ماركو روبيو: واشنطن تعترف بسيادة المغرب على الصحراء ومقترح المغرب الأساس الوحيد لحل عادل ودائم (تغريدة)    مُبادرةُ المعارضة .. ومَكْرُ الحكومة    الذهب يرتفع أكثر من 1% بفعل مخاوف الرسوم الجمركية        بمشاركة 70 بلدا و1500 عارض.. المعرض الدولي للفلاحة بمكناس ما بين 21 و27 أبريل يتوقع أكثر من مليون زائر    النفط يواصل التراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    المغرب في قائمة أكبر مستوردي زيت الزيتون من إسانيا    خبراء يرصدون ارتفاع "أسهم الحرب" بين الجزائر ودول الساحل    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    ترامب يٌعلق رسومه الجمركية 90 يوما.. وأسواق البورصات تنتعش    توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الخميس    تراجع أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين    كيوسك الخميس | نهاية عهد المديريات والمندوبيات الصحية بالمغرب    هشام جيراندو.. من النصب والابتزاز إلى التكهن والتنجيم    بلدية باريس تقاضي مجلس مدينة طنجة بسبب "منازعة على مقبرة"    تأجيل محاكمة النقيب محمد زيان إلى 23 أبريل الجاري        مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    محاولة اغتيال غامضة تطال "أمير دي زاد" بفرنسا واتهامات تلاحق أجهزة جزائرية    الجزائر بين مطامح الزعامة وسلوك التصعيد: هل بات دعم الجماعات المتطرفة خيارًا استراتيجيًا؟    الجزائر بين التصعيد مع فرنسا والصمت أمام واشنطن: ازدواجية دبلوماسية تكشف هشاشة الخطاب الرسمي    قراصنة مغاربة ينفذون هجومًا إلكترونيًا نوعيًا على مؤسسة البريد والاتصالات الجزائرية    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى إدريس الأزهر بمناسبة حفل ختان صاحبي السمو الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    الفاطمي يسأل وزير الفلاحة حول تضارب الأرقام وصمت الوزارة حول لائحة مستوردي الأغنام المستفيدين من الدعم الحكومي    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    "جباروت DZ" ترد على بلاغ CNSS بنشر معطيات قالت إنها تخص المدير العام حسن بوبريك    إقليم الفحص-أنجرة: الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارا على مساحة تفوق 1700 هكتار    نهضة بركان إلى نصف نهائي الكونفدرالية على حساب أسيك ميموزا    لقجع: تنظيم كأس العالم يعزز التنمية    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    موقع الشباب في السياسات الثقافية: قراءة في التحولات والحصيلة    أمريكا وسيادة المغرب على الصحراء: الانتقال من التزام خاص إلى اعتماده خُطةَ عمل دولية في الملف !    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    أخبار الساحة    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن بحراوي: المُبحر الثقافي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 05 - 2018

ويكفي دليلا أوليا على هذا الإبحار الجميل في أوقيانوس الثقافة عند حسن بحراوي،
هذا الانتقال أو الارتحال بين مرافيء الثقافة وسواحلها، متحرّرا من الحدود الجمركية – التخصّصية، ومُنْفتحا على أسئلة وعلامات ثقافية مختلفة ومؤتلفة، حساّسة وساخنة، مُنفتحا على هواء الثقافة الطّلق.
وهو الأستاذ الأكاديمي المدجّج بالعُدّة والعتاد الجامعيين . وحسبنا أن نلقي نظرة
أولية على عناوين أعماله ومنجزاته المطبوعة، ليتّضح لنا هذا الإبحار الجميل في
أوقيانوس الثقافة:
– بنية الشكل الروائي/ الفضاء- الزمن- الشخصية.
المسرح المغربي، بحث في الأصول السوسيوثقافية.
عبد الصمد الكنفاوي، سيرة إنسان ومسار فنان.
حلقة رواد طنجة، دراسة ونماذج.
فن ّالعيطة بالمغرب، مساهمة في التعريف.
جدل الذات والوطن، بصدد السيرة الذاتية لعبد الكريم غلاب.
أبراج بابل، شعرية الترجمة من التاريخ إلى النظرية.
هذا إلى ترجماته الأدبية و التاريخية العديدة، ومقالاته الجادة عن السينما المغربية.
وفي انعطافة إبداعية رائعة ، يطلع علينا حسن بحراوي بعمليه: النمر الفيتنامي (رواية)،
أستوديو الجماهير ( مجموعة قصصية)، إضافة إلى بوحه الشعري بين الحين و الآخر، كمحطة خُلوة واستراحة، يعود فيها إلى الإنصات لوجيبه الداخلي والإفضاء بذات نفسه.
وهكذا يبدو لنا حسن بحراوي مثقفا متعددا – قُزَحيا – مقتحما لخرائط الثقافة.
مفردا جمْعا، أو جمْعا مفردا، سيّان.
هكذا يبدو الرجل من صنف المثقفين الحداثيين القلائل، الذين تخطّوا جدران الأبراج العاجية، وتحرّروا من المعاطف الأكاديمية – اللاّنسونية .
كما تحرّروا من بُهْرج اللباس و مظْهريته، و انخرطوافي زحام الثقافة ومعْمعانها وهوامشها أيضا.انخرطوا في غمار الحياة. إنه مثال المثقف البارتي ( رولان بارت ) المُبْحر في أوقيانوس الثقافة والعلامات الثقافية ، المُنْصت للّغات و الأصوات المختلفة، مما يمسّ الجسم الاجتماعي في الصميم، ويدخل في دهاليز وسراديب الذاكرة الثقافية.
كل ذلك، بحسّ أدبي وعلمي حصيف ورهيف، ولغة نقدية ألمعية و لمّاحة ..
كلما التقيت حسن بحراوي، تفتّحت أساريره وندّت على لسانه لازمة ٌودّية دائمة يستقبلني بها: ( أستاذنا ملاذنا).
يقول ذلك تودّدا وتلطّفا، لكن بصدق نبيل وجميل.
هذا على الرغم من أن المسافة الأدبية – الجيلية بيني وبين حسن، قاب قوسين أو أدنى.
فأنا محسوب على جيل السبعينيات، وهو طالع مع طلائع الثمانينيات من القرن الفارط، رفقة جيل نقدي جديد، منقّح ومزيد، جيل سعيد يقطين وبنعيسى بوحمالة والبشير قمري .. على سبيل المثال.
ولأول وهْلة أو طلْعة، لفتني وجذبني في كتابات حسن بحراوي، لغته النقدية السلسة الرشيقة، الممتعة المفيدة. لغة أدبية – علمية تستهويك، وتُغريك، وتذلّل أمامك مسالك النقد الصارمة – الوعرة، وتُزجيها لك قراءاته رحيقا سائغا للقارئين.
إن لغة حسن النقدية، بلا غلوّ أو شطط ، من أرقى وأنقى لغاتنا النقدية . لغة أدبية – نقدية طليّة، لكنها مشحونة بالعلم و المعرفة.
وجدير بالإشارة، أن حسن بحراوي طلع علينا نقديا في سياق هيمنة المناهج النقدية الجديدة، وبخاصة النقد البنيوي بترسانته المفاهيمية والاصطلاحية والإجرائية الصارمة الدقيقة، التي كانت تتوسّل أحيانا لغة الهندسة والرياضيات واللوغاريتمات..
لكن حسن الذي تشرّب النظريات والمناهج النقدية الجديدة، كان يُحسن ويُتقن استيعابها واستثمارها، ويخفّف من غلُوائها، ويبْصمها دائما ببصمته الخاصة ، بأسلوبه الخاص.
وهو يعدّ بحق، من النقاد القلائل الذين يفقهون النصوص و يسبُرون أغوارها ويميزون بين غثها وسمينها، بلا لغَط نقدي أو منهجي.
و في أطواء حسن بحراوي الناقد الباحث، يكمُن المبدع الشاعر، علما بأن انطلاقته الأولى كانت إبداعية.
وقد سرّنا في الآونة الأخيرة، أن يُطلق سراح موهبته الشعرية من عقال، و يُرْسلها عبر نصوص شعرية شفافة نافذة وناقدة، تقع على أدق التفاصيل والصوروالخلجات.
تحت عنوان (قصص شعرية)، نقرأ تمثيلا، النصين القصيرين التاليين:
[ سعادة التمساح:
يسود هدوء مريب
على حديقة الحيوان
القردة تغفو خلف القضبان
والدبّ القطبي يشكو من الحمّى
وحده التمساح يبتسم ببلاهة
لعدسات المصورين].
[ بورصة:
ما أقسى أن تستيقظ في الصباح
على أصوات المرابين
ذوي القبعات المدبّبة
والرّبْطات المدلاة
كأيادي الموتى
وهم يتاجرون في الكافور
و المشانق].
وأكيد، أن في ضمائرنا أشياء، لا يقولها إلا الإبداع.
لا أريد أن أنهي هذه الورقة/ البورتريه ، دون الإشارة إلى مُفارقة ثقافية جميلة عند بحراوي.
ذلك أنه قبل أن يكمل مساره التحصيلي- الجامعي ، قبل أن يلتحق أستاذا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ، كان أستاذا للّغة الفرنسية ، يقرّب تلامذته
ويحسّسهم بجمالية لغة موليير.
ولمّا بلغ سن الرشد اللغوي والثقافي بعد أن راوح بين عشق اللسانين ، لمّا أراد أن يحكّ جلده بظفره، لم يجد أمامه سوى لغة الضّاد، مسْكنا للوجدان وتعبيرا على اللسان.
وفي هذا ردّ بليغ، على دعاة الفرانكفونية والعامية، غرباء الوجه واليد واللسان، لا هم في العِير ولا في النفير.
ولا أخفي من بعد، سروري وامتناني بالصداقة الجميلة والطويلة التي ربطتني ووشَجتني بحسن بحراوي، الصداقة الأدبية والمهنية و الإنسانية.
فقد جمعتنا رحاب كلية الآداب بالرباط، في عُروة جامعية وُثقى، ومع شلّة أنس
وفكر متآخية. كما جمعتنا فضاءات مدينة الرباط، آناء الليل و أطراف النهار.
والجميل دائما في حسن بحراوي ، أنه مُبحر في الحياة كنمر فيتنامي ، يسخر من
الحياة عبْر أستوديو الجماهير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.