توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألمانيا على إيقاع 2009 .. سنة التحديات الكبرى: 60 سنة على ألمانيا الحديثة، 20 سنة على الوحدة، 15اقتراعا، ركود اقتصادي و رهان السياسة الخارجية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 17 - 01 - 2009

سنة التحديات الكبرى، هذا هو الشعار الأساسي لألمانيا 2009 حيث مرور 60 سنة على تأسيس ألمانيا الحديثة و 20 سنة على توحيد شطريها. كيف ستعيش ألمانيا هذين الحدثين على ضوء عدد من التحديات و الرهانات؟ أولاها كثرة الاقتراعات التي ستستدعي الألمان من خلال 15 اقتراعا للادلاء بأصواتهم بين الانتخابات المحلية و الجهوية و انتخابات الرئاسة الألمانية و الانتخابات الأوروبية دون أن ننسى انتخابات البندستاغ في سبتمبر القادم، إلى جانب أزمة اقتصادية تخنق الاقتصاد الألماني فرضت على حكومة برلين اقتراض 50 مليار يورو ليكون بذلك
أكبر قرض في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. هكذا ستجد ألمانيا نفسها أمام تحديات كبيرة سترخي بظلالها على السياسة الداخلية بالاضافة إلى السياسة الخارجية، حيث أزمة الشرق الأوسط و صراع جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا الذي يفرض على ألمانيا بصفتها الجار الأقرب للمنطقة سياسة خارجية
تجعلها بين سندان مصالحها الاستراتيجية و مطرقة مصالح الاتحاد الأوروبي. سنحاول هنا
ومن خلال هذه الرسالة
بسط هذه التحديات.
انتخابات هيسن: تيرموميتر
الايقاع السياسي
تجمع كل استطلاعات الرأي ووسائل الاعلام و مختلف الفاعلين السياسيين في ألمانيا على أن انتخابات الأحد في ولاية هيسن ستكرس رولاند كوخ المنتصر الجديد الذي سيعود كرئيس للوزراء بهذه الولاية بعدما فقدها قبل سنة. و لقد أقرت الأحزاب السياسية في الولاية بضرورة اعادة الانتخابات نظرا للوضعية المعقدة التي خلفها الاقتراع السابق، حيث لم تنجح مساعي الأحزاب في تشكيل أغلبية مريحة تقودها للظفر بقيادة هذه الولاية و بالتالي وضع حد للتسيير المنفرد لرولان كوخ أحد الوجوه البارزة في الحزب المسيحي الديموقراطي.
ومعلوم أن هذه الانتخابات هي بداية لسلسلة من الانتخابات التي ستعرفها ألمانيا سنة 2009 و تصل إلى 15 اقتراعا بين انتخابات محلية و أخرى جهوية و انتخابات الرئاسة الألمانية و انتخابات البندستاغ، بالاضافة إلى الانتخابات الأوروبية مما حذا بوسائل الاعلام الألمانية أن تطلق على هذه السنة سنة الانتخابات. و تجدر الاشارة إلى انتخابات هيسن تشكل حلقة أساسية في المشهد السياسي الألمانية حيث يعتبرها عدد من المراقبين بانها تيرمومتر المشهد السياسي في ألمانيا، وهي الانتخابات المعادة على ضوء النقاش الذي تفجر بسبب اصرار أندريا ابسيلنتي على التحالف مع حزب اليسار إلى جانب الخضر للظفر بمنصب رئيس الوزراء. ففي الوقت الذي كانت تسير الأمور في هذا الاتجاه حيث و لأول مرة و حتى يتم تفادي مفاجآت منح الثقة داخل البرلمان الجهوي نظم اقتراع سري داخل الفرق البرلمانية لكل من الحزب الاشتراكي الألماني بجهة هيسن و حزب الخضر و حزب اليسار و حصلت هذا التحالف على ثقة الفرق البرلمانية، غير أنه عشية الاجتماع التأسيسي للتحالف من أجل انتخاب حكومة جديدة فاجأ أربعة برلمانيين من الحزب الاشتراكي في ندوة صحفية الرأي العام السياسي ومع أندريا ابسيلانتي التي كانت تستعد لتقلد منصب رئيس الوزراء بالاعلان عن عدم تصويتهم لصالح هذا السيناريو، مما جعل أحلام ابسيلانتي تذهب أدراج الرياح لتقر الاحزاب السياسية بضرورة اعادة الانتخابات.
ولقد خلفت هذه الوضعية استياء عام لدى الرأي العام في ولاية هيسن بسبب عدم وضوح رؤية الحزب الاشتراكي الألماني تجاه التعامل و التنسيق مع حزب اليسار الذي يبدو أنه أربك الخريطة السياسية الألمانية حيث فرض عليها التمطط للقبول بخمسة أحزاب بدل أربعة مما يعقد من وضعية التحالفات و ان كان حزب اليسار قد حصل على الشرعية الانتخابية، فإنه لم يحصل بعد على الشرعية السياسية التي يبدو أنها لا تزال بعيدة المنال عنه لكون مختلف مكونات المشهد السياسي في ألمانيا ترفض التعامل معه، إما لمواقفه الشعبوية التي يدغدغ بها عواطف الناخبين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد منذ الاصلاحات الاقتصادية التي أقرها غيهارد شرويدر المستشار السابق أو بسبب ماضيه السياسي المرتبط ببعض الشيوعيين السابقين في جمهورية ألمانيا الديموقراطية.
وللتذكير، فإن هذه المعطيات تكتسي أهميتها الخاصة على ضوء الاستعداد للانتخابات العامة للبندستاغ الألماني خريف 2009 الذي من المفروض أن يشهد تنافسا كبيرا بين ميركل المستشارة الحالية عن الحزب المسيحي الديموقراطي و نائبها ورئيس الديبلوماسية الألمانية فالتر فرانك شتاينماير مرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي للتنافس على منصب المستشار، والذي جاء ترشيحه في ظل الأزمة التي تفجرت داخل حزبه على اثر استقالة الرئيس السابق كورت بيك وتراجع الحزب في الخريطة الانتخابية العامة.
الركود الاقتصادي قد يزيح ألمانيا على عرش لائحة المصدرين
تسلمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نهاية السنة المنصرمة التقرير السنوي الذي يصدره مجلس «حكماء الاقتصاد الخمسة الكبار». وأشار التقرير الذي يقيم الوضع الاقتصادي في البلاد إلى أن ألمانيا قد تواجه ركودا تاما. ويرى الحكماء أن هذا التراجع في معدل النمو الاقتصادي في ألمانيا يجعل من الممكن وصف حالة الاقتصاد بالركود. واستهل الخبراء الاقتصاديون تقريريهم بأن "الصدمات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية ضربت بشدة الاقتصاد الألماني" وذلك "بعد بداية موفقة في الربع الأول من عام 2008، غير أن الأمور تدهورت لتضع ألمانيا على حافة كساد اقتصادي". وكانت ألمانيا قد شهدت تراجع النمو الاقتصادي في الربع الثاني من 2008 وانكماشاً في الربع الثالث، نتيجة الأزمة المالية. ومن ناحية أخرى تطرق التقرير إلى ملف البطالة، وأشار المستشارون الاقتصاديون إلى أن الاقتصاد الألماني سيعرف انكماشا سنة 2009 مما سيؤدي إلى تلاشي الازدهار الذي تشهده سوق العمل في البلاد، متوقعين أن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
وللخروج من تلك الأزمة، نصح الخبراء الاقتصاديون الحكومة الاتحادية بزيادة التنمية في ألمانيا، وذلك عن طريق زيادة الاستثمارات، حتى وإن جلبت معها ديونا جديدة مؤقتة. وقال رئيس المجلس، البروفسور برت روروب: "علينا إيجاد إجابات بشأن الضعف الواضح في الاقتصاد". وأوصى روروب الدولة بزيادة الاستثمار في مجال البنية التحتية والتعليم من أجل إنعاش الاقتصاد.
وافق التحالف الحكومي المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و شقيقه المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على سلسلة جديدة من الحوافز الاقتصادية لدعم الاقتصاد الألماني بقيمة 50 مليار يورو الرامية إلى تجنيب أكبر اقتصاديات أوروبا أسوأ تداعيات الركود. وتعتمد الخطة الجديدة على تقديم التمويل اللازم لإنقاذ الصناعات المتعثرة من خلال القروض وخفض الضرائب على الأرباح، علاوة على ذلك سيتم تأسيس صندوق حكومي لدعم الصناعات المتعثرة من خلال منح القروض والضمانات. كما تردد أن قيمة التمويل الموجه "لصندوق الائتمان والضمان" ستصل إلى 100 مليار يورو. ويركز البرنامج الحكومي على ضخ استثمارات إضافية في مشاريع البنية التحتية والتعليم يتقاسم أعباء تمويلها كل من الاتحاد والولايات والبلديات، إذ سيتم رصد ما بين 17 و18 مليار يورو لهذه المشاريع حسب ما نقلته وسائل الاعلام الألمانية. كما يتضمن البرنامج الثاني لإنعاش الاقتصاد الألماني تخفيضات وإعفاءات ضريبية بالنسبة للمواطنين والشركات بحجم تسعة مليار يورو وذلك ابتداء من 1 يوليو القادم.
و تعتمد الخطة الجديدة على تقليل رسوم التأمين الصحي للعمال وهو ما يعني استفادة كل أسرة تقريبا في ألمانيا من الخطة، إذ سيتم تخفيض نسبة القسط المحدد للتأمين الصحي الذي يقتطع من رواتب الموظفين. بالإضافة إلى ذلك اتفقت الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الموسع على دفع 100 يورو لمرة واحدة لكل طفل في ألمانيا وهو نصف المبلغ الذي طالب به الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وتعد هذه الخطة إنعاش الاقتصاد هي الثانية من نوعها بعد تلك التي أقرتها الحكومة الألمانية في نهاية العام الماضي التي تعتبر أضخم حزمة إنعاش اقتصادي خلال 64 عاما، أي منذ خروج ألمانيا من الحرب العالمية الثانية. ولم يشعر كثيرون من الألمان العام الماضي بتأثير الركود الاقتصادي نظرا لاستقرار الأسعار الأساسية. لكن مع تراجع أسواق التصدير وتدهور الثقة في الاقتصاد تتزايد المخاوف من فقدان المزيد من الوظائف في مجال صناعة السيارات والآلات. تعتزم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل توزيع حزمة المساعدات المالية التي خُصصت لإنعاش الاقتصاد على شقّي ألمانيا الشرقي والغربي بصفة متساوية. جاء ذلك عقب جدل حاد في الأوساط السياسية حول تصريح للمستشارة أعلنت فيه عزمها تقديم مساعدة مالية أكبر لولايات غرب ألمانيا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن شرق ألمانيا، الذي كان يُشكّل الجمهورية الديمقراطية الألمانية الإشتراكية قبل سقوط جدار برلين عام 1989، كان قد استفاد من عدة مساعدات مالية كثيرة طوال العشرين عاما الماضية. وكانت هذه التصريحات أثارت انتقادات حادة، حيث وصف نائب البرلمان الألماني التابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي كارستين شنايدر المُستشارة الألمانية بأنها تسعى من خلال ذلك إلى الفوز بأصوات سكان الشقّ الغربي في ألمانيا والذين يناهز عددهم سكان الشقّ الشرقي من البلاد. كما صرح وزير المواصلات الألماني فولفغانغ تيفينزيه أنه لم يتم من قبل تجاهل غرب ألمانيا، وأن المساعدات المالية لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا. وفي تصريح نسب لرئيس ولاية سكسونيا السفلى كريستيان فولف أحد الوجوه الأساسية في حزب ميركل قال فيه:إنه يجدر أن يكون الهدف من وراء المساعدات المالية "دفع كل البلاد إلى الأمام". وطالب باستثمار المساعدات في البُنية التحتية وليس في جهة معينة من البلاد على حساب أخرى. من جهته نوه يورغين روتغه رئيس ولاية شمال الراين واستفاليا الواقعة في الغرب الألماني، حسب نفس المصدر باقتراح ميركل تقديم دعم أكبر لولايات غرب ألمانيا وشدّد على صوابه، مشيرا إلى تداعيات الأزمة المالية على البلاد.
رهان السياسة الخارجية
خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط التي زار خلالها كل من إسرائيل ومصر، أجرى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير محادثات مع مسؤولين إسرائيليين ومصريين وفلسطينيين تركزت على البحث عن طريقة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. لكن ما هي فرص نجاح هذه الجهود، لاسيما بعد رفض طرفي النزاع الالتزام بقرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار؟ وفي هذا الإطار يقول رولف موتسينيش العضو في البرلمان الألماني: "إن لدينا قرارا أمميا ملزما، رفضه كلا طرفي النزاع". وفي السياق ذاته أعرب موتسينيش عن أسفه لعدم اغتنام الجانبين الهدنة التي استمرت لبضع ساعات وتحوليها إلى وقف دائم لإطلاق النار.وحول هذه المشاركة قال موتسينيش: "إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار يستدعي إرسال بعثة من المراقبين الدوليين وتم الطلب من ألمانيا المشاركة ضمنها، عندها سيقوم البرلمان الألماني بتقييم هذه المشاركة والدور الذي يجب على ألمانيا أن تقوم به في هذا الإطار". كما اعتبر السياسي الألماني أن إعلان وزير الخارجية الألماني خلال زيارته الأخيرة للقاهرة استعداد ألمانيا للوصول إلى حل مبادرة في الاتجاه الصحيح. بيد أنه اعتبر أن الأمر سيطرح علامات استفهام كثيرة إذا ما تعدت المشاركة الألمانية ذلك ليشمل المشاركة في وحدات قبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة التي يمكن نشرها في منطقة النزاع.
وحول ما إذا كانت زيارة شتاينماير الأخيرة للشرق الأوسط تعكس غياب تحرك أوروبي موحد للعب دور الوساطة بين أطراف النزاع، اعتبر موتسينيش أنه ليس من الضروري دائما مناشدة الأطراف الدولية، بقدر ما يجب أولا مناشدة أطراف النزاع نفسها لإبداء استعدادها للتوصل إلى حل وسط. وحول ما إذا كان يُنظر إلى ألمانيا كوسيط محايد وصادق، يرى البرلماني الألماني موتسينيش أنه ينبغي على أطراف النزاع نفسها تحديد ذلك. لكنه عموما يرى أنه من خلال المحادثات والزيارات إلى المنطقة يتضح أن ألمانيا تحظى بقبول مختلف هذه الأطراف.
من ناحية أخرى لفت موتسينيش الانتباه إلى أن ألمانيا لديها علاقات خاصة مع إسرائيل لأسباب تاريخية، لكن اذا لم تكن هذه العلاقة تثير حساسية باقي أطراف النزاع، "أعتقد أنه بإمكان ألمانيا، إذا كانت تلك رغبة أطراف النزاع، أن تساهم في التوصل إلى حل للصراع في الشرق الأوسط أو على الأقل المساهمة في الحفاظ على استقرار المنطقة".
وفي السياق نفسه سبق للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن أجرت محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس من أجل وقف إطلاق النار. ولقد تم الاعلان من خلال المؤتمر الصحفي أن ألمانيا وفرنسا على استعداد "للقيام بمُبادرة مشتركة" وذلك من أجل المساعدة على تحقيق السلام في الشرق الأوسط وحلّ الأزمة في غزة، دون تحديد طبيعة هذه المبادرة. على صعيد آخر، أشادت المستشارة الألمانية بالموقف المصري إزاء الأزمة في غزّة وقالت "نحن نشكر رغبة الرئيس المصري حسني مبارك في تحمّل المسؤولية". وأضافت ميركل أن ألمانيا وفرنسا ستبذلان سويّا كافّة الجهود المُمكنة لإنجاح مُبادرة الرّئيس المصري حسني مبارك. على صعيد آخر، رفض متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الانتقادات التي وجهّها إليها بعض السياسيين الألمان على خلفية تصريحاتها التي تُحمّل حركة حماس وحدها المسؤولية الكاملة عن تصعيد التوتّر في قطاع غزة. وأوضح المتحدث أن وجهة نظر ميركل، التي أعلنت عنها أثناء خطابها بمناسبة العام الجديد، تتوافق مع وجهة نظر وزراء الخارجية الأوروبيين. وأضاف أن ميركل قد أعربت أيضا في خطابها عن رغبتها الشديدة في التوصّل إلى هدنة بين الطرفين في أقرب وقت ممكن. وفي سياق متّصل أوردت العديد من وسائل الاعلام الألمانية تصريحات رولف موتسينيش، نائب عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان الألماني (البوندستاغ) وخبير في شؤون الشرق الأوسط، والذي كان انتقد المستشارة الألمانية بالقول: "في الوقت الراهن لا يتعلق الأمر بمناقشة مسؤولية طرف ما" عن اندلاع الأزمة. ولفت عضو البرلمان الألماني، الذي شدّد في الوقت نفسه على أنه من حقّ إسرائيل حماية نفسها من صواريخ حركة (حماس)، إلى أن هناك حاجة ماسّة للتوصّل إلى هُدنة، مؤكّدا على أن ذلك يستوجب تفعيل الجهود السّياسية من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار. و طالب فولفغانغ غيركه، خبير الشؤون الخارجية في الجناح البرلماني لحزب اليسار الألماني المعارض، المُستشارة ميركل ووزير خارجيتها بممارسة "النقد الصريح مع الأصدقاء"، في إشارة منه إلى إسرائيل، وذلك بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. في حين أعرب فيرنه هويا، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر المعارض الشؤون الخارجية وسكرتير دولة سابق في وزارة الخارجية الألمانية، عن مساندته المبدئية لموقف المستشارة، مشيرا إلى مسؤولية (حماس) في كسر الهدنة، غير أنه قال في الوقت نفسه: "أعتقد أن الحديث عن مسؤولية طرف ما في اندلاع الأزمة لا يخدم المساعي الضرورية للتوصّل إلى هدنة"، وذلك بحسب الموقع الالكتروني "شبيغل أولاين". وأشار هويا إلى أن ألمانيا تؤيّد حقّ إسرائيل في ضمان أمنها، لكنها في الوقت نفسه تتمتّع بسمعة طيّبة في العالم العربي، ولهذا يتعيّن على الحكومة الألمانية التفكير في ماهية المساهمة التي تريد تقديمها لانجاح مساعي السّلام في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.