لم تمر فترة الانتقالات الشتوية بردا وسلاما على بعض الأندية الوطنية لكرة القدم، وخاصة تلك التي تعيش وضعا ماديا متواضعا، حيث وجدت نفسها بين خيارين، إما الاستجابة لمطالب أبرز لاعبيها بتعديل عقودهم، وإما بتمكينهم من فرصة المغادرة لأندية أخرى أكثر مالا ا! وهكذا ،فرضت الأندية القوية نفسها في سوق الانتقالات، وأشهرت الأموال لتعزيز صفوفها بلاعبين جدد، قد يكون مصير جزء مهم منهم كرسي الاحتياط، أو التسريح في أقرب فرصة، كما وقع لمراد عيني مع الرجاء، الذي لم يطل مقامه بالفريق الأخضر أكثر من أربعة أشهر، أو جيفرسون مع الوداد، ليعودا سويا إلى فريقهما السابق، الكوكب المراكشي، الذي سرح بدوره وافديه الجديدين سمير الزكرومي وعبد الله الجلايدي، بعد ارتباط لثلاثة أشهر، وطارق طنيبر، الذي غادر الشباب الحسيمي، الذي انتقل إليه في الصيف معارا من الرجاء، فوجد نفسه معلقا، بدون فريق، لأنه خارج لوائح الفريق الأخضر. وخلفت الطريقة التي تدار بها العديد من الصفقات، تساؤلات كثيرة من طرف بعض المتتبعين، ومسؤولي الأندية الوطنية، فقد أكد مصدر مسؤول داخل الفتح الرياضي أن فريقه يحافظ على مبدأ المنافسة الشريفة ، ويرفض أن يوظف ما يتوفر عليه من أموال و «نفوذ» لإفراغ الأندية الأخرى من نجومها، في تعليقه الشخصي على دخول فريق الوداد البيضاوي في مفاوضات مع لاعب الفتح أيوب الخالقي، مشيرا إلى أن قوة باقي الفرق فيها مصلحة كرة القدم الوطنية، عبر توسيع قاعدة المنافسة. وأشار متتبعون إلى أن بعض اللاعبين يشكلون موروثا كرويا لمنطقتهم، وبالتالي وجب الاحتفاظ بهم، لما يصنعونه من فرجة على المستوي المحلي، وأيضا حتى يكونوا قدوة للممارسين الصغار. وطالب عدد من المدربين بضرورة فرض ضوابط جديدة تضمن حقوق الأندية الصغيرة، التي وجدت نفسها تتابع «حرب الانتقالات» من بعيد، رافعة شعار «السير جنب الحائط»، وعدم مسايرة التيار حفاظا على تماسكها. الأكيد أن من حق اللاعب البحث عن الأفق الأرحب وتحسين أوضاعه المالية والاجتماعية، التي تضمنها الفرق الكبرى، فضلا عن كونها بوابة عريضة نحو الاحتراف، لكن المطلوب أيضا من هذه الفرق، عدم اعتماد العشوائية في انتداباتها، وترك المهمة لأطر تقنية تتحمل مسؤوليتها، بدل دخول المسيرين إلى «السوق»، وما قد يرافق ذلك من عيوب، خاصة إذا علمنا أن العديد من المسيرين يوظفون الانتدابات و «التهافت» على اللاعبين لإخماد الغضب الجماهيري، الذي تؤججه النتائج السلبية. لقد شكلت حالة اللاعب عادل كروشي، نموذجا «لعشوائية» التسيير داخل بعض الفرق ، فرغم أن الرئيس قد أعلن أكثر من مرة أنه سيسرحه إلى الوداد، ورغم أن اللاعب وضع شروطا للبقاء، وهدد في حالة عدم الاستجابة لمطالبه باعتزال كرة القدم، إلا أن المكتب المسير للفريق الدكالي وجد نفسه غير قادر على حسم الأمر، بعدما فوض للرئيس سابقا صلاحية اتخاذ القرار في ملف كروشي، قبل أن يتراجع عن موقفة في اجتماعه الأخير ويقرر عدم التفريط في أي من لاعبيه، الأمر الذي فرض على رئيسه «التحلل» من التزامه، وإعلام رئيس الوداد عبر رسالة نصية قصيرة، أن كروشي ليس «للبيع»!! هكذا تحول اللاعب إلى « سلعة» يتحكم فيها العرض والطلب، ويظل المال السلطة الأعلى، في سوق لم تتحدد بعدُ ضوابطه وقوانينه بشكل تام، رغم أن ساعات الهواية باتت معدودة!