منذ أن خفضت وكالة ستاندار أندبورز تصنيف الديون السيادية الأمريكية، يعيش عالم المال أسوأ حالاته. هذه العقوبة التي تمس القوة الاقتصادية الأولى في العالم، ليست المؤشر الوحيد على الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة منذ أربع سنوات. فالعديد من الدول ومن ضمنها دول أعضاء في منطقة الأورو مثل اليونان أو إسبانيا أو البرتغال طالتها الأزمة وانفجار ديونها العمومية. في هذا السياق، فإن وضعية الصين، ثاني أكبر قوة في العالم، وأول دائن للولايات المتحدة (تمتلك الصين 1160 مليار دولار من سندات الخزينة الأمريكية - 813 مليار أورو) وتمتلك كذلك جزءا مهما من ديون عدة دول أوربية (630 مليار من ديون منطقة الأورو)، هذا الوضع يتناقض مع وضعية الدول الغربية حسب أحد الخبراء الماليين الصيني، حيث يؤكد أنه «إذا ما دخلنا في مرحلة انكماش، فإن الصين ستشهد أثرا محدودا لذلك، لأن صادراتها ستتراجع، لكن هذا التراجع سيتم تعويضه بصادرات المنتجات المصنعة نحو روسيا والشرق الاوسط أو الدول الافريقية إضافة الى أن الصين، حسب رأيه، بإمكانها أن تلعب على إنعاش الميزانية حتى لا تسجل تراجعا حادا في نسبة النمو التي بلغت %10,3 سنة 2010. ولكن ألا تغامر الصين بامتلاكها حوالي 1000 مليار دولار من الديون الامريكية؟ الجواب هولا، لأنه يتعين أن تجد الولاياتالمتحدة نفسها في وضعية العجز عن التسديد، لكن تحس الصين بالقلق ، وهو ما لم يقع، ولكن هذا الاعلان يسمح للصين بأن تضرب بقوة على الطاولة رمزيا وعلنيا. يوم السبت 6 غشت، أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة، المعروفة بعدم التحرك دون موافقة أعلى سلطات القرار في الحزب الحاكم، أنه من حق الصين الآن أن تطلب من الولاياتالمتحدة أن تتوجه الى المشكل البنيوي لديونها ، وكان هذا التعليق في سياق تخفيض تصنيف الدين الامريكي. هذا الإعلان ليس عاديا، فهذا التنبيه يعتبر بمثابة ضغط على واشنطن. ضغط أكدته وكالة الانباء الصينية في نفس البلاغ: «لابد من وضع مراقبة دولية حول مسألة الدولار الامريكي وعملة جديدة للاحتياط، مستقرة ومضمونة، يمكن أن يكون كذلك خيارا من أجل تفادي أن تقع كارثة بسبب دولة واحدة . ووراء هذا الاعلان يستشف انطوان بروني وجود استراتيجية صينية تتمثل في تحويل الدولار الى عملة قردة حتى يستحوذ اليوان (العملة الصينية) بوضع العملة الاحتياطية. ويضيف أن الصين ستواصل خفض قيمة عملتها ما أمكن من أجل تنشيط نموها وتشجيع الصادرات، وعندما ستتأكد الصين من أنها أصبحت متفوقة على الولاياتالمتحدة، ستعمل كل ما في استطاعتها لفرض اليوان (العملية الصينية) كعملة للمبادلات العالمية، وهكذا تكون قد ربحت الرهان. ولكن قبل أن تتحقق هذه التوقعات، يتعين أن يصبح اليوان عملية دولية. من جهته يبدي غونتر كابيل بلانكار نائب مدير مركز الدراسات الاستشرافية والمعلومات الدولية موقفا مختلفا، بعيدا عن السيناريو الكارتي الذي يرسمه بروني، ويعتبر أنه من الصعب معرفة ما سيكون عليه مستقبل اليوان «إنه السؤال الذي يطرحه كل الاقتصاديين، ولكن بالنظر الى وزن الصين يمكن أن نتصور أن العملة الصينية سيكون لها مكان لا يستهان به أفق 2050». وفي انتظار هذا التحول التاريخي يذكر كابل بلانكار بأن الأزمة تشكل تحولا في الحقبة نهاية دورة بدأت قبل 50 سنة، عندما كانت الولاياتالمتحدة تتربع على عرش الاقتصاد العالمي . وهكذا تحاول الصين استعمال وزنها الاقتصادي المتزايد من أجل التأثير أكثر أمام الدول الاعضاء في مجموعة الثمانية. وفي بداية هذا الشهر جدد البنك المركزي الصيني عزمه على «تنويع» مشترياته من العملات الاجنبية بشكل يقلص من المخاطر التي تتهدده.