المراسلة التي ننشر جزءا منها أسفل هذه الصفحة تحمل اتهامات خطيرة في حق شيخ مشيخة دوار (سيدي علي) جماعة المعذر الكبير قيادة أربعاء رسموكمة عمالة تيزنيت، اتهامات لابد من تدخل السلطة المحلية للنظر في صحتها - ولانظنها غير ذلك خاصة وأن عرائض إدانة وتوقيعات المواطنين أرفقت بالشكايات الموجهة للمسؤولين. ذكرني هذا الموقف بموقف مماثل أعيد تفاصيله لما له من دلالات عميقة حول واقع يعيشه سكان العمق المغربي والذين لايعرفون من المسؤولين إلا بوغابة أو الشيخ والمقدم وفي أحسن الحالات القائد وتكونت بالتالي لهم نظرة نمطية وحكم شخصي على طبيعة العلاقة التي تربطهم «بالمخزن» بمفهومه القديم. الواقعة التي أعيد سردها وقعت عندما أجاب رئيس مجلس بلدي بالجنوب المغربي مواطنة زارته في مكتبه لطلب رخصة بناء «برزة» تتوفر على الجميع الوثائق القانونية اللازمة لتشييدها حيث بادرها بالقول «..جيبي راجلك يسرح إلا بغيتي البرزة!». هكذا تعامل السيد الرئيس بحسب ما أوردته المشتكية في رسالة موجهة إلى وزير الداخلية تطلب منه التدخل لإنصافها ورفع الحيف الذي لحقها من طرف الرئيس. السيد الرئيس يريد وببساطة مقايضة السيدة. يتكلف زوجها برعي إبل وماعز وغنم «جنابه» مقابل تسليم الإذن بالبناء إليها، السيدة وزوجها وبعزة نفس رفضا الرضوخ للإبتزاز فما كان من السيد الرئيس إلا حرمانها من حق قانوني . إنه نموذج لمنطق ساد ويسود تسيير وتدبير أمور المواطنين في مناطق مختلفة، منطق يجعل مناطق من المغرب على فوهة بركان قد تنفجر في أية لحظة مالم يتدخل المركز للوقوف على حقيقة مايجري ويدور وليعالج الأمر بجدية تامة بعيدا عن لغة الوعد والوعيد التي لن تفضي إلا إلى الاحتقان الاجتماعي. ماوقع يذكرنا بحكايات مماثلة كنا نسمع عنها حينا ونتابعها أحيانا أخرى خلال سنوات الرصاص، فالمنطق المتعامل به وقتها لايختلف عن ماجاءت به شكايات المواطنين، فقد كان البعض ممن استأسد في موقع مسؤوليته يتعامل مع المواطنين بمنطق الخدم والحواري فبدا عرف « جيب أختك تجفف إلا بغيتي تخدم! وجيب مراتك تقضي لي الغرض في الدار إلا بغيتي شغلك، وجيب باك يتسخر إلا بغيتي الغرض يتقضى!» وهكذا دواليك... البعض كان يرضخ للإبتزاز خوفا من سلطة وسطوة المسؤول وقدرته على الانتقام خاصة إذا كان « حَمٌَرْ عينه» في الزوجة أو الأخت أو البنت، والبعض الآخر كانت عزة نفسه وكرامته حاضرة بقوة فيرفض العرض، منهم من هجر مكان إقامته تفاديا للإنتقام ومنهم من تعرض للمضايقات فأصبح أقصى مايتمناه هو حدوث حركة انتقالية تعجل برحيل المسؤول. هي نماذج لسلوكات عفى عنها الزمن لكن تبعاتها لازالت بادية للعيان في مغربنا العميق ننتظر القطع معها إنصافا للمواطنين.