تناقلت وكالات أنباء دولية تصريحات للرئيس التركي، طيب رجب أردوغان، بضرورة إعادة العلاقات الطبيعية لبلاده مع إسرائيل، لأن الطرفين في حاجة إلى بعضهما، وسيحققان فائدة كبيرة من توطيد الأواصر كما كان الأمر سابقا. و نشرت الوكالات أخبارا عن لقاءات تمت بين مسؤولي «الموساد» الإسرائيلي، ووزراء أتراك، من أجل التوصل إلى اتفاقات لتجاوز المشاكل التي عرفتها هذه العلاقات، على إثر مهاجمة القوات الإسرائيلية للسفينة التركية التي كانت تنقل الدعم لغزة. غير أن عدة تقارير كانت قد أكدت أن هذه المشاكل لم تؤثر على المبادلات التجارية بين البلدين التي تطورت أكثر من السابق، كما أن التعاون العسكري لم يتوقف. فما حصل بين الطرفين، كان مجرد سحابة صيف في سماء العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين. فقد كانت، ومازالت، السياسة الخارجية التركية خاضعة للوصاية الأمريكية، لذلك، فأنقرة تدور دائما في محور الحلف الأطلسي في كل توجهاته، ومن أهمها اعتبار الكيان الصهيوني حليفا استراتيجيا في المنطقة. ولا يختلف في هذا التوجه العسكريون العلمانيون الأتراك، عن حزب العدالة والتنمية، الإسلامي الأصولي الذي يقوده أردوغان، حيث استمر التعاون العسكري والتصنيع الحربي المشترك بين تركيا وإسرائيل، و لم يتأثر ببعض المشاكل الظرفية التي حصلت. بل إن دراسات إسرائيلية، عن العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني، توصي الحكومة الإسرائيلية بتفهم السياسة الجديدة لحزب العدالة والتنمية الذي يحاول إحياء الهيمنة العثمانية في العالم العربي، ولذلك فهو مضطر للظهور بمظهر المدافع عن الشعب الفلسطيني، وخاصة حماس في غزة، ليتمكن من مضاعفة نفوذه في المنطقة العربية التي يوجد فيها أصدقاء تركيا من أحزاب ومنظمات وتيارات أصولية . الواقع هو أن العلاقات التركية الإسرائيلية لها طبيعة استراتيجية لعدة أسباب، الأول، أنها دولة غير عربية توجد في المنطقة ولا تقاسم الشعوب العربية مطامحها. الثاني، أنها تدين بالولاء لأمريكا والحلف الأطلسي. الثالث، أن كلتا الدولتين تربحان كثيرا من حالة الدمار التي تعيشها بلدان عربية. الرابع، أنهما تستفيدان من فك العزلة عن بعضهما، خاصة في الظروف الحالية، التي تجد تركيا نفسها مطوقة في محيط عدائي من طرف إيران والعراق وسوريا وروسيا. تصريحات أردوغان نزلت كحمام ثلج صاعق على الأصوليين في العالم العربي الذين أصبحت تركيا قبلتهم الثانية، وتجربة حزب العدالة والتنمية التركي أشبه بالخلافة الراشدة.