بتعليمات من الملك محمد السادس: ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تراجع معدل التصخم في المغرب إلى 0.7% في أكتوبر    أداء سلبي في تداولات بورصة البيضاء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع    برقاد: "خارطة الطريق" تضمن توزيعا عادلا للاستثمارات السياحية بمناطق المغرب    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    لمواجهة موجات البرد.. وزارة الصحة تطلق عملية "رعاية" ب31 إقليما    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء        تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    تفكيك منظمة إرهابية بتعاون أمني بين المغرب وإسبانيا    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في جدوى تدريس الآداب في المدرسة المغربية
نشر في المساء يوم 06 - 06 - 2012


مصطفى الغرافي
إن التأمل في وضع المدرسة المغربية، اليوم، في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها هذا العصر، يواجَه بسؤال لا مناص من الإجابة عنه حتى نكوّن رؤية واضحة لمعالم المستقبل: مستقبلنا
ومستقبل أجيالنا. إنه السؤال -الإشكال: لماذا ندرس الأدب اليوم في المدرسة؟ وهو سؤال /معضلة يواجِه المهتمّين بحقل التربية والتعليم، بصفة عامة، والمشتغلين بالأدب، بصفة خاصة، وإنْ كان يهُمّ، بصفة أخص، أساتذة اللغات الذين توكل إليهم مهمة تنفيذ البرامج الدراسية، ومنها تدريس النصوص الأدبية، حيث تواجههم عند تدريسهم هذه المادة مشاكل جمة تجعل الأسئلة تتناسل أمامهم، فلا يستطيعون وقف سيلها الجارف: ما جدوى تدريس النص الأدبي؟ هل ندرسع استجابة لحاجة حقيقية تفرضها الأهداف والغايات الموجهة للسياسة التعليمية في هذه البلاد أم إن تدريسه يرجع فقط إلى «حكم العادة»، حيث جرت العادة أن تتضمن جميع الأنظمة التعليمية مادة الأدب كجزء من البرنامج الدراسي؟ ثم ما هو الوضع الاعتباري للأدب في الوقت الحاضر، الذي يشهد سيطرة واضحة لوسائل الإعلام، مقابل التراجع المهول في اقتناء الكتاب وقراءته؟ ثم، ما الوظيفة التي ينهض بها النص الأدبي؟ وما جدوى تدريس لغته، الهائمة والمموهة، لطلبتنا في ظل اجتياح «تقاليد كتابية» مختلفة تطالعنا في الأنترنت والهواتف المحمولة؟ أليست هذه هي اللغة التي يستخدمها الشباب في نقل مشاعرهم وأحاسيسهم ويرون فيها أداة ناجعة وفعالة في التواصل؟ وإذن، ما الحاجة إلى لغة الأدب، الوقورة والمغرقة في القواعد والقيود؟ هل يستشعر شبابنا، التائهون بين القنوات التلفزية المتنوعة، والذين تربَّوا على قيّم الاستهلاك السريع، حاجة إلى بذل الجهد وتجشُّم العناء من أجل قراءة وفهم قصيدة جاهلية يقف صاحبها على طلل مهجور، باكيا مستبكيا؟ وهل يراها تستحق القراءة أصلا؟ هل يملك شبابنا «الوقت» و«الكفاية التأويلية» حتى يتوقفوا عند قصيدة معاصرة يُجهد فيها صاحبها نفسَه في تتبع المجازات وآخر تقنيات الكتابة، فيحشد لها الرموز والأساطير والبناء الشذري المتشظي.. فيضني قارئه، الذي ما يلبث أن ينصرف عنه؟..
إن هذه الأسئلة تفرض نفسها علينا اليوم بإلحاح، ويرجع ذلك إلى عاملين اثنين:
-تدنّي مستويات القراءة داخل المدرسة وخارجها،
-سيادة تصور يرى أنْ ليست للأدب وظيفة في حياتنا المعاصرة، ومن ثم الدعوة إلى «تشييع جثمان» الأدب، ما دامت وظيفته، في أحسن الأحوال، هي التسلية والمتعة وخلق عوالم خيالية تفصل القارئ عن واقعه.
ومن هنا كان التساؤل عن جدوى تدريس الأدب مطلبا بيداغوجيا مُلحّاً، فهو المدخل الذي ينبغي اعتماده لإعادة طرح علاقتنا بالأدب من خلال تحديد الغايات والرهانات التي تقف وراء تدريس النص الأدبي. فالأدب يوجّه ويعلم ويربّي، ما يعني أنه يؤدي العديد من الوظائف، أبرزها:
-الوظيفة الإبداعية: من خلال احتكاك التلميذ بمجموعة من النصوص الأدبية المتباينة أجناسيا، يتمكن من التعرف على خصائص كل جنس على حدة، ومن خلال محاكاة هذه النماذج وتقليدها، يستطيع التلميذ أن يبدع نصوصا جديدة، بالنسج على منوال النصوص التي درسها. وغيرُ خافٍ أننا بواسطة هذا الإجراء، ننقل التلميذ من مجرد متلقٍّ سلبي إلى منتج لها ومن مجرد مستهلك للنصوص إلى مبدع لها، مما يجعل المدرسة منفتحة على الإبداع والخلق، بدل الجمود والاجترار.
- الوظيفة النقدية: لما كانت النصوص الأدبية، على اختلاف أجناسها، ليست مجرد تشكيلات لغوية محضة وإنما بناءات معرفية تتفاعل مع الحياة، وبالتالي تتضمن بالضرورة التجربة الحياتية لمبدعها، فإن التلميذ، من خلال احتكاكه بهذه النصوص، يتمكن من اكتساب الحس النقدي، الذي نفتقده في مدارسنا، لأن تأمل التلميذ القيّم التي تتضمنها النصوص الأدبية يتيح له مقارنتها بتلك السائدة في المجتمع، ومن خلال آليتي المقارنة والاستدلال وإعمال الفكر، يستطيع أن يُميّز القيّم الزائفة من الصالحة، ويمكنه هذا التمييز من تخطي سلبيات الحياة لمعانقة الآفاق الرحبة التي تقدمها له الأجناس الأدبية المختلفة التي تُمكّنه من محاورة نصوص لشعراء ونقاد ومبدعين صارعوا الحياة وصارعتهم، فاكتسبوا بذلك خبرة واسعة بالحياة، ضمّنوها إبداعاتهم. وإلى جانب ذلك، فإن التعامل مع هذه النصوص، المتباينة أجناسيا، يمكّن التلميذ من إنماء فكره النقدي في ما يتصل بالنقد الأدبي، حيث يستطيع، من خلال تفحص النصوص أن يحكم عليها من خلال مدى انصياعها لقواعد الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه وتندرج تحته.
-الوظيفة المعرفية: تقوم النصوص التي يدْرُسها التلميذ، إلى جانب تمكينه من التمييز بينها أجناسيا، بتوفير ترسانة معرفية وثقافية ومفهومية هائلة، إذ بوساطة هذه النصوص يتعرف على نصوص أدبية جديدة، وهو ما يُمكّنه من رصد التغيرات التي تطرأ على هذه الأجناس بسبب التحولات الاجتماعية والحضارية، إذ تحظى بعض الأجناس بعناية النقاد والدارسين، ثم ما تلبث أن تتحول إلى هامش الدرس النقدي في عصور أخرى، مما يدل على أن سيادة الأجناس في عصرنا وتهميشها في عصر آخر يخضع لمعايير ثقافية محضة.
الأدب أداة وغاية، أداة لتنمية اللغة والأسلوب واكتساب مهارات الفهم والتحليل والتفكيك، وغاية، لأن من غايات المنهاج إعداد تلميذ يُقبل، بنَهَم وعشق، على قراءة الأدب أثناء الدراسة وبعدها. ولأجل ذلك، فإن إقراء النص الأدبي لا ينبغي أن يُقصيَّ أبعاده الجمالية ولا أن يضحي بجوانبه، المعرفية والدلالية، ولكنْ ينبغي أن يزاوج بين المتعة والفائدة، مما يمكن من إعداد تلميذ قادر على التفاعل جماليا مع النص الأدبي ومن الاستفادة من إحالاته، المعرفية والثقافية.
تتمثل الغاية من تدريس الأدب في تقريب القيّم الجمالية والمعرفية، التي تنطوي عليها النصوص، من ذهن التلميذ وحفزه على الكشف عنها وتعلم اللغة من خلالها، وهو ما يقتضي من القائمين على وضع البرامج الدراسية مراعاة خصوصية المُستهدَف (التلميذ) ما دامت الغاية من درس الأدب نقْلُ الثقافة إلى الجيل الصاعد بما هي قيّم وذوق وإحساس بالجمال.
باحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.