تتحدث الأديبة «هيرتا مولر» الحاصلة على جائزة نوبل?للآداب في هذا الحوارعن قصائدها وعن قوة وفشل الكلمات. لقد ترعرعت «هيرتا ميلر» في قرية رومانية تنتمي إلى منطقة «ِبنات». استقر هناك منذ قرون خلت مهاجرون احتفظوا بلهجتهم وتقاليدهم الألمانية، كما سادت في المنطقة قواعد «التعايش معا» دائما وبالتالي صارت الكلمات البسيطة ك: القرية و البلدة و الميدان والأب محددة لأسلوب «هيرتا مولر» الكاتبة لاحقا، كما كان هناك بالطبع ما يسمى ب «الوجود» في ظل الديكتاتورية الشيوعية والفاشية في الماضي حددتها توترات داخلية عميقة،ومن ثمَّ قامت»هيرتا مولر»في كتابها الأول»الأراضي المنخفضة» الصادر سنة 1982 بتصوير حياة القرية كما ظلت «الضغوط في عالم الشمولية» موضوعا لها وقد استنسخت تلك الكلمات لغويا أيضا فجمعت عبارات بسيطة وعملية وقدمتها في عناوين بعض الروايات مثل: «قلب الحيوان» (1994) و «أرجوحة النفس» (2009. أصدرت مؤخرا ديوانا بعنوان «أبي يُهاتف الذباب» و هوعبارة عن قصائد شعرية معتمدة على فن «الكولاج» و قد اختارت فيه الكلمات بتمعن شديد و دقة متناهية. جريدة شبيغل: سيدة «مولر»، إن الذي يتصفح كتابكِ الجديد، يجد أمَامَهُ ملاحظاتٍ مبتزة وكلماتٍ ملتصقة و متقطعة وهذا بالنسبة لكاتبة حاصلة على جائزة نوبل أمرغيرعادي و لا اعتيادي، فلماذا فعلتِ ذلك؟ هيرتا مولر: لا، لا أظن ذلك. أعتقد أنني لم أبتز أي شخص أبدا. إن الابتزاز شيء رهيب، إلا أن ابتزاز الدولة و الابتزاز في العلاقات يظلان الأسوأ على الإطلاق. لا يبدو لي ما تقولينه صحيحا عندما أفكر في فن»الكولاج»، أنا أقوم بربط هذا الفن أكثر بالمنشورات، فهناك حيث نشأتُ في رومانيا، في «الديكتاتورية»، لم يكن ممكنا كتابة المنشورات بالآلات الكاتبة لأنها ببساطة مسجلة عند الشرطة أي أن لديهم قائمة بتلك الالات. جريدة شبيغل: إن الأدباء يضايقون أنفسهم بتعريف الجنس الأدبي، عندما يأتون للتحدث عن الفن «الكولاج» الخاص بهم: واحد يتحدث عن «صور القصيدة» و الآخر يتحدث عن «القصص القصيرة» أو «قصائد النثر». أيّ تعريفٍ تفضلين أنتِ سيدة «مولر»؟ هيرتا مولر: بالنسبة لي فن «الكولاج» طريقة للكتابة ولا شئ آخر. بدأت منذ سنوات عديدة بإعطاء بطاقات للأصدقاء بكلمات ملصقة عليها، لقد كان دائما معي مقص صغير يُطوى وعندما أقرأ المجلات على متن الطائرة وتُعجبني كلمة ما، أقوم بقطعها. ثم بعد ذلك أدركتُ كم هو ضخم عدد الكلمات المبحوث عنها، وقد واصلت نفس العملية في المنزل أو في المطبخ على لوحة التقطيع حتى أتمكن من حمل الكلمات بعيدا عند تناولي للطعام وجدير بالذكرهنا أن الكلمات تحمل طابعا توسعيا فهي تصبح دائما أكثرو أكثر. جريدة شبيغل: هل يمكننا الحديث هنا عن إدمان «الكلمة»؟ هيرتا مولر: نعم بالفعل إنه أمر لا يصدق! لا أستطيع فعل شيء اخر عند القراءة سوى البحث عن الكلمات، وأنا أقوم بالقطع كذلك من جريدتكم «شبيغل» فهي جريدة غنية بالمصطلحات. أنا أقرأ غالبا في سريري ليلا، فأضع في بعض الأحيان المجلات جانبا و لكنني للأسف لا أعثر بعد ذلك على الكلمة المقصودة، و هذا الخوف لازال لا يتركني إلى يومنا هذا لأنني أعتقد أن هذه الكلمة لن أجدها أبدا مرة أخرى فهناك عندي بعض الكلمات مكررة 20 مرة، فأنا أهدف من خلال هذا التكرار أن أُثبت لهذه الكلمة أنني لن أتركك تذهبين بعد الان. جريدة شبيغل: متى بدأتِ تفعلين ذلك؟ هيرتا مولر: حصل هذا منذ فترة طويلة، فقد قُدمت لي في مطلع التسعينات منحة دراسية من « فيلا ماسيمو» و آنذاك كنت أعيش في روما، فقمت حينها بملء كل الدرج بالكلمات المقطوعة وقد تواجدت هناك عاملة تنظيف تحصل على المال من الإدارة و كنت لا أريدها أن تنظف الدرج لذلك عقدنا اتفاقا أُن تشرب القهوة بدل التنظيف وبهذا تبقى كلماتي حيث هي موجودة، إن حجمها كبير بالفعل لدرجة أنني لم أستطع استيعابها.