لم يعد من سبيل لضمان مسالكَ واضحة وطرق تُؤمِّن سير وتجوال القرويين في الجماعات القروية التابعة لعمالة المحمدية ولا في بلدية عين حرودة، ضواحي العاصمة الاقتصادية للمملكة، ولا من مؤمن لصحة وسلامة السكان القرويين، بسبب فوضى البناء العشوائي وانتشار مجاري مياه الواد الحار المتعفنة وتراكم الأزبال والتلوث الذي يزيد تفاقما، يوماً بعد يوم، بدعم من بعض المنتخَبين ومن السلطات المحلية وأعوانها، أو على الأقل بالتغاضي عن هذه الظاهرة اللتي تتفاقم في التوسع بشكل خطير. لم يعد من سبيل لحماية الأراضي الفلاحية وأملاك الدولة من الاحتلالات العشوائية لبعض الموالين للسلطات المحلية والمنتخَبين، الذين تفننوا في منح الرخص (الشفوية) تحت شعار «ما شْفتيني ما شْفتكْ»، من أجل تفريخ البراريك والربط السري بالمياه والكهرباء وبناء المستودعات السرية. ولعل المتجول (إن استطاع ذلك، دون خوف من عمليات السطو والاعتداءات التي استفحلت في المنطقة)، في دوواير عين حرودة (حربيلي، الحجر، بيكي، كريسطال، المعزة... واللائحة طويلة)، وفي دواوير الجماعات القروية (الشلالات، سيدي موسى بن علي، سيدي موسى المجذوب، بني يخلف)... يقف على حقائق تجعله يعتقد أنه في بلد آخر ينتحل اسم وهوية المغرب، حيث مجموعة من السكان والغرباء يفرضون قوانينهم وأمنهم الخاص، وحيث عناصر السلطات المحلية والمنتخبون والدرك الملكي، ما بين داعم ومبارِك وصامت متواطئ... دواوير في عين حرودة يجد عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية صعوبة في ولوجها، ويجد فيها تجار المخدرات والمنحرفون ملاذا وملجأ لهم ومحطة لتنفيذ «برامجهم وخططهم» في المنطقة والضواحي... مستوطنون جدد يُحْدثون مساكن صفيحية، بدعم أو صمت (عن خوف أو ولاء أو بمقابل...)، قادمين من الأحياء الصفيحية المفكَّكة في مدينة الدارالبيضاء، أو فارين من العدالة. وإذا كانت وزارة الداخلية قد نزلت بمطرقتها الحديدية لمعاقبة من اعتبرتهم متورطين في الجماعة القروية «الشلالات»، وأوقفت رئيس الجماعة وأحد نوابه وقائد المنطقة وأحالتهم على القضاء، فإن ما يقع في تراب المناطق المجاورة في باقي الجماعات التابعة لعمالة المحمدية يوحي بأن جهات تصارع الزمن من أجل جمع الأموال بالباطل وتحويل المنطقة إلى مستنقع للبناء العشوائي والتعفنات... تقديم المتجاوزين للعدالة بعد استفحال ظاهرة البناء العشوائي في الجماعتين القرويتين «بني يخلف» و«سيدي موسى المجذوب» وبعد وقوفها على مجموعة من التجاوزات همّت الربط بشبكات الماء الصالح للشرب والتطهير السائل والكهرباء استفاد منها، دون وجه حق، بعض أصحاب المحلات السكنية والتجارية والصناعية والمستودعات المبنية عشوائيا وبدون تراخيص، عمدت عمالة المحمدية إلى تشكيل لجنة إقليمية ثبت لها أن الجماعتين تعيشان فسادا وعشوائية في التعمير. كما تبين لها لجوء بعض مسيري السقايات العمومية، وبطرق غير قانونية، إلى ربط مجموعة من المساكن القصديرية عبر تقنية العداد الفردي، وهو ما ساهم بشكل كبير -حسب اللجنة الإقليمية- في تفاقم ظاهرة البناء العشوائي وتفريخ الأحياء القصديرية، في خرق صارخ لكل قوانين التعمير. وكشفت مصادرنا أن عامل عمالة المحمدية، بعث رسائل تحذيرية إلى قائدَيْ قيادتَيْ زناتة وبني يخلف وإلى رئيسي الجماعتين المعنيتين بالفساد العمراني، من أجل وضع لائحة للمتجاوزين وتحديد كل تجاوز والجهات المتواطئة من أجل إنجازه، على أساس أن تحرير محاضر قضائية في حقهم وعرضهم على العدالة لمعاقبتهم. وعلمت «المساء» أن عمليات تزويد القرى بالماء الشروب والكهرباء والصرف الصحي، وخصوصا الربط الفردي، والتي تنجز من طرف الدولة في إطار تعميم ولوج السكان القرويين للخدمات الاجتماعية الأساسية، تم توفيرها في الجماعتين في إطار اتفاقيات وقعت في الفترة ما بين 2006 و2010، بين جمعيات محلية والجماعتين المعنيتين واللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومؤسستي «لديك» أو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب.
مساكن عشوائية قطعت الطريق في وجه 3000 قروي من جهة أخرى، تعذر إتمام أشغال مشروع إنجاز الطريق التي تم احتلالها من طرف سكان البناء العشوائي في دواري «لالة ركراكة» و«الصحراوية»، وأغلقت معظم أجزائها بعد تنامي ظاهرة تفريخ البراريك وسطها. وعلمت «المساء»، التي عانيت المنطقة، أن حوالي 200 متر من الطريق المعنية شبه مغلقة وتعذَّر على المقاول حامل المشروع رسم الطريق، حسب ما لديه في دفتر التحملات، وهو ما جعل السلطات المحلية تسلك مسالك منحرفة لإنجاز الطريق، عوض إزالة المساكن العشوائية... وتعذرت عليها تسوية جزء من الطريق «المحتل» بطرق غير شرعية. ويعيش أزيد من 3000 فلاح من سكان دواوير (أولاد سيدي عزوز وأولاد مومن ولالة ركراكة) والضواحي في قيادة سيدي موسى بن علي، التابعة لعمالة المحمدية، كسادا بعد أن تعذر عليهم تدبُّر شؤونهم الفلاحية وتسويقها، بسبب إغلاق الطريق الرابطة بين منطقتهم والعالم الخارجي. كما تعذرت على السكان الاستفادة من خدماتهم اليومية وقضاء مصالحهم الاجتماعية، ومنهم من مُنعوا من نقل موتاهم إلى مقبرة «لالة ركراكة» أو تدبّر سيارة إسعاف لنقل مرضاهم وحواملهم. كما مُنع التلاميذ من ولوج المدارس. وجاء في شكاية المتضررين أن الطريق التي كان عرضها 10 أمتار والتي كانت مفتوحة منذ عقود من الزمن وتربط بين «عين تكي» وجماعة سيدي موسى المجذوب، مرورا بمقبرة ودوار لالة ركراكة ودواري أولاد مومن وسيدي عزوز، وكانت تعتبر الشريان الوحيد لفك العزلة عليهم، كانت صالحة لمرور كل وسائل النقل، من عربات مجرورة وسيارات شاحنات نقل البضائع، بحكم طبيعة المنطقة المعروفة بإنتاج الخضر، وأنها وبسبب الإهمال والبناء العشوائي، تعرضت معظم أجزائها للتضييق، ولم يعد بالإمكان استعمالها من طرف السيارات والشاحنات، بل إن الراجلين يجدون صعوبة في استعمالها، كما أغلقت أجزاء أخرى منها، بعد أن تم ملؤها بالأزبال والأتربة وبقايا مواد البناء. تفريخ البراريك على «عينك يا بن عْدّي» وجهت العديد من الرسائل والشكايات لكل الجهات المعنية، بهدف الإسراع بفتح الطريق وتهيئتها لتكون في مستوى الرواج الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه المنطقة، وبهدف وقف زحف البناء العشوائي وعمليات «تفريخ البراريك» التي قالوا إنها تنجز «على عينك يا بن عدي»، وأمام صمت السلطات المعنية وبدعم من بعض المنتخَبين وأعوان السلطة، بل أكد بعضهم أن عدة بنايات عشوائية تمت بتزكية من عناصر من السلطات المحلية (سابقين وحاليين). كما أشاروا إلى أن الإسطبلات في دوار «لالة ركراكة» تحولت إلى «مساكن» تباع بثمن أربعين ألف درهم وتشيد داخلها براريك... كما شُيِّدت براريك فوق المزبلة التي اتسعت رقعتها، إضافة إلى أن أرضا تابعة ل«سوجيطا» في الزنقة 7 من نفس الدوار، بدأت تعرف «تفريخ» براريكَ، بمساعدة بعض أعوان السلطة، مشيرا إلى أن السقاية التي كانت توجد على بعد أربعين مترا من دوار «لالة ركراكة»، أصبحت داخل الدوار، وامتلأ محيطها بالأزبال التعفنات. مصدر من السلطات المحلية اعترف بالبناء العشوائي وعمليات تفريخ البراريك التي استفحلت في المنطقة، موضحا أن العملية تمت قبل سنوات وأنهم الآن «أوقفوا النزيف» ويحاولون تسوية الوضع. ونفى أن يكون هناك تواطؤ في عملية البناء العشوائي. كما نفى مصدر من الجماعة القروية المعنية أن يكون هناك دعم أو تواطؤ من المجلس أو من بعض أعضائه، فيما لم تتوصل «المساء» بأجوبة شافية عن واقع البناء العشوائي الذي وصفه المتضررون بالكارثة العظمى التي تحتاج إلى تحقيق ميداني من طرف جهات عليا مختصة. وقد سبق، قبل سنوات، أن تم عزل شيخ في المنطقة، لاتهامه بدعم البناء العشوائي، وهو الشيخ الذي أنكر ل«المساء» كل الاتهامات وطالب بإعادة فتح التحقيق. كما تساءل عن سبب عزله مع أنه مازال يحتفظ بهاتف وزارة الداخلية؟ وهل يكون العزل قرارا محليا. كما تم قبل أشهر عزل عون سلطة «مقدم» في المنطقة، بسبب تلاعباته في مؤن المواد الغذائية الخاصة بالمعوزين وكذا في البناء العشوائي. بينما أكدت جهات ل«المساء» أن فتح ملف البناء العشوائي في الجماعة القروية سيدي موسى المجذوب وقيادة سيد موسى بن علي سيطيح لا محالة بعدة رؤوس نافذة سابقا وحاليا. الدوار الشبح «الصحراوية»... المساء التي عاينت المنطقة، سبق لها أن توصلت بلائحة أولية موقعة من طرف 134 متضررا من جراء قطع الطريق كلهم من دوار «لالة ركراكة»، ووقفت على موضوع آخر كشفه بعض المتضررين، ويهم ما يسمى «الدوار الشبح»، الذي يحمل اسم دوار «الصحراوية»، وهو تجمع سكني موجود في أرض الواقع ولا وجود له على الوثائق الرسمية الخاصة بسكانه، حيث إن شواهد السكنى وبطاقات التعريف الوطنية لسكان الدوار تحمل عناوين مختلفة. وقد علمت «المساء»، من مصادرها، أن الدوار الشبح الذي يضم حاليا أزيد من 400 أسرة، يقع فوق أرض تابعة للملك الخاص للدولة، وأن الأرض التي كانت تحوي منزلا وإسطبلا كان يستغل من طرف قائد سابق في المنطقة. وبعد أن انتقل القائد، تم احتلاله من طرف أشخاص ضمنهم سيدة عجوز يحمل الدوار اسمها، مدعمين من طرف السلطات المحلية وجهات أخرى مجهولة كانت توهم السكان بأن السيدة مسنودة من (القصر الملكي)، حيث أكدت مصادرنا أن السيدة، وبدعم من السلطات المحلية، كانت تبيع أجزاء من أرض الدولة بمبالغ تراوحت ما بين 3 و5 ملايين سنتيم، وأنه في الآونة الأخيرة، ارتفع ثمن الأرض وقلّت المساحة، فبدأت السيدة ومعها «حلفاؤها» يستحوذون على أجزاء من الطريق، مما أدى إلى تضييقها واقتطاع بعض أجزائها. كما بلغ ثمن المتر المربع الواحد مليون سنتيم. وقد توصلت «المساء» برسالة من بوعزة الزيتوني، رئيس جمعية «لالة ركراكة» للتنمية البشرية، زكّى من خلالها تضرر السكان من قطع الطريق الوحيدة، وأضاف أن عملية «تفريخ» البراريك في دوار «الصحراوية» استفحلت في السنين الأخيرة وأن ثمن إقامة براكة على مساحة ضيقة فاق 30 ألف درهم أمام أعين السلطة المحلية، وأضاف أن عملية البيع مازالت مستمرة إلى حد الآن داخل «دوار الصحراوية»، الذي يوجد فوق أرض تسمى «أرض سوجيطا» تابعة للأملاك المخزنية.
البناء العشوائي يقود خياط رشيدة داتي إلى السجن لعل أبرز واقعة تؤكد استفحال ظاهرة البناء العشوائي ما وقع لمصطفى الدقاقي، خياط رشيدة داتي، البرلمانية الأوربية ووزيرة العدل السابقة في الحكومة الفرنسية، حيث انتهى به سعيه وراء السكن العشوائي إلى السجن وتشرد أسرته المكونة من أربعة أطفال، فمباشرة بعد خروجه من السجن الذي قضى به شهرين حبسا نافذا، طلبت زوجته الطلاق، تجنبا للتهديدات باختطاف أحد أطفالها، التي كانت تتلقاها هاتفيا. فبعد أن لُفِّقت له تهم إهانة موظف أثناء قيامه بمهامه وقضت ابتدائية المحمدية بحكمين مختلفين في حقه وفي يوم واحد تؤكد شهادة الإفراج عنه من سجن عكاشة أنه سُجن قبل نطق الحكم بشهر. توبع الخياط بتهمة إهانة ومحاولة الاعتداء على القائد السابق لقيادة سيدي موسى بن علي، أثناء محاولة الأخير منعَه من بناء منزل عشوائي في دوار «لالة ركراكة»، وتوبع بتهمة تقديم رشوة لشيخ المنطقة مقابل السماح له بالبناء. لكن الخياط يؤكد، في تصريحاته ل«المساء» وفي رسالته إلى مدير الشؤون الجنائية والعفو في وزارة العدل في الرباط، أنه لم يمنح الشيخ أي رشوة وأن القائد هو من وعده بمنحه بقعة أرضية في دوار «الصحراوية» وليس في دوار «لالة ركراكة»، بعد أن توسط له الرئيس السابق لمركز الدرك الملكي في بني يخلف، والذي كان «زبونا» له هو وزوجته وأن القائد طلب منه مبلغ 40 ألف درهم، مقابل بقعة أرضية مساحتها 60 مترا مربعا، وأنه منح القائد مبلغ 20 ألف درهم على أساس أن يحيك له ولزوجته ملابس تقليدية بقيمة المبلغ المتبقي. وأوضح الدقاقي أن الشيخ الذي تم توقيفه بسبب النازلة المزعومة لا علم له بالموضوع، موضحا أن القائد أحس بأن أمره قد انكشف فتراجع عن منحه البقعة، وهو ما جعله يدخل معه في نزاع انتهى ب«انتفاضة» الدقاقي وتهديده بفضح ملف البناء العشوائي، وخصوصا في «دوار الصحراوية»، الذي لا يوجد على الخريطة الرسمية في القيادة والذي حصل كل ساكنيه الذين اشتروا البقع الأرضية على بطاقات تعريف وطنية لا تحمل في العنوان اسم «دوار الصحراوية» الموجود فوق تراب في ملك الدولة، فتم إسكاته بتلفيق التُّهم له والزج به في السجن. وقد قضت المحكمة الابتدائية في المحمدية في حقه، يوم ثاني ماي 2007، علنيا وحضوريا، بحكمين مختلفين، أحدهما بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة 500 درهم، تحت رقم 1380، والثاني بشهرين حبسا نافذا وغرامة ألف درهم، تحت رقم 1389، في الوقت الذي أكد الدقاقي أنه لم ير أي مسؤول قضائي ولم يحضر أي جلسة قضائية منذ اختطافه يوم 29 أبريل 2007 وحتى يوم الإفراج عنه. وتحتاج حكاية الاعتقال والسجن والإفراج، بدورها، إلى وقفة، فبينما يشير الحكمان المختلفان اللذان توصلت «المساء» بنُسخ منهما إلى أن الحكمين تم النطق بهما يوم ثاني ماي 2007، تثبت بطاقة الإفراج التي سُلِّمت للدقاقي أثناء خروجه من سجن عكاشة أنه دخل السجن يوم 30 أبريل 2007، أي قبل شهر من الحكم عليه!.. وخرج منه يوم 30 يونيو 2007. لم ينس «خياط رشيدة داتي»، لحظة الإفراج، حيث أكد أن المسافة الفاصلة بين زنزانته وبين الباب الرئيسي للسجن تطلبت منه أزيد من نصف يوم، بسبب العشوائية والتجاوزات التي طالت ملفه، حيث إن ملفه أعيدت «مراجعته» من جديد وأن المراجعة تطلبت وقتا طويلا وتطلبت مهاتفة عدة جهات. كما أورد احتمال أن يكون شخص آخر كان يحل محله أثناء الجلسات القضائية في المحكمة الابتدائية وفي محكمة الاستئناف وكذا خلال الزيارات داخل السجن... حيث إن زوجته التي كانت تحل يوميا من أجل زيارته كانت تجد جوابا واحدا هو أنني غير موجود في سجن عكاشة، وأضاف أنه وجب التحقيق في ملف الاعتقال وأنه كان يحمل رقما مزورا حال دون تمكينه من الزيارات...