من كان يظن أن العلاقات التركية الإسرائيلية ستؤول إلى ما آلت إليه من تدهور بعدما كان ساسة الكيان الصهيوني يعتقدون أنهم أحكموا قبضتهم على تركيا ، واعتقدوا بأنهم نجحوا في استبدال الهوية الإسلامية العثمانية لهذا البلد بهوية قومية علمانية أوربية . ومن كان يتصور أن العلاقات بين هذين البلدين المتباعدين من حيث نمط العيش والتفكير والعقيدة والتربة والجذور الثقافية ستبلغ هذا المستوى من التردي ، بعدما عاشت عقودا من التفاهم والانسجام في المواقف والأهداف منذ اعتراف تركيا بإسرائيل سنة 1949 وكانت أول دولة مسلمة تقوم بذلك ، ليتبع هذا الاعتراف توقيع العديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية والتجارية . وهكذا وقعت المؤسسة العسكرية التركية نهاية الخمسينات مع نظيرتها الصهيونية اتفاقا سريا من أجل التنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية ، واتفاقا للتجارة الحرة يقضي بإزالة الحواجز الجمركية بين الجانبين ، إضافة إلى اتفاق استراتيجي أمني ينص على السماح للكيان الصهيوني باستخدام الأجواء والأراضي والمطارات التركية في عمليات تدريبية ، واتفاق آخر سمحت بموجبه الحكومة التركية لرجال أعمال يهود بالسيطرة على بعض وسائل الإعلام وبث دعايتهم عبرها ضد العرب وتذكير الأتراك بأن العرب هم أعداء تركيا وقد ساهموا في إسقاط الإمبراطورية العثمانية وغدروا بها . ولما قام رئيس الأركان التركي بزيارة الكيان الصهيوني أول مرة ، وصف مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى هذه الزيارة بأنها واحدة من أهم الزيارات التي قام بها رؤساء أركان أجانب إلى إسرائيل ، وقال بأن هذه الزيارة ستكون لها نتائج جوهرية وانعكاسات إيجابية على مستقبل العلاقات الإستراتيجية بين البلدين . "" أردوغان يعيد الأمور إلى نصابها : وفي غمرة هذه الأحلام والأماني الإسرائيلية وفي عز تكالبهم على تركيا ، لم يكن يخطر ببالهم أن الله سيهيئ للأمة التركية وللأمة الإسلامية بشكل عام من يعيد لها هيبتها وعزتها ونخوتها وينتشل عاصمة الإمبراطورية العثمانية من المخالب الصهيونية ويعيد الأمور إلى نصابها ، ويطهرها من براثن الساسة والعسكريين والسياح اليهود الصهاينة ، ويخرج لها من رحم الخلافة الإسلامية إبنا بارا اسمه رجب طيب أردوغان ، هذا الرجل الذي اتخذ قرارات ومواقف زجرية وتأديبية في حق إسرائيل وقادتها منذ وصوله إلى سدة الحكم ، استهلها برفض استقباله لضخم الجثة المشلول أرييل شارون واصفا اغتياله للشيخ المقعد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس وجرائمه المتكررة في حق الفلسطينيين بأنها إرهاب دولة ، وتوجها بتلقينه درسا قاسيا ومؤلما لشمعون بيريز في منتدى دافوس الاقتصادي مطلع العام الجاري ردا على أكاذيبه ومحاولته تضليل الرأي العام الدولي احتجاجًا على الحرب العدوانية على غزة التي استشهد فيها ما يقرب من ألف وأربعمائة فلسطيني معظمهم من المدنيين ، وأعلن انسحابه من هذا المنتدى غاضبا وعاد إلى بلاده ليجد في المطار بعد منتصف الليل شعبه في انتظاره ، حيث استقبلته الجماهير الغفيرة بالأعلام الوطنية والورود استقبالا يليق بالأبطال والفاتحين ، إكراما له وتأييدا لموقفه الإنساني تجاه أبناء الشعب الفلسطيني المظلومين الذين حاصرتهم وجوعتهم ودمرتهم آلة الحرب الصهيونية لأسابيع متواصلة . وتعزز هذا التأييد لأردوغان لاحقا بقيام فريق عمل سينمائي تركي بإنتاج مسلسل تلفزيوني حول العدوان الإسرائيلي الأخير وهمجيته ، سارعت الخارجية الإسرائيلية بعد عرض أولى حلقاته من قبل إحدى القنوات التركية إلى استدعاء السفير التركي وإبلاغه احتجاج إسرائيل الشديد على المسلسل ، معتبرة عرضه تحريضا من الدرجة الأكثر خطورة وأنه لا يستحق البث حتى في الدول المعادية لإسرائيل كما قال ليبرمان وزير خارجية الكيان الصهيوني . واستنفرت إسرائيل كل أجهزتها ووسائلها الدبلوماسية والإعلامية من أجل إيقاف هذا المسلسل خشية تأثيره على الرأي العام التركي الذي تحرص على كسب وده وصداقته. على واجهة أخرى وإمعانا في تمريغ أنف إسرائيل في الوحل وتأديبها وتقزيمها أمام العالم وأمام الدول والشعوب العربية والإسلامية ، قررت الحكومة التركية قبل أسبوعين إلغاء مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في المناورات العسكرية التي كان مقررا إجراؤها أواسط هذا الشهر في تركيا ، وهي المناورات التي ورثها أردوغان عن الحكومات السابقة والتي تغتنمها الطائرات الإسرائيلية المطاردة للقيام بتدريبات لا تستطيع القيام بها في مجالها الجوي الضيق . ويأتي هذا الإقصاء المذل ردا قويا على مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين والأبرياء العزل واحتجاجا على الحصار الذي فرضته إسرائيل على الحرم الشريف مؤخرا ومنع المصلين الفلسطينيين من دخوله ، هذا إضافة إلى رفض تقديم تركيا أي مساعدة فنية أو تدريبية لضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران الجار المسلم الذي من المنتظر أن يزوره أردوغان هذه الأيام . ولم تقف تركيا عند هذا الحد ، بل قررت بعد يومين من إلغاء مناورات " نسر الأناضول " أن تقيم مناورات مشتركة مع سوريا ، وأعربت مصادر إسرائيلية عن خشيتها من أن تنظم تركيا تدريجياً إلى محور يضم إيران وسوريا واعتبرت هذه المصادر أن الأزمة بين إسرائيل وتركيا مرشحة للتصعيد أكثر وأن من سيدفع الثمن هو الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي ستفقد سوقاً تدر عليها أرباحا بمليارات الدولارات ، كما وصفت إسرائيل التدريبات العسكرية السورية التركيةالمشتركة المزمع إجراؤها في القادم من الأيام بأنها تطور مزعج ومثير للقلق . وقد رد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على الانتقادات الإسرائيلية لبلاده بسبب قرارها استبعادها من هذه المناورات الجوية بالتأكيد على أن أنقرة لا تتلقى تعليمات من أحد ، وقال في مؤتمر صحافي إن على الجميع أن يعلم بأن تركيا دولة قوية تتخذ قراراتها بنفسها ، وأكد أن أي سلطة سياسية ملزمة بالأخذ بمطالب شعبها ورأيه وهنا لا يسعنا تجاهل مطالب الشعب التركي يقول أردوغان . وطبعا أمام الصفعات المتتالية التي وجهها رجب طيب أردوغان وحكومته للكيان الصهيوني ، كان من المنتظر أن تصدر عن الصهاينة ردود فعل رسمية وشعبية سياسية وتجارية ، فقد قررت إحدى سلاسل المقاهي الإسرائيلية الكبرى وقف بيع القهوة التركية وقال مدير التسويق بإحدى شبكات توزيع القهوة لصحيفة يديعوت أحرونوت " قررنا وقف بيع قهوة إسطنبول إلى حين تسوية الأمور ويمكن لكل فرد أن يتصرف على طريقته إنها مساهمتنا البسيطة الرمزية في التعامل مع الموقف التركي إزاءنا " ، فيما قررت شركة العال للطيران الإسرائيلية مقاطعة تركيا سياحيا ودعا مسؤول بهذه الشركة في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية إلى مقاطعة المواقع السياحية التركية وقال " سنتشاور مع كبرى لجان الشركات الإسرائيلية لكي يقاطع الموظفون تركيا خلال العطلة المقبلة في عيد الفصح اليهودي التي تبدأ في الخامس من أبريل المقبل " ، كما قررت بعض الشركات ومؤسسات عمالية إسرائيلية مقاطعة تركيا وذلك بعدم إرسال موظفيها في الصيف المقبل لإجازات في تركيا. وإذا كان الصهاينة يعتقدون أنهم بقرارهم مقاطعة المنتوجات والمواقع السياحية الأثرية التركية سيلحقون ضررا بالسياحة والاقتصاد التركي فإنهم واهمون ، لأن الاقتصاد التركي اليوم أقوى من أن تؤثر عليه إجراءات هامشية من هذا القبيل لأنه مبني على الصح ، والحكومة التركية تبنت إستراتيجية ناجحة لاكتساح الأسواق السياحية العالمية ، إذ من المتوقع أن يصل العدد الإجمالي للسياح إلى 23 مليون سائح مع نهاية العام الجاري ، وتطمح تركيا لاستقطاب 30 مليون سائح في أفق 2010 وهو ما يضعها على قائمة إحدى أفضل عشر وجهات سياحية في العالم . سر قوة ونجاح وشعبية أردوغان : نشأ أردوغان وسط أسرة فقيرة ولم تمنعه هذه النشأة المتواضعة أن يعتز بنفسه ويقول في مناظرة تلفزيونية " لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والكعك في مرحلتي الابتدائية والإعدادية كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي فقد كان والدي فقيرا " وبعد أن أكمل تعليمه الابتدائي والإعدادي التحق بثانوية الأئمة والخطباء الدينية ومنها إلى كلية التجارة والاقتصاد بجامعة مرمرة بإسطنبول . ويتساءل الناس باستغراب من أعطى هذا الرجل المتواضع العصامي كل هذه القوة والشجاعة ليقف في وجه الغطرسة الصهيونية دون خوف ومن يمنحه كل هذه الجرأة والمروءة ليوقف ويجمد كل أشكال التعاون السياسي والعسكري مع إسرائيل الذي امتد لعقود نصرة للأبرياء والضعفاء والمحاصرين في قطاع غزة ، ومن جعل منه نجماً ساطعاً في سماء الأمة الإسلامية ؟ إنها نخوة الإسلام التي يتمتع بها والشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم . إنها إنجازاته الباهرة التي حققها على مستوى بلدية اسطنبول التي أحرز على منصب عمدتها عن جدارة سنة 1995 . الإنجازات التي حققها بنظافة اليد والقرب من الناس والتفاني في خدمتهم ، وبالبرامج التنموية الحقيقية التي جعلت الماء والكهرباء يصل إلى كل بيت ووسائل النقل المتوفرة والطرقات المعبدة وعشرات الآلاف من الطلبة الذين يتمتعون بالمنح الدراسية والتشجيعية ، وبعبقريته التي مكنته من انتشال بلدية اسطنبول من حالة الإفلاس التي كانت تواجهها وتحويل ديونها التي بلغت وقتها نحو ملياري دولار للبنوك إلى أرباح واستثمارات ، وبمجهوداته الجبارة التي جعلت اسطنبول من أنظف المدن التركية من خلال تحسين أجور العمال والتقرب منهم ورعايتهم صحياً واجتماعياً وتبنى مشروع زرع مليون شجرة بأنحاء المدينة والحفاظ على البيئة وإحداث المتنفسات الطبيعية والمساحات الخضراء . وقد شهد له بهذه الإنجازات وهذا النجاح أعداؤه وخصومه قبل أصدقائه وشهدوا له جميعا بالنزاهة ورفضه الصارم لكل الإغراءات المادية ولملايين الدولارات التي كانت تعرض عليه كعمولة من الشركات الغربية التي اتفق معها على مشروعات لصالح المدينة كما كان الشأن مع رؤساء سابقين للبلدية . ولما سئل أردوغان في إحدى المرات عن السر وراء نجاحه في تسيير بلدية اسطنبول قال لمستجوبه " لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان ، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام " . إنها الشرعية الدستورية والشعبية التي يستند إليها ، فهو رئيس وزراء تركيا المنتخب من طرف الشعب التركي وزعيم لحزب سياسي حقق فوزا ساحقا في انتخابات تشريعية حرة ونزيهة خاض غمارها لأول مرة في تاريخه سنة 2002 وحصل فيها على 363 مقعدًا من أصل 550 في البرلمان التركي أي بنسبة 66 % من المقاعد ، منهيا بذلك خمسة عشر عاما من الحكم الائتلافي في البلاد ، فوزا أحال دفعة واحدة أحزابا عريقة وزعامات سياسية على المعاش بحيث كانت أول مرة في تاريخ الانتخابات التركية يسقط رؤساء الأحزاب الكبرى إذ سقط فيها خمسة عشر رئيس حزب أبرزهم بولنت أجاويد رئيس الحزب الديمقراطي اليساري ومسعود يلماظ رئيس حزب الوطن الأم وتانسو تشيلر رئيسة حزب الطريق القويم . وفي أعقاب تلك الخسارة المدوية وصف أجاويد الانتخابات المبكرة التي قررها الائتلاف لتجاوز خلافات أقطابه بأنها كانت بمثابة انتحار سياسي جماعي . واستطاع حزب العدالة والتنمية خلال المدة القصيرة التي تولى فيها مقاليد الحكم النهوض بالاقتصاد التركي الذي أصبح يحتل المرتبة السابعة عشرة على مستوى العالم ، وهو ما أكسب الحزب حب الشعب التركي بعد عقود طويلة من فضائح الفساد والرشاوى والبؤس المالي و الاقتصادي الذي عاش فيه الأتراك في ظل الحكومات العلمانية والقومية المتتالية على الحكم ، وأكسبه دعم والتفاف رجال الأعمال في منطقة الأناضول حوله وحول زعيمه وقائده رجب طيب أردوغان . خطبة أردوغان في طريقه إلى السجن : وطبعا ككل سياسي جريء وناجح كان لابد لأردوغان أن يتعرض للمضايقات وزرع الألغام والأشواك في طريقه من طرف خصومه السياسيين والعسكريين ، فقد أصدرت محكمة أمن الدولة في تركيا سنة 1999 حكما عليه بالسجن عشرة أشهر ومنعه من ممارسة النشاط السياسي لمدة من الزمن بتهمة التحريض على قلب النظام العلماني بعد إلقائه خطبة نارية ضمنها أبياتا من ديوان لشاعر إسلامي تركي تقول " المساجد ثكناتنا والقباب خوذاتنا والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا " . وغداة دخوله السجن كتبت التقارير الصحفية التي واكبت رحلة ذهاب أردوغان إلى السجن لأول مرة في حياته بأن الجماهير في ذلك اليوم الحزين احتشدت أمام بيته المتواضع ، وتم توديعه من قبل عشرات الآلاف من أهالي اسطنبول الذين جاؤوا لتحيته وأداء صلاة الجمعة معه في مسجد الفاتح قبل التوجه للسجن . وبعد الصلاة توجه أردوغان في موكب رهيب تجاوز عدد سياراته ألف وخمسمائة سيارة إلى مقر السجن حيث كانت جماهير أخرى محتشدة تنتظر وصوله منذ ساعات . وقبل دخوله السجن خاطب أردوغان الجماهير قائلا " وداعاً أيها الأحباب تهاني القلبية لأهالي اسطنبول وللشعب التركي و للعالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك ، سأقضي وقتي خلال هذه الشهور في دراسة المشاريع التي توصل بلدي إلى أعوام الألفية الثالثة والتي ستكون إن شاء الله أعواماً جميلة ، سأعمل بجد داخل السجن وأنتم اعملوا خارج السجن كل ما تستطيعونه ، ابذلوا جهودكم لتكونوا معماريين جيدين وأطباء جيدين وحقوقيين متميزين ، أنا ذاهب لتأدية واجبي واذهبوا أنتم أيضاً لتؤدوا واجبكم ، أستودعكم الله وأرجو أن تسامحوني وتدعوا لي بالصبر والثبات كما أرجو أن لا يصدر منكم أي احتجاج أمام مراكز الأحزاب الأخرى وأن تمروا عليها بوقار وهدوء وبدل أصوات الاحتجاج وصيحات الاستنكار المعبرة عن ألمكم أظهروا رغبتكم في صناديق الاقتراع القادمة . قضى أردوغان في السجن مدة أربعة أشهر وخرج بعدها لينتظر الفترة التي ينتهي فيها الحظر المفروض عليه ليستأنف نضاله ونشاطه السياسي بقوة وعزيمة أكثر من ذي قبل . خلاصة القول : العلاقات الودية بين تركيا وإسرائيل ستستمر في التدهور ولن تعود إلى سابق عهدها ، لأن الحكومة التركية الحالية رهنت ذلك برفع الظلم والحصار عن أبناء غزة والشعب الفلسطيني عموما وتربطها علاقات متميزة مع حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل الذي أثار استقباله من طرف أردوغان في عز الحملة العسكرية على قطاع غزة حفيظة الكيان الصهيوني . وإسرائيل لن ترفع ظلمها وعدوانها على الشعب الفلسطيني بسهولة وحتى إن فعلت ذلك فسيكون من باب الخداع والتحايل ، ولا أعتقد أن أردوغان وأعضاء حكومته الراشدة من الغباء والسذاجة لكي تنطلي عليهم حيل وخدع بنيامين نتنياهو وباراك . لن تعود هذه العلاقات إلا بانقلاب عسكري - لا قدر الله - مدعوم بأجهزة الاستخبارات الصهيونية بالتحالف مع القوى السياسية العلمانية التركية ، وهذا أمر مستبعد كذلك نظرا لمصلحة النزعة القومية التركية التي تعلو فوق كل مصلحة ، ونظرا لتشبث الشعب التركي بحزب العدالة والتنمية بفضل الرفاه والرخاء الاقتصادي الذي بات يعيش فيه منذ وصول هذا الحزب الفتي لهرم السلطة بتركيا . وأردوغان يعي جيدا بأن إسرائيل لن تغفر له صفعاته لها ومواقفه ضدها وعدم اصطفافه إلى جانبها في معاداتها لإيران وسوريا والعرب عموما ، وبأنها لن تدخر جهدا أو تتهاون في العمل على زعزعة استقرار تركيا وخلق المشاكل والقلاقل لحكومته ، والسعي لدى أمريكا وحلفائها الأوروبيين لعرقلة انضمامها للاتحاد الأوروبي ، وإثارة الفتن في قضية قبرص وحكاية المذابح ضد الأرمن ومشكلة الأكراد ، ولذلك تابعنا في الآونة الأخيرة كيف أن أردوغان بذكائه وحنكته استبق الأحداث وما ينتظر بلده وحكومته من المكائد الصهيونية التي تدبر ضده في جنح الظلام فسارع إلى ترتيب الأوضاع الإستراتيجية مع العراقيين من أجل محاصرة حزب العمال الكردستاني كما سارع إلى تأمين بلاده من جهة الجنوب وعمل على توقيع بلاده لاتفاق تاريخي مع أرمينيا لإنهاء صراع مع الأرمن دام لأزيد من مائة عام . كل هذا طبعا بعد تثبيت جبهته الداخلية وتقويتها بتحقيق التنمية المحلية في بلاده وترسيخ مقومات الرخاء الاقتصادي والاجتماعي على أسس متينة . ندعو الله تعالى بكل قلوبنا وجوارحنا أن يؤيد هذا الطيب أردوغان بمزيد من التوفيق والنصر وأن يحمي شعب تركيا المسلم من مكائد الصهاينة وعملائهم في المنطقة ، ويعز الإسلام والمسلمين برجال من طينة هذا الرجل الذي تسري في عروقه دماء العزة والنخوة الإسلامية . في الختام وللذكرى وأيضا لمن فاته متابعة حادث بهدلة أردوغان لرئيس دولة الاحتلال الصهيوني أمام أنظار كل العالم ، وقلبه للطاولة على منظمي منتدى دافوس الاقتصادي في يناير الماضي إليكم هذا الفيديو وفرجة ممتعة : [email protected] من محرر التعليقات : بعد تنبيه السادة المعلقين أكثر من مرة لعدم تحويل خانة التعليقات إلى " شات " لتبادل الردود الجانبية والسب والشتم ، تم حذف جميع التعليقات الخارجة عنسياق الموضوع. شكرا على تفهمكم