجوهرية التي تعوق التجربة، إذ سجل المتدخلول لجوء السلطة الوصية إلى صرف اعتمادات المجلس في مجالات لا تدخل ضمن اختصاصاته، وتقصيرها في اتخاذ المبادرات الداعمة لخدمة المجالات الاجتماعية، وعدم اطلاعها الأعضاء على كل ما يتعلق بصرف الميزانية وكذلك الفائض المالي والبرمجة، وغياب استراتيجة تنموية واضحة من أجل النهوض بالإقليم. وفي هذا الصدد تمت المطالبة بإطلاع المجلس على المعطيات الخاصة بصرف الميزانية، وعدد الموظفين، والسيارات، والمشاريع المنجزة، والمتاخرات . ممثل السلطة وهو الكاتب العام للولاية عبر عن تأييده لما ورد في تدخلات الأعضاء فيما يخص ضرورة إعداد المخطط الاستراتجي باعتباره مطلبا شرعيا من أجل تطوير عمل المجلس، كما أكد على ضعف ميزانية المجلس الإقليمي، وأشاد باهمية الاعتمادات المقدمة من طرف وزارة الداخلية، والموجهة أساسا للتأهيل الحضري، لكنه فضل عدم الإجابة على الانتقادات الموجهة، وفضل مناقشتها في إطار داخلي مع المكتب أو اللجن، وليس في جلسة عمومية. الأوضاع الكارثية لقطاع الصحة بإقليم طنجة أصيلة ونظرا لعدم التئام اجتماع اللجنة المالية وعدم توصل المجلس بالجداول الخاصة بالحساب الإداري، تم تاجيل هذه النقطة إلى موعد لاحق غير محدد، وأبقي على الدورة مفتوحة إلى حين المصادقة على الحساب الإداري، كما تم تأجيل البت في النقط الأخرى، واقتصر النقاش على النقطة المتعلقة بوضعية الصحة بالإقليم، استهلت بعرض المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، ضمنه جملة من المعطيات والمؤشرات الدالة على الواقع الصحي وعلى نقط القوة والضعف في ملف تدبير القطاع، واستعراض بعض الرهانات والأهداف المحددة من طرف الإدارة الصحية، ذكر منها: - تقليص نسب وفيات الأمهات إلى 50 وفاة في كل 100.000 ولادة حية في أفق 2012، وتقليص نسب وفيات الأطفال إلى 15 وفاة عن كل 1000 في أفق 2012. - ضمان العدالة في العرض الصحي ما بين الجهات وما بين الوسط القروي والوسط الحضري . - تيسير الولوج للعلاجات بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة وخصوصا بالنسبة لسكان العالم القروي. - التمكن من خدمة عمومية صحية ذات تنافسية وأداء عال (تحقيق نسبة استشفاء تصل إلى 5 في المائة من الساكنة في أفق 2012. وتركزت تدخلات الأعضاء على مناقشة مضمون العرض المقدم من طرف مندوب الصحة، لتجمع على وصف الأوضاع الصحية بالكارثية بسبب ضعف الخدمات الصحية، وهشاشة البنيات والتجهيزات الصحية، وقلة الموارد البشرية وضعف التأطير، ومحدودية الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، والحالة المتردية لقسم المستعجلات بالإقليم، والحالة المزرية لأوضاع المراكز الصحية داخل المدار الحضري وفي العالم القروي، وغياب الحد الأدنى لمفهوم العدالة الصحية، والتغطية الصحية. وقد أثار المتدخلون جملة من القضايا التي لها علاقة بغياب الأخلاق المهنية، كسوء المعاملة داخل المؤسسات الصحية، وغياب الشفافية، وطغيان مظاهر الاستغلال والزبونية، والرشوة، والابتزاز،.. وأثيرت في هذا الصدد قضية منح الشواهد الطبية المزيفة بكيفية مشبوهة من أجل أن تستغل بسوء نية في ممارسة الابتزاز القانوني وتزييف الحقائق والبيانات (في الحالات الخاصة بالتقاضي، أوإثبات الأضرار، وطلب التعويضات عن الحوادث، والزواج..) كما أثيرت مشكلة تهاون بعض الأطر الصحية للقطاع العام من أطباء وممرضين بسبب الجمع بين العمل في القطاعين العام والخاص في آن واحد على حساب المصلحة العامة وحقوق المواطنين في العلاج. وأشير أيضا إلى عدم احترام الوزارة للبرامج والمشاريع المقررة بسبب عدم احترام آجال الإنجاز والمواصفات المطلوبة. واستدل بالمشاريع التي كانت مقررة ولم تخرج إلى حيز الوجود، حيث تم التساؤل عن مصير المستشفى الجهوي ومستشفى الأمراض السرطانية، والمستشفى الجامعي؟ وطرح مشكل إفراغ مستشفى أصيلة من الأطر الطبية الذين تم تنقيلهم إلى طنجة، وتعطيل اختصاصاته ومنها الولادة، وعدم توظيف الآليات الخاصة بالولادة في المركز الصحي بالأحد الغربية، وكذلك تهدم المركز الصحي لدار الشاوي، وافتقار العالم القروي لوسائل العلاج والتطبيب، وسيارت الإسعاف ، كما أثير موضوع افتقار الوزارة إلى تصور واضح فيما يخص مستقبل الأقطاب العمرانية الجديدة (الشرافات، وابن بطوطة..) وفشل مخططها الاستراتيجي، وانتشار ظاهرة المعشبات العشوائية الغير المراقبة . وجاء رد مندوب الصحة الجديد الذي لم يمر على تعيينه ألا ثلاثة أشهر، لتقديم بعض التوضيحات والتأكيد على سعيه واستعداده للتعاون مع المجلس من أجل التغلب على الصعوبات، حيث أشاد بدور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تحقيق عدد من المنجزات لصالح القطاع منها شراء سيارتين للإسعاف، ووحدتين متنقلتين للعلاج، وبناء أربعة مراكز صحية وإصلاح أخرى في عدد من النقط، وتخصيص اعتماد 3 ملايين درهم لتوسعة قسم المستعجلات، وأقر بوجود خصاص في الأطر على مستوى مستشفى أصيلة الذي يفترض أن يضم أربعة تخصصات، وذلك بعد إقدام الإدارة على تنقيل خمسة أطباء للاشتغال في طنجة بكيفية مؤقتة جراء عدم توفر العدد الكافي من الممرضين بأصيلة. وأشار من جهة أخرى إلى الأعطاب التي يتعرض لها جهاز السكانير الوحيد بالإقليم، وقرار الإعلان عن صفقة من أجل اختيار المقاولة التي ستتولى مهمة الصيانة والإصلاح. أما عن مشتشفى الرازي للأمراض العقلية وما يعانيه من مشاكل تستعصي عن الحل، فقد أكد قرب نزول لجنة وزارية من أجل تشخيص الوضع وتحديد الصيغة الملائمة لتأهيل المستشفى ووضع حد للمأساة، وقد أيد اقتراح الأعضاء القاضي بتنقيل المستشفى وإبعاده عن وسط غير قابل للضبط والتحكم. وكذلك الشأن بالنسبة لقسم المستعجلات الذي يحتاج إلى إعادة النظر وتوسعة المدخل الغير الملائم للمستشفى، مع استحضار المشكل المرتبط بهشاشة أرضية المستشفى وما تعانيه من انجرافات للتربة، وبخصوص التجاوزات المهنية فقد أخبر بتوفر الوزارة على رقم أخضر من أجل الاستماع إلى شكاوي المواطنين، كما ركز على المشاكل المرتبطة بعمل أطر الوزارة في القطاع الخاص، حيث أكد عزم الوزارة تشكيل لجن وطنية مختلطة من أجل القيام بإجراء تفتيش شامل في الميدان لضبط المخالفات واتخاذ التدابير اللازمة، نفس الأمر بالنسبة للشواهد الطبية فقد أكد عزم الإدارة على تحديد المعاير والمواصفات اللازمة لمنح الشواهد الطبية ومكاتبة الوكلاء العامين بالمحاكم من أجل فتح تحقيق في الحالات المشتبه فيها، وإصدار الأمر بإجراء الفحص المضاد.. من جهة أخرى سلط الضوء على المشاكل المرتبط بقلة الإمكانيات المادية والبشرية، وضعف الميزانية المخصصة للقطاع والتي لا تتعدى 5% من الميزانية العامة، كما أوضح أن 50% من المواطنين لا يتوفرون على التغطية الصحية،.. أما بخصوص عزوف المواطنين عن الإقبال على التلقيح الخاص بأنفلونزا الخنازير، فقد ذكر أنه تم تهويل الموقف فيما يخص التقديرات والاحتمالات، حيث تم اعتماد أرقام مهولة في البداية، فكان التصور هو أن 1/3 (ثلث)المواطنين سيتعرضون للإصابة وأن 10% سينامون في المستشفى، وأن 0,4 % سيموتون، ولكن النتيجة كانت دون ذلك، لأن الإجراءات الوقائية المتخذة، وكذا الحملات التحسيسية، قلصت من معدل الإصابات. فبعد مرور 3 أشهر على ظهور المرض، لم يسجل بطنجة إلا 184 حالة، ضمنها أربع وفيات، كما سجلت 16 ألف حالة خفيفة تمت معالجتها إكلينيكيا دون أن يخضع أصحابها لإجراء التحليلات، وذكر أنه قيل الكثير عن التلقيحات، إلا أنه من جهته، يرى أنها آمنة، وفعالة، ويستدل بتلقيح 2000 حاج على صعيد طنجة، وعدد كبير من الممرضين، دون أن تظهر أية حالة لما يعرف (بالزحف)، وأكد أنه لا خطر إلا بالنسبة للحامل داخل ثلاثة أشهر الأولى ، كما أن الأعراض المحتملة (كالزحف) لا تظهر إلا خلال الخمسة عشر يوما الأولى انطلاقا من تاريخ الخضوع للتلقيح.. وختم تدخله بتقديم وعد لخلق جناح خاص بالعلاج الكميائي للأمراض السرطانية في مستشفى الدوق دي طوفار، وطمأنة المجلس بخصوص المشاريع المقررة التي ستعرف انطلاقتها خلال هذه السنة، ممثلة في بناء المستشفى الجهوي على مساحة 11 هكتارا ابتداء من سنة 2010 في منطقة بوخالف، والمستشفى الجهوي للأمراض السرطانية بشراكة مع بعض الفاعلين من دولة الإمارات، وبناء مختبر الأوبئة الذي سيتم افتتاحه خلال هذه السنة ، ثم مركز جديد لتكوين الممرضين، وأيضا المركز الجهوي للتمريض بغلاف مالي قدره 11 مليون درهم.. نقطة ارتكاز المجلس الإقليمي والحلقة المفرغة يتضح من خلال شكوى أعضاء المجلس الإقليمي بطنجة أنه هذه المؤسسة تشكو من عدة اختلالات ومعوقات تساهم في مراكمة العجز وغياب الفعالية ، فلقد اشتكى المتدخلون من انعدام الإمكانيات بصورة تجعل المجلس كأنه ينطلق ولأول مرة من نقطة الصفر، من غير حضور النموذج الذي يفترض أن يكون قد مر بتجربة طويلة توزعتها عدة عقود من الزمن التاريخي لعهد الاستقلال . مجلس فقير لا يمتلك مقرا ، ولا موظفين، ولا أطرا إدارية للاسترشاد بها من طرف المجلس، ولا حظيرة للسيارات والآليات اللوجيستية،... علما أن مواكبة الحسابات الإدارية التي كانت تقدم خلال الولايات السابقة ، تشهد بعكس هذه الصورة القاتمة ، وتبين أن هذا المجلس له من الإمكانيات الشيء الكثير، ويمكن الاستدلال بنموذج الحساب الإداري لسنة 2008 المقدم في دورة يناير 2009 . 1- القسم الخاص بميزانية التسيير: في هذا القسم تقدر الاعتمادات المفتوحة بالميزانية في الفصل 20 الخاص برواتب الموظفين الرسميين(23 مليون /د) وغير الرسميين (2 م/د) والمساهمات في الأنظمة الاجتماعية والتأمينات والتكوينات، بما مجموعه 52249000.00 درهما . وتضمن الفصل 30 ما مجموعه 8356000.00 درهم ويخص تغطية مصاريف كراء البنايات والعتاد المعلوماتي وصيانة البنايات، واللوازم المكتبية(600 ألف/د) وشراء العتاد التقني ، والوقود والزيوت(قرابة 2 مليون/د) ورسوم المواصلات اللاسيلكية (700 ألف/د). -ويغطي الفصل 10 تعويضات الرئيس والأعضاء وكراء بعض العتاد بما قدره( 1 م/د ) 2- القسم الخاص بميزانية التجهيز: - خصص للفصل 10 ضمن الاعتمادات النهائية ما مجموعه 16558453.35 /د تغطي اقتناء الأراضي (3/م د) تشييد البنايات (2/ م د) الإصلاحات والأشغال الكبرى لصيانة البنايات(1 /م د) اقتناء السيارات والدراجات (726 ألف /د)مصاريف محتلفة (4 /م د). - وخصص للفصل 20 مبلغ 6815522.53 /د ويتعلق الأمر بالدراسات والمساعدات التقنية للبنايات، وشراء العتاد والأثاث، وتشييد بنايات .. - وحدد مجوع الفصل 30 في 173712567.61 /د موزعة على الدراسات والمساعدات التقنية (1 /م د) الصيانة (6 /م د) . ويقدر مجموع الاعتمادات المفتوحة بالميزانية ب 260 مليون درهم مكنت في الحساب المذكور من تغطية المصاريف المشار إليها، وكذلك الحيز المخصص للأشغال الكبرى والصيانة (1 /م د) وصيانة المناطق الخضراء (17/م د ) وبناء الطرق الحضرية (4 /م د) وبناء طريق بوكدور (1.5 /م د) والأشغال الكبرى لصيانة الأرصفة (120 مليون /د) المسالك والممرات (5 مليون /د) أشغال الإشارات الكهربائية ( 16 /م د). والمثير للانتباه هو أن هذه الصورة المأساوية والعبثية تتكرر مع كل حساب إداري، وتطرح نفس الملاحظات والانتقادات التي يليها التصويت بالإجماع دون أن تحظى بالعناية، ليتم من خلال ذلك تكريس بعض الظواهر الشاذة في تدبيرالشأن المحلي، منها ضخامة الإنفاق في مقابل هزالة النتائج المحققة، وطغيان مظاهر الشبحية، وتبذير المال العام، وغياب الشفافية والوضوح، والارتجال واللا مسؤولية في اتخاذ القرارات الحاسمة، وتهميش دور المنتخبين والتعامل معهم كقاصرين، وتكريس منطق القبضة الحديدية على كل شيء لمنع كل اختراق يؤدي إلى كشف الحقيقة ومعرفة طبيعة الأشياء والخلفيات المتحكمة في القرارات، والنتيجة النهائية لكل هذا وذاك هي فقدان المصداقية، وضياع الجهود، وتدمير الطاقات الفعالة والخلاقة، وإفراغ تجربة العمل الجماعي من المحتوى الحقيقي الإيجابي، وبالتالي توليد الشعور باليأس والاستسلام للهزيمة. المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين