أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    الأزمي يتهم زميله في المعارضة لشكر بمحاولة دخول الحكومة "على ظهر العدالة والتنمية"        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بيت الشعر في المغرب والمقهى الثقافي لسينما النهضة    الزمامرة والوداد للانفراد بالمركز الثاني و"الكوديم" أمام الفتح للابتعاد عن المراكز الأخيرة    اعتقال بزناز قام بدهس أربعة أشخاص    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولار واليورو في قلب صراع الهيمنة العالمي
قصة «ذئاب» الأسواق المالية
نشر في العلم يوم 17 - 05 - 2010

يوم السبت 8 مايو 2010 أوردت وكالة الأنباء الألمانية «د ب أ» تصريحا لرئيس وزراء اللوكسمبورغ جان كلود يونكر قال فيه إن تراجع اليورو على نحو ملحوظ في الأسابيع الأخيرة نجم عن «هجمات منظمة عالميا» وطالب سلطات منطقة اليورو برد الضربة للحفاظ على استقرارها. وأوضح يونكر «نحن نتعامل هنا مع هجوم منظم عالميا ضد اليورو، وعلى دول منطقة اليورو التعامل مع الموقف بطريقة موحدة».
وبإسلوب دبلوماسي أثار إبتسامات الكثير من الصحفيين، أشار يونكر إلى انه لا يعرف من يقف وراء تنظيم هذه الهجمات، وتابع «إذا كنت أعرف هذا فأنا عندئذ لن أجري مقابلات، ولكن سأربح الكثير من المال».
وترأس يونكر مجموعة اليورو، لجنة وزراء مالية منطقة اليورو التي وافقت خلال الأسبوع الأول من شهر مايو على خطة لإنقاذ اليونان بقيمة 110 مليارات يورو «140 مليار دولار».
في نفس اليوم أعلن المتحدث باسم قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ألغى رحلة الى موسكو لكي يتابع أزمة منطقة اليورو.
بعد 48 ساعة تقريبا دعا وزراء مالية الاتحاد الأوروبي لاجراء قوي لضمان الاستقرار قبيل اجتماعهم لمناقشة سبل احتواء أزمة ديون اليونان ومنع امتدادها إلى دول أخرى مثل البرتغال أو اسبانيا أو ايرلندا.
وتعهد وزراء المالية الأوروبيون في مستهل محادثاتهم ببذل أقصى استطاعتهم للدفاع عن اليورو من «ذئاب» الأسواق المالية. وقالت وزيرة الاقتصاد الاسباني الينا سالغادو للصحفيين قبيل محادثات بروكسل «سوف ندافع عن اليورو»، وأضافت إن الوزراء مصممون على الحفاظ على العملة الأوروبية المعتمدة في 16 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ال27.
كما شدد وزراء مالية كل من فرنسا وفنلندا ودول أخرى على ضرورة الدفاع عن العملة الأوروبية الموحدة. وذكر وزير المالية السويدي أندريس بورغ للصحفيين «ما نراه الآن هو ... سلوك الذئاب وإذا لم نمنع تلك الذئاب ... فسوف تمزق الدول الأضعف». وقد استطاع الأوروبيون حشد أكثر من 750 مليار يورو لهذا الهدف.
حملة بريطانية أمريكية مشتركة
الصحف الألمانية ذكرت أن اتصالات عديدة جرت بين قادة أوروبيين والرئيس الأمريكي أوباما خلال تلك الأيام حول الهجوم الذي تتعرض له العملة الأوروبية ولكن لم يكن هناك تحديد معلن حول هذا الأمر، بينما صدر إعلان قصير عن مكتب الرئيس الفرنسي، أشار فيه إلى أنه تحدث مع الرئيس الامريكي باراك اوباما واتفقا على «الحاجة لرد واسع النطاق على الاضطرابات الحالية التي تؤثر بالأسواق».
قبل أن تحتدم الأزمة الأوروبية بأسابيع قليلة ذكرت صحيفة الباييس الإسبانية يوم الأحد 14 فبراير 2010 أن مدريد تجري تحقيقات حول حملة إعلامية خفية لإضعاف اليورو وإسبانيا. وأضافت الصحيفة أن المخابرات الإسبانية تستعين بخبراء اقتصاد للتحقيق في وجود حملة بريطانية أمريكية مشتركة تستهدف اقتصادها وتثير شائعات حول إنهيار اقتصادي وشيك فيها مما يدفع رؤوس الأموال إلى الفرار.
وأثارت الصحيفة في تحقيقها تساؤلات عديدة منها إمكانية استهداف إعلامي متعمد من قبل بريطانيا والولايات المتحدة بغرض إضعاف اليورو، ووجود رغبة أمريكية لمعاقبة حكومة سباتيرو بسبب مواقفها ضد الحرب في العراق ووقوفها ضد السياسة الأمريكية والبريطانية في كل من قطاع غزة ولبنان.
وحذر سباتيرو من تلميحات الخبير الاقتصادي الأمريكي نورييل روبيني الذي استهدف اقتصاد إسبانيا مؤكدا قرب انهياره، وقال سباتيرو إن حصل تدهور في الاقتصاد الإسباني فسيكون كارثة على الجميع.
الصين تحذر
يوم 15 مارس 2010 حذرت صحيفة الشعب الصينية من المخططات الأمريكية ضد العملة الأوروبية الموحدة والعملة الصينية الرنمينبى حسب تسميتها الرسمية ويقال لها اليوان، وقالت في مقال بعنوان حذار من اطماع استراتيجية الدولار الامريكي:
«تستمر الحرب بين الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو حول سعر الصرف، جارية بقوة عارمة لا تقاوم. وان الفرق هو أن الهدف الذى تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقه في هذه الحرب هو اجبار انخفاض قيمة اليورو. منذ وقوع أزمة الديون السيادية اليونانية، ظل القول حول ما يسمى ب «نظرية المؤامرة» شائعا فى بلدان منطقة اليورو وبأن هذه هي «حرب العملات» التى شنها وول ستريت، بينما كانت الحكومة الامريكية تقف وراءها بهدف تبديد القوة الجاذبية والقوة الحاشدة التين يتمتع بهما اليورو. وفى نهاية المطاف حققت الولايات المتحدة ما ارادته، فاصبح اليورو ضعيفا، وزاد نفور المستثمرين من المخاطر، بينما تعزز الدولار الامريكى باستمرار. إنه مفتاح سؤال اكثر خطورة لدفع الاستقرار المالي والاقتصادي لأمريكا هو «تمويل»، في حين أن رؤوس الأموال الدولية قيد العودة من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأن. وذلك وصل مع السعي لاجبار الرنمينبى على رفع قيمته لبلوغ نفس التأثير، سوف تصبح الاشياء الامريكية «رخيصة « وان يرتفع سعر صرف الرنمينبى، وسوف تتدفق بعض رؤوس الاموال من داخل الصين الى الولايات المتحدة. يمكن القول بأن هذا هو هدف آخر لاستراتيجية الدولار الأمريكى للولايات المتحدة.
القى رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما يوم 12 مارس كلمة نادرة، دعا فيها حكومته الى اتخاذ «تدابير صارمة» للحد من قوة الين اليابانى. يذكرنا درس اليابان، أن وراء استراتيجية الدولار الامريكى للولايات المتحدة اطماع أوسع. وفى الستينات والسبعينات من القرن الماضي شهد الاقتصاد الياباني فترة ذهبية من التنمية، بحيث تراكم من خلالها الكثير من الفائض التجاري، ومن أهمها الفائض التجاري على الولايات المتحدة بشكل رئيسى. شهد الاحتكاك التجارى بين اليابان والولايات المتحدة ازديادا متواصلا، تعتقد الولايات المتحدة أن عجزها التجاري الضخم ينتج عنه لدينا مكسب أكبر من قيمته الحقيقية. وتحت ضغط الولايات المتحدة، وقعت مجموعة الخمس في عام 1985 على «اتفاق بلازا» الشهير. ومنذ ذلك الحين، دخلت اليابان مسار ارتفاع سعر الصرف السريع للين اليابانى. على الرغم أن الصادرات قد تعرضت لصدمة هائلة، الا ان اليابانيين اعربوا عن رضاهم عن شرائهم المجنون في جميع أنحاء العالم، فاستثمر كثير من الناس كميات كبيرة من رؤوس الأموال في قطاع العقارات وسوق الأوراق المالية. وبعد انهيار «اقتصاد الفقاعة» استقبلت اليابان «10 سنوات مفقودة». في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة اعتمدت على المبالغ المسحوبة من الاموال لاستثمارها في مجموعة متنوعة من صناعات جديدة، وخلقت بذلك معجزة في النمو الاقتصادي لفترة طويلة. عزى كثير من الناس المصيبة التي حلت باليابان الى «اتفاق بلازا»، وحتى يشيروا الى ان تلك هي «مؤامرة» دبرتها الولايات المتحدة. وإن اضطرار الرنمينبي الى رفع سعر صرفه، ربما يكون «مؤامرة» اخرى تدبرها الولايات المتحدة ضد الصين».
حرب العملات
في سبتمبر 2007 صدر كتاب «حرب العملات» الذي ألفه الباحث الأمريكي من أصل صيني سنوغ هونغبينغ، وقد سجل مبيعات قياسية وصلت بعد ثلاثة أشهر من صدوره إلى 1.25 مليون نسخة، وتحدث عن مؤامرة لخفض الدولار ورفع اسعار النفط والذهب لتدمير الاقتصاد الصيني وتقزيم الإقتصاد الأوروبي.
وعزت تقارير صحفية اهتمام الأسيووين وفي مقدمتهم الصينيين بهذا الكتاب الى مخاوفهم من ان يتعرض اقتصادهم الذي ينمو بشكل حاد لخطر الانهيار فى اى لحظة او على الاقل ان يتعرض لضربة شديدة مشابهة لما تعرضت له اقتصاديات دول جنوب شرق اسيا المعروفة باسم النمور الثمانية في التسعينيات ومن قبلها اليابان والتي جنت منها الولايات المتحدة قدر ما خسرت هذه الدول بطرق مختلفة ومنها تحول الإستثمارات نحو الأسواق الأمريكية.
ويؤكد هونغبينغ الذي يميل في كتابه إلى نظرية المؤامرة، أنه انتهى بالفعل وضع خطة ضرب الاقتصاد الصيني مشيرا الى ان الشيء الذي لم يعرف بعد هو متى سيتم توجيه هذه الضربة، وحجم الخسائر المتوقعة جراء هذه الضربة التي يحذر الكتاب من أن كل الظروف اصبحت مهيأة لتنفيذها ضد الاقتصاد الصيني الذي يهدد امبراطورية رأسمال الأمريكي المتوحش.
ودعا هونغبينغ الصين إلى اتخاذ اجراءات وقائية بشراء الذهب بكميات كبيرة من احتياطيها من الدولار مشيرا الى ان الذهب هو العامل الوحيد القادر على مواجهة اي انهيار في اسعار العملات.
ويكشف كتاب «حرب العملات» ان قوة عائلة روتشيلد المتحالفة مع عائلات اخرى مثل عائلة روكفلر وعائلة مورغان أطاحت بستة رؤساء امريكيين لا لشيء الا لأنهم تجاسروا على الوقوف فى وجه هذه القوة الجبارة لمنعها من الهيمنة على الاقتصاد الامريكي من خلال السيطرة على الجانب الاكبر من أسهم أهم مصرف أمريكى وهو البنك المركزي الأمريكي المعروف باسم «الإحتياط الفدرالي».
ويوضح الكتاب أن ما يقصده بالظروف المهيئة هو وصول الاحتياطى الصيني من العملات الاجنبية الى ارقام قياسية، تزيد عن الف مليار دولار وهو أكبر احتياطي من العملات الاجنبية تمتلكه دولة في العالم. فيما الاستثمارات و الاموال السائلة تواصل تدفقها من جميع انحاء العالم على الاسواق الصينية و تشهد التعاملات في البورصة الصينية قفزات كبيرة فيما تسجل اسعار العقارات ارتفاعات قياسية.
ويقول هونغبينغ في معرض تحذيره للصينيين، انه عندما تصل اسعار الاسهم والعقارات الى ارتفاعات مفرطة بمعدلات تتخطى السقف المعقول بسبب توافر السيولة المالية بكميات هائلة فإنه يكفي للمتآمرين الاجانب ليلة واحدة فقط لتدمير اقتصاد البلاد بسحب استثماراتهم من البورصة و سوق العقارات ليحققوا ارباحا طائلة بعد أن يكونوا قد تسببوا في خسائر فادحة للاقتصاد الصيني.
الإتحاد الأوروبي
ليس سرا أن الولايات المتحدة لم تنظر بعين الرضى بروز العملة الأوروبية الموحدة خاصة وأنها هددت هيمنة الدولار على الإقتصاد العالمي وما يوفره لواشنطن من قدرات على التحكم وتحويل جزء من تبعات أزماتها الإقتصادية عبر العالم.
الصين شكلت ثاني أكبر تحد للهيمنة الأمريكية العالمية بعد الاتحاد السوفيتي ثم احتلت المرتبة الأولى أثر انهياره سنة 1991. أوروبا ظلت تعتبر في البيت الأبيض ولسنوات بعد انتهاء الحرب الباردة مكملة للإمبراطورية العالمية التي يبنيها المحافظون الجدد. غير أن هذا التقدير أخذ يتبدل تدريجيا مع نزوع دول الإتحاد الأوروبي إلى الخروج من القمقم الأمريكي.
المانيا بعد توحد شطريها الغربي والشرقي وتغلبها على الصعاب التي نتجت عن عملية الدمج الاقتصادي والسياسي لقطرين تبني أحدهما الخيار الإشتراكي والآخر الرأسمالية، تجندت خاصة بالتعاون مع فرنسا لتقود دول الإتحاد الأوروبي في طريق مستقل عن الهيمنة الأمريكية، ويسعى لوضع المصالح الأوروبية في المقدمة.
منذ ذلك الحين تحولت أوروبا من حليف تابع إلى متمرد يجب إعادته إلى بيت الطاعة الأمريكي.
في كتابه نهاية الغرب الذي صدر في الثلث الأول من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يقول المحلل كارلس أ. كوبتشن:
«يمكن القول ليس فقط أن تفوق أمريكا أبعد من أن يدوم طويلا، ولكنه بدأ بالفعل في الانكماش. والتحدي القادم ليس هو الصين أو العالم الإسلامي، ولكنه الاتحاد الأوروبي، النظام السياسي البازغ الذي يخوض عميلة ترشيد وتنظيم للموارد العظيمة والطموحات التاريخية لأوروبا المكونة من دول قومية منفصلة.
لقد بلغ مجموع الإنتاج الإقتصادي السنوي للاتحاد الأوروبي ما يقرب من 12000 مليار دولار، مقارنة مع 14500 مليار دولار لأمريكا، وسوف يصبح اليورو مهددا للتحكم العالمي للدولار.
تقوى أوروبا وعيها الجماعي وشخصيتها القومية وتسير نحو معنى محدد وواضح للاهتمامات والقيم المشتركة التي تختلف عن قيم الولايات المتحدة الأمريكية. يناقش أعضاء الاتحاد الأوروبي تبنى دستور أوروبي موحدا (حركة يفضلها ثلثي شعوب الاتحاد)، بناء قوات عسكرية قادرة على العمل باستقلال عن القوات العسكرية الأمريكية، بذل قصارى جهدهم في وضع خطة العمل كصوت واحد في الساحة الدبلوماسية. فكما يعزز الاتحاد الأوروبي مؤسساته الحاكمة نجده يعمل على ضم أعضاء جددا للاتحاد (بولندا، المجر، جمهورية التشيك، وعلى الأقل هناك أربع دول أخرى يتوقع انضمامها إليه في سنة 2004)، بشكل سوف يجعل من الاتحاد وزنا مضادا وهائلا بالنسبة للولايات المتحدة في الوضع العالمي.
الديكة المتصارعة
إن التنافس عبر الأطلسي الذي بدأ لتوه سوف يشتد بطريقة لا مفر منها. مراكز القوى بطبيعتها تتنافس على الموقع والتأثير والمكانة.
إن الصدام القادم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي سوف يحمل تشابها أقل مع كل الصدامات التي حدثت منذ نهاية الحرب البادرة. لذلك ستبقى المجابهة العسكرية منظورا بعيدا، لكن تنافس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف يتوسع بدون شك ليتعدى حقل التجارة. فمقدر على بنك الإحتياطى الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي التنافس من أجل التحكم في النظام المالي العالمي. واشنطن وبروكسيل سوف يظهران كالدبابير المتصارعة على الشرق الأوسط. وسوف تقاوم أوروبا العمل تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ربما تستطيع أوروبا أن تشل البنك الدولي، والأمم المتحدة، ومؤسسات أخرى اعتمدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على التعاون عبر الأطلسي. اتحاد أوروبي صاعد سوف يختبر بالتأكيد قوته إزاء أمريكا، خاصة إذا استمرت النزعة الأحادية في السياسية الخارجية الأمريكية. غرب واحد متحد في طريقه الآن إلى الانقسام إلى نصفين متنافسين.
يوفر التاريخ تحذيرات وافرة عن المتاعب التي تصاحب في الغالب انقساما كهذا الذي بدأ الغرب في تجربته. لنعتبر مصير الإمبراطورية الرومانية بعد أن تقرر، في نهاية القرن الثالث الميلادي، تقسيم المملكة إلى جزء شرقي وآخر غربي، مما أدى إلى تأسيس عاصمة ثانية، في بيزنطة-التي قرر قسطنطين إعادة تسميتها بالقسطنطينية عام 324 ميلاديا. فعلى الرغم من تراثهما المشترك، أصبحت روما والقسطنطينية متنافستين. دين واحد سقط ضحية صراع مذهبي وسلطوي، وأفسحت الوحدة الإمبراطورية الطريق إلى إراقة الدماء وزوال الحكم الروماني.
فكما فعلت بيزنطة مع روما بعد الانفصال، يقوم الاتحاد الأوروبي بعمل ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية. وكما افترق البيزنطيون والرومانيان في طرق مختلفة حول الاهتمامات والقيم، كذلك الحال فيما بين الأوروبيين والأمريكيين. جانبا الأطلسي يتبعان نماذج اجتماعية مختلفة. فالبرغم من عملية فك التنظيم التي تمر بها أوروبا، مازالت رأسمالية (دعه يعمل) الأمريكية تتعارض بوضوح مع المعالجة المركزية الأوروبية المتزايدة. ففي الوقت الذي يشجب فيه الأمريكيون القيود التي تفرضها أوروبا على النمو، ينظر الأوروبيون بازدراء لانعدام المساواة في الدخل بين الأمريكيين، نزعتها الاستهلاكية المفرطة، وميلها إلى التضحية برأس المال الاجتماعي في سبيل الربح المادي.
تباين شاسع
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يختلفان في فن إدارة شئون الدولة. الأمريكيون مازالوا يعيشون ويتصرفون وفقا لقواعد ما يسمونه السياسة الواقعية، ويعتبرون التهديد العسكري، والإجبار، والحرب كأدوات رئيسية في ممارسة الدبلوماسية. على النقيض من ذلك، وفى خلال خمسين عاما قضتها في محاولة تدجين سياسة دولية، وضعت أوروبا السلاح جانبا مفضلة عليه قاعدة حكم القانون. في 1 يوليو عام 2002، وبينما كان الاتحاد الأوروبي يحتفل ببدء المحكمة الجنائية الدولية لعملها، أفصحت حكومة بوش عن نيتها في سحب قواتها العاملة في مهمات حفظ السلام بالبوسنة إلى أن يتم إعفاء أو استثناء قواتها من الملاحقة القضائية. يرى الأوروبيون اعتماد أمريكا على القوة بوصفه نوعا من التبسيط المفرط ، نوعا من الخدمة الذاتية، ناتجا عن قوة مفرطة وزائدة عن الحاجة. وينظر الأمريكيون إلى التزام الاتحاد الأوروبي بالمؤسسات الدولية التعددية كنوع من السذاجة المفرطة، ونوع من الاعتقاد بالقوامة الأخلاقية عن الآخرين، ناتجا عن ضعفها العسكري. مازال الأمريكيون والأوروبيون يتمتعون بنوع من الانجذاب لبعضهما البعض ينشأ من روابط تاريخية وتقاليد ديمقراطية. لكن حتى ذلك الرابط بدأ يتآكل. أمريكا، بوصفها أمة من المهاجرين ذوى الأصول العرقية والإثنية المختلفة، بدأت تتعجب من استمرار بقاء أوروبا كأمة معادية للمهاجرين بالرغم من انكماش نموها السكاني، وسقوطها فريسة لفترات من اللاتسامح. وعندما نتحول بنظرنا إلى الأوروبيين نجد لديهم صورة مظلمة عن أمريكا التي ينتشر فيها باتساع حق امتلاك السلاح والعقاب المالي. أمريكا وأوروبا، في الجذور ، تقود كل منهما ثقافة سياسية مختلفة عن الأخرى. والمسافة الثقافية تبدو في صيرورة اتساع ، وليس اقترابا، واضعة جانبي الأطلسي في سبل اجتماعية متباينة.
يواصل الاتحاد الأوروبي نموه، ونتيجة لذلك فإن مصالحه السياسية والاقتصادية ستصطدم بالتدريج مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، معززة الإرادة المضادة. تفوقت شركة ايرباص على شركة بوينغ في الفترة الأخيرة بطريقة جعلتها تظهر على أنها الشركة التي تقود خدمات النقل الجوى في العالم، وأصبحت شركة نوكيا أكبر الشركات العالمية إنتاجا لأجهزة التليفون المحمول. هاتان اثنتان فقط من شركات أوروبية كثيرة في طريقها لكي تصبح المنافس الأفضل للشركات الأمريكية الكبرى. ورغم أن هذا النجاح الإقتصادي هائل بحد ذاته، إلا أن هناك ما يتعداه مما لا تراه العين. فالتكامل الإقتصادي الأوروبي غدا التعبير الأمثل عن التجربة الشجاعة التي تهدف إلى إنجاز التوحيد السياسي للقارة الأوروبية التي ظلت طويلا منفصلة كدول - أمم تخشى بعضها البعض. العزم المؤثر أصبح الآن مرئيا. القيادة عبر الحدود من ألمانيا إلى فرنسا غدت مثل القيادة من فرجينيا إلى ميريلاند. لا تحكمها جوازات السفر، ولا رسوم جمركية، وليس هناك استبدال للعملة».
ويقول فوكوياما أن الخلاف الأمريكي الأوروبي ليس ذا طابع مؤقت نابع من «طريقة» بوش في إدارة دفة الحكم أو متأثر بتبعات أحداث 11 سبتمبر، بل يعكس خلافا في النظرة إلى شرعية الديمقراطية داخل وعاء الحضارة الغربية نفسها.
التوسع نحو الشرق
الاتحاد الأوروبي بتوسعه شرقا، سوف يتحكم جيوبولتيكيا في أوراسيا، محتلا بذلك مكان واشنطن. لقد جذبت أوروبا رؤوس الأموال إليها ونافس اليورو الصاعد الدولار كعملة احتياطية، إن النظام الذي ظهر للوجود تحت قيادة قبطان واحد يديره لن يستمر كذلك أكثر من هذا.
إن التاريخ يتخذ شكل الدورة الكاملة. فبعد اضمحلال الإمبراطورية البريطانية، ظهرت الولايات المتحدة كفيدرالية موحدة، ظهرت كأمة جاهزة لتولى القيادة، وتفوقت في نهاية الأمر على كل القوى الأوروبية العظمى. وهاهي أوروبا تصعد اليوم تاركة وراءها أمريكا التي ترفض التنازل عن إمتيازات التفوق.
سوف تصعد أوروبا كمنافس رئيسي لأمريكا بطريقة محتومة. لو أدركت واشنطن وبروكسيل الأخطار التي تنتج عن تزايد الهوة بينهما، فربما يكون في استطاعتهما احتواء التنافس الناشئ. وفى حالة عجز كل منهما عن إدراك ذلك، فالصدام القادم بين الحضارات، سوف يكون صداما بين غرب منقسم على نفسه، وليس صداما بين الغرب وبقية العالم».
هذا التحليل صدر قبل سبع سنوات، وهو يتحقق الأن، ويفسر جزء من المعركة الصامتة التي يشهد العالم جزء منها فيما يتعلق بصراع الدولار واليورو.
مصير الجنيه الإسترليني
يقول سيرجيو روسي أستاذ الإقتصاد بجامعة فريبورغ السويسرية، أدت الأزمة الإقتصادية العالمية الحالية إلى انهيار قيمة الدولار، ولا تبدو مؤشرات في الأفق على أن العملة الأمريكية ستستعيد عافيتها قريبا، وقد يواجه الدولار المصير نفسه الذي عرفه الجنيه الإسترليني قبل 60 عام، فتأخذ مكانه عملة أخرى.
ويضيف سيرجيو روسي: البنك المركزي الأوروبي لا يرغب في أن يصبح اليورو العملة الرئيسية الجديدة في العالم. تماما كما لا تريد الصين أن يحتل الين الياباني مكان الدولار. بشكل جوهري، استخدام عملة وطنية كعملة مرجعية على الساحة الدولية ليس حلا مستداما. وينقلب في نهاية المطاف ضد مصلحة الدولة صاحبة تلك العملة. لقد رأينا هذا مع الجنيه الإسترليني الذي تمت الإستعاضة عنه رسميا بالدولار سنة 1944، وها نحن نعيش ذلك اليوم مع الدولار الأمريكي.
بشكل سعي واشنطن لإنقاذ مكانة الورقة الخضراء ولو لفترة زمنية متوسطة أخرى، أحد أهم أهداف الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة اوباما الذي لا يريد أن يورخ عهده بتحول الولايات المتحدة إلى دولة عظمى من الدرجة الثانية. ويشير المحللون إلى الرعب الذي انتاب الكثيرين في واشنطن عندما بدأ حديث بلدان الخليج العربي عن وضع حد لإستخلاص أسعار النفط بالدولار مع حلول 2018، حسب ما كشفت عنه صحيفة «ذي أندبندنت» البريطانية.
دعم غير متوقع
في الوقت الذي كانت فيه عدة عواصم أوروبية تتحدث فيه عن هجوم الذئاب المنسق عالميا على عملتها الموحدة، سجلت لحسابها مساندة غير متوقعة وفي نفس الوقت غير مباشرة من جانب صندوق النقد الدولي. فيوم الأربعاء 12 مايو 2010 قدم الصندوق دعوة صريحة للدول والبلدان إلى الحد من الاعتماد على الدولار، في إشارة غير إيجابية لواشنطن تنبئ عن وضع سلبي بمستقبل عملة الدولار واقتصاد دولته الرئيسية.
ودعا صندوق النقد الدولي حكومات العالم إلى الحد من اعتمادها على الدولار، الأمر الذي يشكل في نظر البعض خطرا على النظام المالي الدولي في ظل الأزمة التي تضعفه، وإدخال عملات أخرى كاليورو والين في احتياطياتها.
وقال دومينيك ستراوس كان، المدير العام لصندوق النقد الدولي، في تصريحات بثتها وكالات الأنباء في ختام مؤتمر لحكام المصارف المركزية في زيوريخ «يمكن اتخاذ بعض الإجراءات لتعزيز الأنظمة النقدية الدولية».
وذكر ستراوس من هذه الإجراءات تشديد المراقبة على حركات تدفق الرساميل، وإقرار شبكات أمان مالية أكثر متانة، وتوسيع استخدام حقوق السحب الخاصة. وأوضح أن هذه الإجراءات تشمل بصورة خاصة «استخداما أوسع من أصول الاحتياطي البديلة، باليورو أو الين أو اليوان مثلا»، وهو ما يمكن أن يشكل «صمام أمان»، موضحا أن من الخيارات الأخرى للحد من الاعتماد على الدولار إمكانية توسيع استخدام حقوق السحب الخاصة التي تعتبر أكثر استقرارا.
وحذر ستراوس قائلا «لا بديل أمام أوروبا برمتها عن تعزيز المالية العامة وإنعاش النمو، وهو ما يمكن تحقيقه بفضل الإصلاحات البنيوية».
محاولات اطالة عمر الدولار
اعتماد دول العالم أو العدد الأكبر منها على الدولار في معاملاتها الخارجية وعلى صعيد الاحتياطي في مصارفها المركزية، هو الذي أعطى الولايات المتحدة الأمريكية قدرة على الهيمنة المالية، فهي الدولة الوحيدة في العالم، التي لا تغطي العجز في ميزانها التجاري الخارجي عن طريق الاحتياطي النقدي أو الذهبي لديها، بل عن طريق طباعة مزيد من سندات الديون بعملة الدولار، ومزيد من الأورواق النقدية من الدولار. التطور الطبيعي والأسلم هو وقف هذه الممارسة بعد أن استهلكت نفسها واغلقت الأفاق أمامها.
بعد إتفاقيات «بريتون وودز» سنة 1944 عوض الدولار الأمريكي الجنيه البريطاني في هيمنته على النظام النقدي و المالي العالمي باعتباره عملة تدوال عالمية، وسيلة عالمية لقياس القيمة الى جانب كونة العملة الأساسية في الإحتياطات النقدية في العالم. ومنذ ذلك الحين ترسخت سلطة الدولار في النظام النقدي والمالي العالمي. وقد أصبحت الإحتياطات النقدية العالمية في أغلبها في شكل دولار الذي صار يمثل 77 بالمائة من تلك الإحتياطات. وهذا يعني أن الغالبية العظمى من المعاملات المالية والمبادلات التجارية تتم بواسطة الدولار ويقع ضبط أسعار المواد الأولية وخاصة النفط بواسطة الدولار كمعيار. لذلك فإن كل دولة أو شركة ترغب في شراء بضاعة ما من السوق الدولية يجب أن تحصل على الدولار لتقدمه مقابلا.
وتوفر البنوك الأمريكية تمويل الإستيراد والتصدير في شكل دولارات لنسبة كبيرة جدا من المعاملات والمبادلات الخارجية. هذا الدور الذي يقوم به النظام النقدي البنكي الأمريكي يمكنه من الحصول على «ما بين 5 و 10 بالمائة من قيمة التجارة في العالم. وذلك بأن يوفر تمويل الإستراد و التصدير، و هذا ما كان يعرف بالأرباح غير المرئية».
ولأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتحكم في الدولار فهي بالتالي تتحكم في التجارة التي تتم بواسطته وخاصة تجارة النفط، وهذا ما جعل الدولار «عصب وقبضة هيمنة الولايات المتحدة على العالم» حسب عدد من الخبراء الاقتصاديين.
وإذا كان الدولار ووضعه المهيمن داخل النظام النقدي و المالي العالمي أحد أقوى مقومات الهيمنة الإقتصادية الأمريكية في العالم وعليه فما الذي يمكن أن يحدث لو خسر الدولار وضعه هذا ؟ ما هي تأثيرات تراجع وضع الدولار في النظام الإقتصادي العالمي على الإقتصاد الأمريكي ؟ ماذا يمكن أن يكون رد الفعل الأمريكي على من يمكن أن يهدد الوضع المهيمن للدولار وبالتالي الإقتصادي الأمريكي ؟ و بعبارة أخرى إذا كان الدولار هو رمز وأداة الهيمنة الأمريكية على العالم فما الذي يحدث لو أن وضع الدولار يكون مهددا ؟ أي أن الهيمنة الأمريكية ككل مهددة ؟.
في سنة 2003 قال خبير إقتصادي أمريكي قبل أن ترهق حرب البوابة الشرقية للأمة العربية النظام اللإقتصادي الأمريكي :»إن أكبر كابوس للخزانة الفيدرالية هو أن تغير أوبك معاملاتها الدولية من الدولار كمعيار الى اليورو». ولأن تجارة النفط تشكل نسبة هامة من التجارة العالمية فان إستبدال الدولار باليورو يعني خسارة فادحة بالنسبة للإقتصاد الأمريكي الذي إعتاد أن يحصل على ما بين 5 و10 بالمائة من قيمة التجارة العالمية باعتباره يوفر التمويل بالدولار للتصدير والإستيراد. ثم أن هذا التغيير سوف لن يتوقف عند تجارة النفط بل سيمتد ليشمل قطاعات أخرى من التجارة العالمية وهذا يعني كذلك أن تكف الولايات المتحدة الأمريكية على مراقبة إنتاج النفط ومواد أخرى والتحكم فيها عبر الدولار. هذا الإستبدال يعني أن تكف الورقة الخضراء على أن تكون العملة الأساسية في إحتياطات خزائن الدول وبالتالي يعني أن يكف الدولار على أن يهيمن على النظام النقدي والمالي العالمي وهو ما سيكون له أثر كارثي على الإقتصاد والمجتمع الأمريكيين وعلى مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية.
معالم حسم معركة الدفاع عن اليورو لم تتضح بعد ولكن الأمواج العاتية التي تتلاعب بالعملة الأوروبية الموحدة ستترك آثارها السلبية على الكثير من الدول وخاصة تلك التي تعتمد على تحويلات مهاجريها وتجارتها مع دول الإتحاد الأوروبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.