عاش المسجد الأعظم محمد السادس بمدينة سانت إيتيان الفرنسية، الذي شيد سنة 2012، في أولى أيام عيد الأضحى، عرسا دينيا بكل المقاييس، الذي فتحت أبوابه للجاليات المسلمة بالمنطقة، إذ تمكنت قاعته الكبرى وجنباته، التي تميزت بتنظيم جيد وقفت وراءه لجنة تنظيمية مكونة من العديد من المتطوعين والمتطوعات، من جذب مئات المصلين لإقامة صلاة العيد والاحتفال بعيد الأضحى، هذه الشعيرة الإسلامية التي يحتفي بها المسلمون من كل بقاع العالم. وتوافد على هذه المعلمة الدينية، التي ساهمت في أكثر من فعل ثقافي واجتماعي، وتعتبر واحدة من الجواهر المعمارية لمدينة سانت ايتيان، من ذات المدينة والبلدات المجاورة لها، المصلون من الرجال والنساء والأطفال من جنسيات مختلفة متزينين بلباسهم التقليدي لأداء صلاة العيد والإنصات لخطبة العيد في صورة أبهرت الجميع. فقد احتشد الآلاف من أعضاء الجاليات المغربية والعربية والإسلامية في مصلى المسجد الأعظم محمد السادس بمدينة سانت إيتيان الفرنسية الذي تم تشييده على مساحة 10 آلاف متر مربع، منها 1400 مغطاة، حيث ضم أزيد من سبعة آلاف مصلية ومصلي، في خشوع ووقار، وأمهم الإمام الغيني محمد باه الذي لايمكن أن يعكس وجوده بالمسجد الأعظم محمد السادس بمدينة سانت إيتيان كواحد من أطرها الكفؤة إلا تلك اللحمة البشرية بين المغرب وبين العمق الإفريقي جنوب الصحراء ووحدة المقوم الديني بأبعاده العقدية والمذهبية والروحية. ويوفر المسجد الأعظم محمد السادس، الذي يجسد انفتاح المغرب على باقي الديانات والثقافات ومد الجسور بين الحضارات والشعوب، فضاء ملائما أمام الجالية المسلمة بالمدينة والبالغة 50 ألف نسمة، بينهم 10 آلاف مغربي، لأداء شعائرها الدينية في ظروف ملائمة توفر الوقار اللازم لمثل هذه العلاقات الروحانية الاستثنائية التي تربط العبد بخالقه. وقد ساهم المسجد الأعظم محمد السادس، الذي يعتبر من المعالم الدينية القليلة التي يمكن زيارتها، وتحظى باحترام المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى بالمنطقة وعموم فرنسا، في إشعاع إسلام معتدل يحرص على نشر ثقافة الإخاء والتسامح. إن تألق صومعة المسجد الأعظم محمد السادس المشيدة وفق التقاليد العربية الأندلسية في سماء حي “صولاي” غير البعيد عن الكنيسة المحلية بساحة “غاريبالدي” بمدينة سانت ايتيان، بكويرات جامورها النحاسية الأربع، والتي تحيل على صوامع شبيهة بتلك التي تعتلي مساجد في المغرب والأندلس، يؤشر على إسلام يرمز للسلام والتسامح. وهي الغاية التي يود عميد المسجد الأعظم محمد السادس العربي مرشيش، رئيس المركز الثقافي الاجتماعي المغربي بمدينة سانت ايتيان، وأطر المسجد، بشراكة مع مؤسسات مغربية، من خلال فتح أبواب المسجد الأعظم محمد السادس، يومي السبت والأحد 21 و22 شتنبر الجاري، للزوار الفرنسيين من مختلف الأطياف، معلنا انخراطه في احتفاليته بالتراث المعماري بطعم روحي مفعم ببعد إنساني يشكل رسالة للسلام والوئام تتجسد من خلال العلاقات الجيدة والمثمرة بين المغرب وفرنسا. ويقترح المسجد الأعظم محمد السادس ضمن فعاليات متعددة سوف تعيشها فضاءات المسجد بحضور فعاليات دينية وأكاديمية وإعلامية سفرا عبر الزمن منذ عهد الموحدين وذلك لاستكشاف جانبا من تاريخ المملكة من خلال مجموعة غير منشورة من الوثائق والظهائر والصور من خلال تنظيم معرض حول الحضور المسيحي في المغرب. وتعكس مشاركة المسجد الأعظم محمد السادس السادسة في أيام التراث الفرنسية المكانة التي يتمتع بها المغرب، كفاعل في مد جسور التسامح والتعايش بين الأمم والجماعات، ويجسد تقدير وتملك رسالة السلام واحترام الأديان والتنوع الثقافي التي يحمل المغرب لواءها ويدافع عنها في جميع المحافل. وتأتي مبادرة تنظيم المسجد الأعظم محمد السادس لمعرض حول الحضور المسيحي في المغرب في أعقاب الزيارة التاريخية التي قام بها البابا فرانسيس للمغرب في مارس الماضي، والتي تميزت بالتوقيع على نداء القدس الشريف الرامي إلى الحفاظ على هوية هذه المدينة المقدسة، والذي تم التأكيد فيه، بالخصوص، على التعايش بين الأديان وعلى ضرورة محاربة التطرف والتعصب. كما تعتبر انخراطا فعليا في ترجمة للقرار الذي تقدم به حول تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات ومحاربة خطابات الكراهية وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، بتوافق وتأييد تسعين بلدا يمثلون كافة المجموعات الإقليمية ومختلف الحساسيات الدينية والثقافية والعقائدية، مما يعكس المصداقية التي تتمتع بها المملكة في الساحة الدولية ودورها كداعم للحوار والاعتدال.