يوم السبت 4 يونيو 2016، نظمت شعبة اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش ندوة علمية تربوية في موضوع: سؤال تدريس الأدب بالتعليم الثانوي، الإعدادي والتأهيلي، توزعت إلى جلسة افتتاح وجلستين علميتين. افتتح الدكتور محمد زهير( أكاديمي، قاصٌّ وناقد) جلسة الافتتاح بكلمة توضح أن هذه الندوة تسعى إلى تحريك سؤال / أسئلة تدريس الأدب في السلك الثانوي بمستوييه، الإعدادي والتأهيلي؛ وهي أسئلةٌ تستقطب قضايا ومشاكل جوهرية، تتعلق بطبيعة الأدب: أولا، باعتباره أجناسا وأنواعا ورؤى أدبية متمايزة، لكلٍّ منها خصائصها طرق بناءٍ وتشكلات تعبيرٍ؛ وثانيا، باعتباره لغةً / لغاتٍ خاصة، ومتخيلا مبدعا، وتعبيرًا جماليًا عن تجاربَ متأصلة من صميم الحياة.. ومن هنا، يوضح الدكتور محمد زهير، فالأدب قيمةٌ ثقافيةٌ ضروريةٌ في بناء الإنسان، وبناء المجتمع، وبناء الحياة بمعناها الإنساني العميق. وتعبيرٌ جماليٌّ بهذه القيمة، لابد وأن يولى من الاهتمام الفائق ما يضمن تحقيق المردود الإيجابي من تلقِّيه في مجال التربية والتكوين.. ولابد من التساؤل عن نوعية النصوص الأدبية التي يتلقاها تلامذتنا، وعن كيفيات تلقيها طرقا ووسائل ودعامات وحيز زمان، وعن الأهداف المرسومة لتلقيها، ومدى ملاءمتها وكفايتها للمنتظر من تدريس الأدب، لتلامذة مقبلين على راهن الحياة، وعلى المستقبل. وبعد هذه الكلمة التأطيرية، جاءت كلمةُ مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش الأستاذ خالد المعزوزي كلمةً ترحيبيةً تحفيزيةً، فركزت على الدور الكبير الذي تؤديه الندوات العلمية التربوية: أولا، في دعم التكوين العلمي والتربوي للأساتذة المتدربين المقبلين على ممارسة مهنة التدريس؛ وثانيا، في تبادل الخبرات والمعارف بين الباحثين في مجالات عديدة ومتكاملة( الأدب، النقد، الديداكتيك...)؛ ثالثا، في بناء جسورٍ أخرى للحوار العلمي بين الطلبة والأساتذة الباحثين؛ رابعا، وأساسا، في إثارة الأسئلة الإشكالية التي يطرحها تدريس الأدب، على مستوى التنظير، وعلى مستوى الممارسة. وتَدخَّل رئيس شعبة اللغة العربية الدكتور الحسن بواجلابن( أكاديمي، باحث في اللغة والأدب)، فشكر الجهات الداعمة، وكلَّ من سهر على تنظيم هذه الندوة العلمية، من أساتذة مكونين وأساتذة متدربين، موضِّحًا أمرين اثنين: الأول، أنَّ الأدبَ بناءٌ لغويٌّ، فداخل حنايا النصوص الأدبية تتمظهر اللغةُ، مما يؤدى إلى استعمال مختلف نصوص الأدب لغاية تعلم اللغة، وإلى ضرورة دراسة بنية اللغة عبر تلك النصوص خلال تفسير الأدب؛ والثاني، أن الأدب هو كذلك بناء فني وجمالي؛ ولأنه كذلك، فقد اقتضى اللجوء إلى المناهج لتعرّف شكل انبنائه. أما بالنسبة إلى وضعية درس الأدب، فقد آن الأوان، في نظر الدكتور الحسن بواجلابن، للانتقال من تاريخ المضامين إلى تاريخ الأشكال، وحل إشكالية المركز والهامش، واستحضار الثقافة البصرية والخطاب التشكيلي في الأدب، وتدقيق انتقاء النصوص، وتجسير العلاقة بين تدريس الأدب وتعليمه، وتوظيف الأنساق الحافّة بالأدب في أثناء التحليل. وانتهت جلسة الافتتاح بكلمة الأستاذ حميد منسوم( ممثل اللجنة الثقافية لمركز تنمية جهة تانسيفت)، الذي أشار في البداية إلى أن اختيار هذا الموضوع في ندوة علمية تربوية قد جاء في الوقت المناسب، خاصة وأننا أصبحنا نسمع أصواتا وأصداء تنم عن رؤية تبخيسية للأدب، امتدادًا لخطابٍ معولم ومتوحش يختزل الإنسان في كينونته البيولوجية، ولا يُعير اهتماما لأسئلته الأنطولوجية: هذه التي لن يكون إلا الإبداع الأدبي والفني والفكري هو الكفيل بإرواء ظمئها؛ فالحضارة الإنسانية لا يبنيها العلماء والتقنيون فقط، بل هي يُبدعها الأدباء والفنانون والفلاسفة أيضا. أما بالنسبة إلى سؤال تدريس الأدب، فقد شهد، في نظر الأستاذ حميد منسوم، ثلاث محطاتٍ أساس: الأولى، كانت تركز على صاحب النص بوصفه معبِّرًا عن ذاته أو عن الجماعة التي ينتمي إليها( حضور الدراسات النفسية والسوسيولوجية)؛ وفي المحطة الثانية، كان التركيز على النص بوصفه منتوجا لغويا مستقلا بذاته( حضور الدراسات اللسانية والسيميائية)؛ وأما المحطة الثالثة والأخيرة، فهي تُعيد الاعتبار للقارئ بوصفه منتجا ثانيا للنص( حضور نظرية التلقي ونظريات القراءة). لكن، وعلى الرغم من التحولات التي تعبِّر عنها هذه المحطات، فقد سجل الأستاذ المتدخل مجموعة من الملاحظات، تتعلق بالنمطية أو التنميط في تدريس النصوص من دون مراعاة أنواعها وأجناسها وقابليتها للقراءة من مداخل مختلفة.. وانطلقت أشغال الجلسة العلمية الأولى، التي ترأسها الدكتور محمد زهير، مع الدكتور عبد العزيز الحويذق( أكاديمي، باحث في اللغة والأدب، مؤطر تربوي سابقا) بمداخلة عنوانها: إقراء النص الأدبي من القراءة الانطباعية إلى القراءة المنهجية؛ وهو يعتبر هذه المداخلة إسهاما في مجال تدريس الخطاب الشعري من منظورٍ دلائليٍّ يسعى إلى جعل التلاميذ، وهم إزاء اللغة الشعرية، يشعرون بأنهم في حضرة نمطٍ فريدٍ ضمن التواصل اللساني، يتميز بخرقه الدائم للقاعدة والمعيار اللذين يحددان سلامة الرسالة اللغوية ويضمنان لها الاضطلاع بوظيفتها التواصلية. وفضلا عن ذلك، يوضح الدكتور عبد العزيز الحويذق، فإن الطموح هو الارتقاء بالتلاميذ إلى مستوى يستطيعون فيه الانخراطَ في تشكيل الدلالة الشعرية انطلاقا من العلاقة التفاعلية والمخفضة بين المؤشرات الفنية في النص وبين دخيرتهم اللغوية والأدبية المؤسِّسة لأفق انتظارهم. والغاية من كل ذلك تجاوز القراءات الانطباعية غير المدعَّمة بحجج نصيةٍ، وتلافي القراءة المنهجية النمطية الأداتية التي تتجاهل خصوصيات النصوص وتُحَوِّل المنهج إلى آليةٍ ميكانيكيةٍ صماء. وبورقةٍ عنوانها: تدريس الأدب بين القيم والمفاهيم، تدخل الدكتور خالد بلقاسم( أكاديمي، ناقد ومترجم)، موضحا أن منظومة القيم تعيش اليوم تحولات معقدة، على نحو يضاعف التحديات أمام المدرسة التي تُعَدُّ واجهةً مركزيةً في ترسيخ القيم وتحصينها انطلاقا من تفاعلٍ حيويٍّ مع المجتمع. وهكذا، فإن دور المدرسة يقتضي منها المواكبة النقدية لما يجري في المجتمع، إذ يمكن لها، متى تبنت الفكر النقدي والرهان التنويري، ومتى أخضعت ذاتها للمساءلة والمراجعة الدائمتين، أن تنهض بمقاومة الوجه المدمِّر في النظام المجتمعيِّ المعاصر. ويوضح الدكتور خالد بلقاسم أن هذا ما حرصت ورقته على تأمله من زاوية وضع الأدب في المجتمع قبل رصد وضع تدريسه في المؤسسة التعليمية، انطلاقا من أسئلةٍ أساسٍ، من أهمها: هل يُجسِّد الأدب، في المجتمع المعاصر، الذي يُعاد تشكيل بنياته وفق قوانين النظام العالمي الجديد، قيمةً في ذاته؟ هل يُعَدُّ ضرورةً حياتية في زمنٍ يعيش فيه المعنى مآزق متنامية؟ ما هي حدود الوعي بأهمية المعرفة التي يُنتجها الأدب ؟ هي ذي بعض الأسئلة التي بها استشكلَ الباحثُ الموضوعَ قبل أن يتناول بعض مشاكل تدريس الأدب في المؤسسة التعليمية. وانتهت الجلسة الأولى بكلمة الدكتور محمد فخر الدين( باحث في السرد والمتخيل والثقافة الشعبية)، وعنوانها: درسُ الأدب بين بلاغة السرد وشعرية المتخيل؛ وكان التركيز فيها على الأسئلة الإشكالية التي يثيرها الأدب وتدريسه، ومنها بالأساس: ما جدوى تدريس الأدب في العصر الراهن؟ لماذا تدريس السرد وبلاغته؟ وماذا عن بلاغة السرد وطرائق تدريسها؟ وماذا عن مقاربة المتخيل وشعريته؟ ماذا عن تدريس صور المتخيل ورموزه؟ ماذا عن تنمية التخيُّل والتخييل عند الناشئة في درس الأدب بالتعليم الثانوي؟ هل يتعلم المتعلم كيف يُعبِّر عن مواقفه وآرائه وأحاسيسه بالتخييل والتصوير والترميز؟ أما الجلسة العلمية الثانية، فقد افتتحها الدكتور حسن المودن( أكاديمي، ناقد ومترجم) بكلمةٍ تؤطِّرها مجموعة من الأسئلة، من أهمها: أولا، أيُّ تدريسٍ للقراءة والأدب في زمن « الكفايات « ؟ فهذا سؤال يبدو أنه من الضروريِّ أن يُثار اليوم، وخاصة بعد أن قام المدرِّسون الممارسون بتجريب هذا النوع من التدريس للقراءة والأدب بواسطة المقاربة بالكفايات؛ وهو السؤال الذي بدأ منذ سنواتٍ قليلةٍ ينال اهتمام نقاد الأدب والباحثين في ديداكتيك القراءة والأدب: وإن كانوا لا يبخسون قيمة المقاربة بالكفايات، فإنهم يسجلون مجموعة من الملاحظات والأسئلة، من أهمها: ماذا عن ملاءمة المقاربة بالكفايات مع تعلم القراءة والأدب؟ فإذا كانت المقاربة بالكفايات تسمح بتفعيل المتعلم وتنشيطه، وتنمية قدراته المركبة المرتبطة بالقراءة والأدب، فإنها مقاربةٌ تَعتبر المعارف مجرد موارد، فإلى أيِّ حدٍّ يصحُّ ذلك مع تدريس الأدب والقراءة الأدبية؟ وهل يجوز أن نَعتبر المعارف مجرد أدوات؟ أليس من الضروري أن ننتبه إلى أن الجوهريَّ في القراءة والأدب ليس هو أن أكون « كفؤا « compétent، بل أن أحصل على اللذة، وأن أدرك أهمية القراءة وقيمتها، وأن أمتلك النصوص والمعارف المتعلقة بها؟ وفي تدريس القراءة والأدب، أينبغي لنا أن نستهدف الكفايات فحسب، أيكفي أن أكون كفؤا في القراءة المنهجية، أو في التفسير والتأويل؛ أليس الأهم هو أن أعيش تجارب، وأن أكتسب معارف قيمتها في أنها تُغذِّي المتخيَّلَ وتضعنا وتضع العالمَ موضع النظر والسؤال؟ وهذا السؤال، يقول الدكتور حسن المودن، يقود إلى سؤالٍ جوهريٍّ آخر: ما معنى أن نقرأ؟ وهو سؤالٌ إشكاليٌّ يضرب عميقا في التاريخ، وأنتج العديد من التصورات والنظريات والمناهج.. لكن إذا حصرناه في السياق الذي يهمنا في هذه الندوة، فإننا سنقول: ماذا يعني أن نقرأ داخل فضاء التدريس؟ قد يكون للمدرسة برنامجٌ للقراءة واضحٌ ومضبوطُ، لكنها لا تملك برنامجا للحياة مع الكتب، وهما لا يعنيان الشيءَ نفسه؛ فالمدرسة لا تعلِّم الفرق بين تعلم القراءة وتعلم العيش رفقة الكتب... وعلى المدرسة أن تكفَّ عن تكوين قراء سلبيين، فالقراءة لا تعني التسجيل والتدوين والتذكير، بل إنها تعني الإبداع، الإبداع في القراءة أيضا...فالمدرسة، مثلا، لا تَعرف، في الغالب، إلا قراءة واحدة من السطر الأول إلى السطر الأخير ، في حين أن هناك طرائق ومداخل عدة للقراءة...ويسجل الأستاذ الباحث أن التربية على قراءة الأدب قد عرفت تحولات خطيرة في السنوات الأخيرة، ما دعا المختصين والنقاد إلى إثارة أسئلة من النوع الآتي: ألا يبدو وكأن مناهج التحليل هي موضوع الدرس الأدبي، وأن الأعمال الأدبية أدواتٌ توضح تلك المناهج؟ أين الغاية، وأين الوسيلة؟ وإذا كنا نرحب بالتجديدات التي حملتها المقاربة البنيوية، فإننا نتساءل: أيتعامل معها الدرسُ الأدبيُّ بوصفها غاية أم بوصفها أداة؟ هل نتعلم في المدرسة عن ماذا يتحدث الأدب، أم أننا نتعلم عن ماذا يتحدث النقاد؟ أتقودنا القصائد والروايات إلى التفكير في الوضع الإنساني، التفكير في الفرد والمجتمع، في الواقع والحلم، في الفرح واليأس، في الألم والأمل.. أم أنها تقودنا إلى التفكير في مفهومات النقد وتصوراته؟ هل ندرّس الأدب بالطريقة التي تسمح له بأن يُحدث ارتجاجا في المعنى، معنى الإنسان، معنى الحياة، معنى الوجود، معنى الذات في علاقتها بذاتها وبالآخرين...؟ هل ندرِّس الأدب بالطريقة التي تسمح له بأن يُحرِّك جهازَنا للتأويل الرمزي، بأن يوقظَ قدراتنا على التداعي، بأن يثيرَ حركةً تتواصلُ ذبذباتُها زمنا طويلا بعد الاتصال البدئي بالنص الأدبي؟ هل يقود تدريس الأدب داخل فضاءاتنا المدرسية إلى عشق الأدب؟ وكانت ورقة الدكتور محمد فتح الله مصباح( أكاديمي، باحث في اللغة والأدب، مؤطر تربوي سابق) بعنوان: تدريس الأدب في الثانوي بين سؤال الماهية وسؤال الجدوى؛ وقد ركزت على محورين: أولهما التطرق إلى الهواجس الحقيقية لدى الأستاذ والتلميذ على حد سواء، وهي هواجس تترجمها تمثلاتٌ وأسئلةٌ عميقةٌ تمس الذات من الداخل، فتجعل الأستاذ يتساءل عن وظيفته، وتجعل التلميذ يتساءل عن الجدوى من تعلماته داخل المدرسة؛ الأمر الذي جعل الأستاذ الباحث يميز بخصوص جدوى الأدب بين: جدوى قريبة المدى وتتلخص في المنتوج الذي يمكن أن نحصل عليه غداة الانتهاء من العملية التعليمية التعلمية، وأخرى بعيدة يميز فيها بين ثلاث مستويات ما بين الدرس الأدبي من جهة والدرس العلمي والتقني من جهة ثانية، وهي: الجدوى، وقيمة المعنى، وطريقة تحصيل هذا المعنى. أما المحور الثاني، فيركز على سؤال الماهية وسؤال الجدوى في منهاج اللغة العربية في الثانوي، ويبدو أن السؤالين ظلا حاضرين فيه. وعلى الرغم من الثغرات في تنزيل الكفايات والمهارات المنشودة في المنهاج، فإن من باب الإنصاف أن نؤكد، يوضح الدكتور محمد فتح الله مصباح، على ذلك التطور الذي حققه، ولو نظريا، بالمقارنة مع برنامج اللغة العربية فيما قبل التسعينات. وقد تجلى ذلك بالأساس في التركيز على الكفايات، بما يخدم البعد الوظيفي للفعل التربوي، عن طريق التحيين، وربطه بواقع المتعلم واهتماماته؛ وعليه فإن درس الأدب وتدريسه، لم يعد مختزلا في تلقي المعرفة الأدبية، وإنما أصبح التركيز فيه أيضا، على الفعل والقدرة على التصرف وتحويل الخبرة؛ ومن ثم لم يعد مفهوم الأدب « متعاليا « ولا « كليا «، وإنما يكتسب قيمته من اعتبار قراءته حوارًا قادرًا على تقديم « تفسيرات « ممكنة لأسرار الحياة. وبورقةٍ تحت عنوان: تحولات وظائف الأدب في فضاء التدريس، تدخل الدكتور محمد آيت لعميم( أكاديمي، ناقد ومترجم)، فوضح أن للأدب علاقة وثيقة بالمأدبة، والقرى يرتبط بالقراءة: فوليمة الأدب هي الأشهى والأنفع لتغذية العقل والروح؛ ومن هنا تظهر لنا القيمة الحقيقية للأدب باعتباره وجدان الأمم والمعبِّر عن روحها، ومن تم ضرورة الأدب باعتباره حياة وفضاء يُعدِّد الوجود، ويُمدِّد معارفنا ويُوسِّعها، ويتسامى بجوانبنا الروحية، ويُدخِل المتعة على القارئ الحر. ثم ينتقل الدكتور محمد آيت لعميم إلى سؤاله الأساس: هل يمكن تدريس الأدب؟ وكيف ذلك؟ وما هي الشروط التي ينبغي لها أن تتوفر في تدريسه؟ بخصوص السؤال الأول، يُسجل الباحث بأن تدريس الأدب عندنا في المغرب تعتريه مجموعة من النواقص والإكراهات، ويبدو من الضروري القيام بتحليل وتشريح الكتب المدرسية اليوم، والعمل على إرساء دعامات حقيقية لإنجاز كتبٍ مدرسيةٍ من قبل العلماء والخبراء والمختصين، فالكتب المدرسية تتسم بضحالةٍ وفقرٍ مدقع فيما يخص النصوص الأدبية التي من اللازم أن يطلع عليها التلميذ في بداية تكوينه، ثم هناك مسألة تكاد تصبح قاعدة ثابتة في هيكل الكتاب المدرسي وهي هيمنة النصوص والأعلام من المشرق مع تغييب للأدب المغربي قديمه وحديثه، مما يؤثر سلبا على تكوين التلميذ في تمثل أدب بلاده. وبخصوص السؤال الثاني والثالث، فقد وضح الدكتور محمد آيت لعميم أن تدريس الأدب لا يمكنه أن يتم خارج الرغبة، فالقلق الكبير الذي يواجه الأستاذ أمام تلاميذه في الفصل هو معرفة ما الشيء المرغوب فيه، فالأمر يتعلق بسؤال: هل هناك رغبة؟ ومن هنا، فإن أفضل طريقة لتدريس الأدب هي تحبيبه للتلاميذ.