أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد رئيسَ الوزراء كمال المدوري، وعيّن خلفا له وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري، بحسب ما أعلنت الرئاسة صباح اليوم الجمعة، من دون توضيح أسباب هذا الإجراء. وقالت الرئاسة في بيان إنّ سعيّد "قرّر إنهاء مهام كمال المدّوري رئيس الحكومة، وتعيين السيدة سارة الزعفراني الزنزري خلفا له"، مشيرة إلى أنّ الرئيس قرّر أيضا تعيين صلاح الزواري خلفا لوزيرة التجهيز والإسكان، بينما أبقى سائر الوزراء في مناصبهم. وفي 6 فبراير الماضي، أقال سعيّد، أيضا في منتصف الليل، وزيرة المالية سهام نمصية وعوضها بالقاضية مشكاة سلامة الخالدي. ورئيسة الحكومة الجديدة (62 عاما)، التي تتحدث العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، هي ثاني امرأة تقود الحكومة في تونس بعد نجلاء بودن التي كانت قد شغلت المنصب من أكتوبر 2021 حتى غشت 2023. وأقيلت بودن في فترة تأزم فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالخصوص مع فقدان العديد من المواد الأساسية كالخبز المدعوم، وتم تعيين الإطار السابق في البنك المركزي أحمد الحشاني، الذي تمت إقالته بدوره الصيف الفائت. والزعفراني كانت وزيرة للتجهيز والإسكان منذ العام 2021، وهي حاصلة على درجة الماجستير في الجيوتقنية. وكان سعيّد أعرب عن عدم رضاه في الأسابيع الماضية وفي عديد المرات عن عمل حكومته. وقبيل قرار الإقالة، أكد الرئيس التونسي في اجتماع مجلس الأمن القومي أن "الأوان آن لتحميل أي مسؤول المسؤولية كاملة مهما كان موقعه وطبيعة تواطؤه". "عدم تحمل المسؤولية" وأضاف في مقطع فيديو نشرته الرئاسة: "يكفي من الخلل ومن عدم تحمل المسؤولية ويكفي من التنكيل بالمواطنين... عصابات إجرامية تعمل في المرافق العمومية"، في إشارة إلى تردي الخدمات العمومية وتواتر تشكي التونسيين. كما لفت إلى ما وصفه ب"اللوبيات والكارتالات تجد في قصر الحكومة من يخدمها ويحميها". وشدد على أن "الاضطرابات" التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة "تزامنت مع بداية محاكمة المتآمرين على أمن الدولة والصورة لا تحتاج إلى توضيح". وانطلقت مطلع مارس محاكمة نحو أربعين من شخصيات سياسية وحقوقية وإعلاميين ومحامين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي". وتعاني تونس صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة، مع نمو محدود بنسبة 0,4% في العام 2024، ونسبة بطالة تبلغ 16% وديون تعادل حوالي 80% من ناتجها المحلي الإجمالي. ويتمتع الرئيس بسلطات كاملة تمكنه من إقالة الوزراء والقضاة، وفي غشت 2024، قام بتغيير شامل عيّن خلاله المدوري رئيسا للحكومة، وهو موظف حكومي سابق متخصص في الشؤون الاجتماعية. كما غيّر 19 وزيرا، مبررا قراره ب"المصلحة العليا للدولة" وضرورات "للأمن الوطني". ويأتي هذا التعيين وسط جو سياسي مضطرب مع عشرات المعارضين المسجونين، بعضهم منذ عامين، بالإضافة إلى رجال أعمال وشخصيات إعلامية. وفي صيف 2021، أقال قيس سعيّد رئيس الحكومة وجمّد البرلمان ليحله لاحقا بشكل كامل. ومنذ ذلك الحين، قام بتعديل الدستور لإعادة تأسيس نظام رئاسي حيث يتمتع فعليا بكل السلطات. ومذاك تندد المعارضة ومنظمات تونسية ودولية بتراجع الحقوق والحريات في تونس. وأعيد انتخاب سعيّد في 6 أكتوبر 2024 بأغلبية ساحقة (أكثر من 90%) في انتخابات تميزت بمشاركة منخفضة جدا بلغت أقل من 30%. وقطع سعيّد منذ أكثر من عام مفاوضات بدأها مع صندوق النقد الدولي الذي اقترح قرضا بقيمة 2 مليار دولار مقابل سلسلة من الإصلاحات، خصوصا في الدعم الحكومي للمنتجات الطاقية.