بعثت وزارة الداخلية ، قبل أيام من انعقاد دورة فبراير لمجلس مدينة الدارالبيضاء، تقرير ملاحظاتها إلى المدبرين للشأن المحلي البيضاوي بخصوص عدد من شركات التنمية المحلية التي أحدثت في سنة 2014، وتلقت الملايير من مجلس العاصمة الاقتصادية للاشراف على جل القطاعات الحيوية، منها قطاع الأسواق التجارية، كسوق الجملة للخضر والفواكه، والمجازر البلدية، وسوق الجملة للدواجن، وغيرها من المرافق التي تعد عمودا أساسيا من حيث المداخيل المالية لخزينة المدينة ، وهي القطاعات التي منح تدبيرها لشركة «الدارالبيضاء للخدمات» .كما عهد لشركة «الدارالبيضاء للتنشيط» تدبير المركبات الثقافية والرياضية والمسارح وتنظيم مهرجان الدارالبيضاء، وتكلفت شركة «الدارالبيضاء للتنمية» بقطاع النقل والتنقل وقطاعات أخرى، وشركة «الدارالبيضاء للتراث» التي تكلفت بتدبير المآثر والبنايات التراثية البيضاوية.. إلى غيرها من القطاعات التي وضعت بين أيدي هذه الشركات. شركات التنمية المحلية، وإن كانت إحدى آليات التدبير المعتمدة في عدة عواصم عالمية، وأثبتت نجاعتها في العديد من القطاعات بهذه العواصم، شكلت في الدارالبيضاء موضوع لبس بالنسبة للعديدين، بمن فيهم مدبرو المجالس المنتخبة أنفسهم، إذ لم تقدم ، الى حدود الآن، أي وثائق توضح هيكلتها القانونية، وظل التضارب في التصريحات بين المنتخبين، حول من يرأس مجالسها الإدارية، ومن هم المساهمون فيها ، ومن هم أعضاء مجالسها الادارية؟ هناك من كان يقول بأن الوالي هو رئيس مجالس إدارتها، في حين ردد آخرون كلاما مفاده بأن العمدة هو الرئيس، لكن أي إعلان رسمي لم يظهر للوجود. في إحدى دورات مجلس الولاية الحالية، سأل أحد أعضاء المعارضة العمدة العماري، إن كانت شركات التنمية المحلية في وضعية قانونية؟ فأجاب بأنها كذلك. فرد عليه العضو المعارض: «لقد صدقتك». اتضح اليوم من ملاحظات وزارة الداخلية، أنها لم يسبق أن أشرت على الاتفاقيات المتضمنة في العقدة التي تربط المجلس الجماعي البيضاوي بهذه الشركات، ورافقتها بمجموعة من نماذج الكيفية التي يجب أن تكون عليها هذه الاتفاقيات - وتتوفر جريدتنا على نماذج منها - لطرحها للمصادقة في الدورة المقبلة، في أفق إلباس هذه الشركات جلباب «القانونية « بعد سنتين من التيه واللبس . السؤال المطروح اليوم، منذ سنتين على إحداث هذه الشركات بدون تأشير او اعتراف من الداخلية، كيف كان المسؤولون البيضاويون يوقعون لها، على شيكات مالية لتدبير مختلف القطاعات وما مدى قانونية صرفها لهذه الأموال، وكم بلغ حجم الأموال التي تقاضتها، كان آخرها أكثر من 12 مليار سنتيم منحها إياها المجلس الحالي؟. ولإبراز جانب من ملاحظات وزارة الداخلية حول الاتفاقيات الخاصة بهذه الشركات، ندرج ما تضمنه تقريرها حول الشركة المكلفة بالصابو لحجز سيارات المواطنين. ملاحظات وزارة الداخلية حول اتفاقية تدبير مرفق وقوف المركبات المؤدى عنه يمكن تلخيص الملاحظات المتعلقة بالاتفاقية التي تربط بين جماعة الدارالبيضاء وشركة «الدارالبيضاء للتنمية»، فيما يلي: - ورد في الفصل 5 المتعلق بالشوارع والأزقة والباحات العمومية على «أن هذه الاتفاقية تشمل تراب الجماعة ، وذلك طبقا للفصل للمقرر عدد 2009/42 وسيتم الاستغلال تدريجيا وفق برنامج تقترحه الشركة باتفاق مع المصالح المختصة»، - إن تحديد الشوارع والأزقة والباحات العمومية ينبغي أن يتم في إطار قرار تنظيمي للشرطة الإدارية، يتخذه رئيس المجلس الجماعي ويتم التأشير عليه طبقا للقانون. كما أن عبارة «يشمل تراب الجماعة الحضرية للدار البيضاء» عبارة ذات صبغة عامة من شأنها إثارة نزاعات مع الأغيار، خصوصا وأنه لا يمكن أن يكون كل التراب خاضعا للوقوف المؤدى عنه. - ورد في الفصل 9 على أنه «يتم تحديد مبلغ التعرفة المذكورة من قبل الشركة والمصادقة عليه من قبل المجلس الإداري». إن هذا المقتضى يتناقض مع المادة 69 من الميثاق الجماعي التي تخول للمجالس الجماعية صلاحية «تحديد سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات والحقوق المختلفة»، في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، كما أن أي تحديد لمبلغ التعرفة يجب تضمينه في القرار الجبائي للجماعة ولا يمكن تحديده من قبل الشركة أو مجلسها الإداري، وعليه، يتعين التنصيص على أن الشركة ملزمة بتطبيق مبلغ التعرفة طبقا لما هو منصوص عليه في القرار الجبائي. - ورد أيضا في هذا الفصل على أنه في حال تجاوز مدة الوقوف المسموح بها، يجب تأدية غرامة مالية «يتم اقتراحها من قبل الشركة والمصادقة عليها من قبل المجلس الإداري». لا يمكن أن يتم اقتراح الغرامة من قبل الشركة وتحديدها من قبل مجلسها الإداري، لأن هذا النوع من الغرامات يجب أن يحدد وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وليس من اختصاص الشركة صاحبة الامتياز. - ورد في الفصل 11 المتعلق بالإعفاءات على أنه «تعفى من واجبات الوقوف السيارات التالية: سيارات الإسعاف لمدة لا تعدى 120 دقيقة في حالة الطوارئ». إن هذا المقتضى والتحديد المضمن به للسيارات المذكورة من شأنه عرقلة عمليات الإسعاف بشكل عام، كما أن التنصيص على عبارة «في حالة الطوارئ» من الصعب التأكد منها وبالتالي يمكن أن تثير مجموعة من المشاكل سواء مع أصحاب هذه السيارات أو مع مرتفقيها. كما أن إعفاء سيارات الإسعاف وسيارات نقل الأموات والأمن والدرك والسيارات التابعة للقوات المسلحة وسيارات الدولة والجماعات الترابية هو الإجراء المعمول به في جميع أنحاء المملكة. وعليه، يقترح إعادة صياغة هذا الفصل عبر التنصيص على إعفاء السيارات المذكورة أعلاه من واجبات الوقوف. - ورد في الفصل 12 على أنه من حالات خرق قواعد الوقوف المؤدى عنه «تجاوز نهاية الوقوف المسموح به للتذكرة المقتناة لأكثر من 10 دقائق»، مما يتعارض مع كون المادة 9 من نفس الاتفاقية تنص على أن «كل شخص تجاوز المدة المؤدى عنها بأقل من 10 دقائق يؤدي مبلغ التعرفة لساعة إضافية وفي حالة تجاوز هذه المدة يؤدي غرامة مالية». تم التنصيص في هذا الفصل كذلك على أن كل مخالفة لقواعد الوقوف المؤدى عنه سواء بالنسبة للمنخرطين أو لغير المنخرطين «تعرض المركبة للتثبيت وأداء الغرامات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية». أولا، إن الغرامات لا يمكن أن تكون موضوع اتفاقية، ما عدا إذا كان لها أساس قانوني. ثانيا، بالنظر لكون عمليات «التثبيت» غير منصوص عليها في قانون السير من جهة، واعتمادا على الحكم الأخير الذي صدر ضد شركة parking Rabat القاضي بعدم مشروعية تثبيت السيارات من جهة أخرى، فإن التساؤل يطرح حول مدى جدوى المضي في إعمال هذا المقتضى في الوقت الراهن؟ - ورد في الفصل 14 على أنه «تنتهي الاتفاقية في الحالات التالية: - بانتهاء مدة الاتفاقية - في حالة الفسخ» يتعين على هذا الفصل تحديد ما هي الحالات التي تستوجب فسخ الاتفاقية - ورد في الفصل 16 على أنه «تعتبر اللغتان العربية والفرنسية لغتي الاتفاقية الرسميتين...». يتعين التنصيص على أن اللغة الرسمية الواجب اعتمادها هي اللغة العربية، خصوصا وأن الاتفاقية بالعربية هي التي تخضع للمصادقة. كما أن النص العربي هو المعتمد به أمام القضاء، فضلا عن أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية بمقتضى الدستور. - لم يتم التنصيص على أي فصل يتعلق بحل المشاكل والنزاعات، بخصوص كناش التحملات و يظهر أنه باستثناء تحديد مواصفات الإشارات الأفقية والعمودية واللوحات الإخبارية، تعتبر أغلب بنوده بمثابة تكرار للبنود المنصوص عليها في الاتفاقية، مما يستوجب تدقيق مضمون كناش التحملات الذي يسمح بوضع معايير مضبوطة للتدبير.