يزخر التراث العربي بقصص وأخبار الأولين التي تم تدوينها، في كتب ومجلدات عديدة، متناولة حيوات أو أحداثا وقعت لهذا الشاعر أو هذا الأديب أو لذاك الوالي أو ذاك الحكيم أو هذا المجنون، أو هذا الطماع وذاك المحتال إلخ.. وهي قصص وأخبار انتمت في غالبها إلى الأدب العربي، الفصيح العالم منه، أو الشعبي، مما ظل الحكاة والرواة يرددونه في مجالس أنسهم، أويطالعه المهتمون بالأدب لإغناء قاموسهم اللغوي، لما تنطوي عليه بعض هذه القصص من مفردات مُفعمة بنداوتها الأولى وطراوتها البدئية، أو لما تشمله من عبر وحكم وأمثال أو لمجرد متعة القراءة والترفيه عن النفس. لذلك، اخترنا منتخبات من هذا التراث ليصاحبها القارئ الكريم، عله يجد فيها من البلاغة والفصاحة وحسن القول وسرعة البديهة، وخفة الظل والدم ومن مهارات الخطابة وأساليب المكر والحيل لبلوغ الغاية ومن الامتاع والمؤانسة، ما يملأ به وقته استفادة ومتعة. ما أضاء المصباح نهارا! تقدم المحسوبون على حزب المصباح من أعضاء المجلس الجماعي لمدينة طنجة بلائحة لتسمية أزقة وشوارع وأحياء بطنجة، طبخوها لمدة شهر على نار هادئة، بعد أن قطروا دم القرابة اللغوية والمعنوية للفظة »المصباح« حتى يترسخ بذلك انتماء هذه »المسميات« إليهم وإلى مصباحهم. هكذا اختاروا أسماء من قبيل »الضياء« و »الإنارة«.. و»السطوع« و »المشعل« و »القنديل« والسراج «و»الفانوس« و »اللمعان« والبزوغ«. وقد لا يدري المرء، إن كانوا قد أحاطوا كل الأزقة والشوارع والأحياء بمثل هذه الأسماء، أم أن قاموس أسمائهم اقتصر على هذا الحد، ناسين الوميض والبريق والوهيج والشعاع والشروق، ولم لا الكهرباء، و »التريسينتي« ،والبروجيكتور« و »لا سامدي« و »لا جمعة« و لا »ريضال« ..الخ... الخ ثم، كيف لهؤلاء أن ينسوا أو يتناسوا اسم »النور، وهم الذين ترعرعوا أو استُقطبوا من داخل مساجد النور التي كان يجتمع بها »الإخوان« والتي شاؤوا أن تكون دالة عليهم، سواء في المغرب أو خارجه. ثم، وعملا بالمثل القائل" كبرها تصغار« "لماذا لا يغيرون اسم طنجة نفسها، فيكونون قد سموا مدينة كاملة لا زنقة أو درب، فيفضون اجتماع مجلسهم، ب"جمعة وطوية واحدة" بعد أن يقرأوا"وعلّم آدم الأسماء كلها«؟!" إن في الأمر رغبة دفينة في الامتلاك، بأن يجعلوا من طنجة طنجتهم، لا يشاركهم فيها أحد، ويسمونها بأسمائهم، ويَسِمونها بميسمهم، كما تُوسم الأغنام والأنعام! لكن كل هذا الاجتهاد، لا يشبه في النهاية سوى الكلام المباح، حتى إذا ما طلع النهار، ما أضاءه مصباح.