اختطف الشهيد المهدي بن بركة يوم 29 أكتوبر من سنة 1929 وكان عمري آنذاك لا يتجاوز أربع سنوات ونصف، لذلك لم أعيش الحدث بإدراك مباشر ولحظي، مرتبط بمأساة جماهير شعبية تتطلع لعيش رغيد ومستقبل أفضل وبخدش أحلام وردية كانت تعلق على الفتى آمالا كبيرة. لا مكان لمثل هؤلاء في دولة الفوضى والمراهقة السياسية. هذه المرحلة أسست لسمفونية رتيبة تعزفها السلطة بمعية أحزاب مطبوخة من طرف المخزن لم تطرب الشعب أبدا، تلتها سنوات الرصاص والتعذيب والخوف، فكنت من بين أولائك الذين عايشوا تلك المرحلة العصيبة وذلك الألم الذي سيظل نقطة سوداء في ذاكرة المغاربة الأحرار. شهداء «الكوميرة»، نساء و رجال، شيوخ وأطفال، اغتصبو و دفنوا في الخفاء بعيدا عن الرؤية و قريبا من الرأي... وجاءت المصالحة الوطنية وكأنها سترمم ما أفسده النسيان. وماذا عن بنبركة، ذلك الرجل الذي أرادنا أن نكون أحرارا؟ نحن نكتب من خلال ما يحيط بنا، وما يحفر في وجداننا، لذلك لا نتحكم فيما نكتبه بقدر ما يهمنا أن نكون مرآة له. أحيانا نصرخ في وجه القدر، غالبا ما نتمنى أن لا يصرخ القدر في وجوهنا.