أفادت تقارير استخبارية أمريكية أن ما بين 20 و30 معتقلاً سابقاً في غوانتانامو، ممن أُطلق سراحهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية، انضموا إلى صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتنظيمات مسلحة أخرى في سورية والعراق، وفقاً لما نقلته قناة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية، أول أمس الخميس 30 أكتوبر 2014. وأكدت التقارير أن بعض المعتقلين السابقين توجهوا بالفعل إلى أرض المعركة في سورية، في حين أن البعض الآخر اكتفوا بالمساعدة على إرسال الدعم المالي واللوجستي ل"داعش" و"جبهة النصرة" عن بعد. ووفقاً لما أوردته "فوكس نيوز"، فإن من بين 620 معتقلاً، أُطلق سراحهم حتى الآن من غوانتانامو منذ إنشاء المعتقل، تشتبه السلطات الأمريكية في عودة حوالى 180 من المفرج عنهم مرة أخرى لقتال الولاياتالمتحدة، ومن بينهم 20 إلى 30 فرداً يعملون مع "داعش" أو "جبهة النصرة" في سورية. وجدير بالذكر أن 18 فردا من "المغاربة الأفغان" كانوا من ضمن معتقلي "غوانتانامو"، لعل أكثرهم تداولا في الإعلام، عبد الله تباراك، محمد مزوز، إبراهيم بنشقرون، محمد العلمي السليماني، محمد ابراهيم أوزار، محمد بنموجان، سعيد البوجعدية، رضوان الشقوري، محمد الحسيني، لحسن إكسارين، محمد نجيب لحاسيحي، أحمد رشيدي.. وقد رحل بعضهم إلى المغرب، وأكمل المدد المحكوم بها، أو استفاد من العفو. في حين مازال اثنان من مغاربة الأفغان يقبعون في زنازن غوانتانامو، وهما: ناصر عبد اللطيف المنحدر من البيضاء، ويونس الشقوري المنحدر من آسفي. فالأخير تقدمه واشنطن على أنه رئيس اللجنة العسكرية بالجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة المدعومة من طرف القاعدة، كما أنه عضو مقاتل بحركة طالبان الأفغانية، أما ناصر عبد اللطيف فخطورته، حسب واشنطن، تكمن في أنه عضو بارز في القاعدة وحركة طالبان، وأحد قادة الميدان في أفغانستان الذين قادوا الحرب ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها كما خبر صناعة المتفجرات وخاصة الأحزمة الناسفة وتدرب على فنون القتال وتقنيات الحرب في الجبال والصحاري، ويعد خبيرا متميزا في قراءة الخرائط وتقنيات التنكر والتمويه.. والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا: هل قام هؤلاء المغاربة العائدون من "غوانتانامو" بمراجعات فكرية وعقائدية تسهل اندماجهم في المجتمع، أم ما زالوا يبحثون عن »الإمارة المفقودة« بعد طرد طالبان من حكم أفغانستان؟ وهل هناك علاقة تبرطهم بدولة البغدادي، وبالتالي ينبغي أن يكونوا دائما تحت رحمة الرادار الأمني؟ لقد تأكد بالملموس أن "مغاربة غوانتانامو" لم يكتفوا بالجلوس في البيت لاجترار ذكرياتهم في المعتقل الرهيب، بل التحق بعضهم بسوريا وأثبت جدارة في العمليات القتالية، بل إن محمد العلمي السليماني (أفرج عنه بعفو ملكي) لقي مصرعه في إحدى المعارك ضد جيش الأسد بسوريا. كما أن رضوان بنشقرون أسس، قبل أن يلقى مصرعه هو الآخر، أسس حركة "شام الإسلام"، وهي حركة غالبية أفرادها من المغاربة، المصريين والسعوديين والتونسيين، وفتح صفحات على الفايس بوك وتويتر واليوتوب لضخ دماء جديدة في حركته. كما نشر وثيقته المذهبية المستلهمة من أدبيات القاعدة. وبعد مقتل بنشقرون، تسلم اللواء محمد مزوز الذي ظهر، بعد إطلاق سراحه بعفو ملكي، في فيديو يدعو الشباب المغاربة لنصرة السوريين، قبل أن يلتحق برفاقه من معتقلين سابقين في "غونتنامو" في سوريا وانضم إلى "شام الإسلام". ومما يدل على أن "مغاربة غوانتانامو" مجتهدون في الالتحاق بداعش إقدام الأمن الإسباني، موخرا، على تفكيك خلية إرهابية يتزعمها لحسن إكسارين، وهو معتقل مغربي سابق في غوانتنامو كان مقيما بإسبانيا ويعمل على تجنيد مقاتلين ل"الجهاد" في كل من العراقوسوريا. ومن الأكيد أن حقبة الجهاد السوري، كما يقول عبد الله الرامي (الباحث بالمركز الاجتماعي للعلوم الاجتماعية بجامعة الحسن الثاني) سوف تساهم في إنتاج وتفريخ نماذج وطبعات متعددة ومختلفة من الحالة الجهادية، وهي تختلف عن تلك التي تبلورت في غمار الحقبة الأفغانية أو حتى في حقبة الحرب الأهلية الجزائرية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ثم إنه في خضم العولمة القصوى لن تأخذ الانعكاسات المحتملة الناتجة عن الجهاد في سوريا سنوات حتى تحدث تأثيراتها في المغرب، وسوف تتفاعل بسرعة مع الواقع المحلي". كما أن حقبة الجهاد السوري تحمل معها معطى آخر هو تبوء المغاربة لأدوار طلائعية في "النصرة" و"داعش"، وهنا يمكن الإشارة، يقول الرام، إلى محمد مومو أو أبو قسورة الذي تقلد منصب أمير الشمال في دولة العراق الإسلامية، وإلى محسن خيبر الذي كان يطلق عليه كومندار ابن لادن، والشيخ سعيد الذي يعتبر من أهم المراجع في البروباغندا الجهادية في التيار الجهادي العالمي، وابوعبيدة القيادي الأمني في داعش، وغيرهم ممن يقودون الفصائل المغربية في مختلف التنظيمات المتواجدة بالخارج.. وهذا يعني أن المغرب أطلق مخطط "حذر" لأنه يعي جيدا خطورة الارتدادات التي يمكن أن تحملها عودة الجهاديين من سورياوالعراق، وخاصة معتقلي "غوانتانامو" السابقين، والقيادات العسكرية التي برزت في صفوف داعش. ذلك أن هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى المغرب برصيد راديكالي ومهارات قتالية، لكن بدون أي متنفس واضح آو استراتيجية للاحتواء والعلاج من العسكرة العقائدية و«إدمان القتال»، فليس هناك من وصفة أو طريقة بالخبرة والتجربة لتخليص هؤلاء من «الكائن الحربي» الذي يسكنهم، هذه حيثية سيكولوجية جد معقدة، يعلمها العسكريون المحترفون الذين خاضوا الحروب.. ناهيك عن، أن القلق أشد ما يكون، حينما نعلم أن هناك المئات كذلك من المقاتلين المغاربة بالمهجر شاركوا في الحرب بسوريا، وهؤلاء لديهم صلات بوطنهم الأم..وفي الأخير، علينا أن نتوقع كثيرا من التحديات الأمنية في قادم الأيام، وعلى الخصوص في مواجهة «ظاهرة الجهاد الفردي»، أي المبادرات الذاتية لمزاولة العنف»، حسب ما يذهب إليه الباحث..