تحتفي ألمانيا بالأسابيع الدولية لمحاربة العنصرية في نسختها الثلاثين بمدينة فرانكفورت، التي تمتد إلى غاية 30 مارس 2025، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا مقلقا في الاعتداءات ضد المسلمين، إذ سجلت الإحصائيات زيادة كبيرة في جرائم الكراهية، خاصة ضد النساء المحجبات والمساجد. ورغم التحذيرات والدعوات لاتخاذ إجراءات حكومية، لا تزال الجهود غير كافية لمحاربة هذه الظاهرة التي تهدد القيم الديمقراطية. وفي هذا الإطار، أعلن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، في بيان، عن ارتفاع مظاهر الإسلاموفوبيا، قائلا: "في عام 2023، تم تسجيل 1464 جريمة كراهية ضد المسلمين في ألمانيا، بما في ذلك 70 اعتداء على المساجد، وهو ارتفاع مقلق بنسبة تزيد عن 140% مقارنة بالعام السابق". وأشار المجلس إلى أن مركز التوثيق "CLAIM" سجل 1926 حالة تمييز ضد المسلمين، أي أكثر من ضعف الحالات المسجلة في العام الماضي. وتُعد النساء المسلمات المحجبات الفئة الأكثر تعرضا لهذه الاعتداءات. كما تُظهر دراسات، مثل دراسة لايبزيغ حول السلطوية في 2024 ودراسة مؤسسة فريدريش إيبرت 2023، أن المواقف العنصرية والمعادية للمسلمين أصبحت أكثر قبولا اجتماعيا، مما يهدد القيم الديمقراطية الأساسية. وبهذا الخصوص قال عبد الصمد اليزيدي، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا: "للأسف الشديد، إن العنصرية الموجهة ضد المسلمين في تزايد خطير". وأكد اليزيدي، ضمن تصريح لهسبريس، أن "كل الدراسات ومؤسسات رصد هذه الظاهرة تُظهر مدى توغل العداء للإسلام والمسلمين في المجتمع الألماني. لقد انتقل الأمر من اعتداءات لفظية، سواء كانت مباشرة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى اعتداءات جسدية تستهدف النساء المحجبات، بالإضافة إلى اعتداءات على المساجد حيث لوحظ تلطيخ جدرانها ومحاولات حرقها". وأعلن رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أنه "تم اكتشاف خلية كانت تخطط لقتل المسلمين داخل المساجد، على غرار ما وقع قبل ست سنوات في مسجد النور ومسجد آخر في مدينة كريستتشيرش في نيوزيلندا". وأضاف: "المؤسف أن الحكومة لم تولِ هذه الظاهرة الاهتمام الكافي، فلم تقدّم أي إجراءات أو حلول في هذا الباب. لقد أصدرت لجنة من الخبراء تقريرا حول واقع كراهية الإسلام في ألمانيا متضمنا توصيات عدة، إلا أنه لم يُتّبع أيٌ منها". وأردف: "نحن في المجلس الإسلامي منذ سنوات ندعو إلى تعيين مفوض خاص للحكومة الألمانية يعنى بالحياة الإسلامية ومحاربة الإسلاموفوبيا، إلا أنه حتى الآن لم تتم الاستجابة لهذه المطالبة، مع أن العديد من الطوائف والمجالات قد تم تعيين مفوضين لها". وختم اليزيدي تصريحه قائلا: "نحن نؤكد دائما أن كراهية الإسلام وإن بدا ظاهرها أنها تستهدف المسلمين فقط، إلا أن مضمونها يستهدف القيم التي تأسست عليها أوطاننا هنا، سواء في ألمانيا أو في أوروبا، وتستهدف نهج الديمقراطية واحترام الآخر الذي بنيناه في مجتمعاتنا. لذا، يجب أن تكون محاربة هذه الظاهرة مسؤولية جماعية لا تُترك على عاتق المسلمين وحدهم".