النقابات تنتظر مآل الحوار بعد إعفاء السحيمي .. والوزارة تطمئن الشغيلة    إقبال خاص على المنتجات المحلية في شهر رمضان    اختيار 15 حرفة للمشاركة في النسخة الثالثة من برنامج "الكنوز الحرفية المغربية"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    سوق الأربعاء الغرب.. أمطار الخير تعيد الحياة إلى الحقول وتنعش آمال الفلاحين في موسم فلاحي واعد    "غزة منا ونحن منها".. وقفات بمدن مغربية تنديدا باستئناف الإبادة الإسرائيلية    ارتفاع أعداد المعتمرين بنسبة 31 بالمائة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تعليق جديد للرحلات البحرية بين طريفة وطنجة بفعل سوء الأحوال الجوية    بعيوي: الاتجار بالمخدرات يقتضي الإعدام .. ممتلكاتي من المقالع والفلاحة    إفران تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    المجلس العلمي الأعلى يعلن عن مقدار زكاة الفطر نقدا لعام 1446ه/2025م    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    الأفضلية لكرواتيا وألمانيا والدنمارك وتعادل قاتل لإسبانيا في دوري الأمم الأوروبية    بريطانيا.. شرطة مكافحة الإرهاب بلندن تفتح تحقيقا بشأن حريق تسبب في إغلاق مطار هيثرو    زكاة الفطر في المغرب.. قيمتها وشروط ومواعيد إخراجها    تصفيات كأس العالم 2026.. المنتخب الليبي يضيع فرصة تصدر مجموعته بعد اكتفائه بالتعادل مع ضيفه الأنغولي    عمر نجيب يكتب: القومية الاقتصادية والحماية التجارية الصارمة معالم نظام عالمي جديد..    السلامي: الفوز على فلسطين منحنا دفعة معنوية قبل مواجهة كوريا الجنوبية    المغرب ضد النيجر في تصفيات كأس العالم 2026.. أين ومتى تشاهد المباراة؟    ارتفاع معدل التضخم في المغرب إلى 2.6% في فبراير    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    المدارس الخاصة.. 2.5% فقط تتبنى تدريس الأمازيغية    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    جيش السودان يستعيد القصر الجمهوري    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر هذا العام في 23 درهما    الركراكي في مواجهة الزاكي لمواصلة سلسلة الانتصارات وحصد العلامة الكاملة    لقجع وبرادة مطلوبان في البرلمان للوقوف على تحضيرات مونديال 2030    محاكمة الفريق الطبي لمارادونا .. شهادات صادمة عن "الإهمال القاتل"    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار الذهب تستقر عند أعلى مستوى    قيس سعيّد يقيل رئيس الحكومة    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    تعاون أمني بين المغرب وإسبانيا يوقف عنصر موالي ل"داعش" في قرطبة    طوفان الأقصى: لا أمن بلا سلام    من أجل فلسفة جذرية    اختلالات الحكومة المغربية وشعرة معاوية    تصفيات مونديال 2026: المنتخب المغربي يواجه النيجر طامحا إلى ضمان التأهل    تقارير أمريكية: واشنطن تتجه لإنهاء مهام بعثة المينورسو في الصحراء المغربية    بايتاس: متوسط التساقطات المطرية بلغ 113,9 ميلمتر إلى حدود 19 مارس    كيوسك الجمعة | 33.636 أسرة استكملت بناء وتأهيل منازلها المتضررة بالزلزال    فعاليات دينية مغربية في كوبنهاغن    الحكومة تستعد لمؤازرة "الكسابة" بعد منع ذبح إناث الأغنام والماعز    "ليلة القرآن" تشع في رمضان.. والتوفيق يُكرم حفظة وخُدام كتاب الله    استشهاد 591 فلسطينيا من بينهم 200 طفل وإصابة أكثر من 1042 خلال 72 ساعة    حقيقة بناء عشوائي في المجمع السياحي سانية بلاج    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    جنوب أفريقيا.. مجموعة الدفاع عن استقلال كيب الغربية تتوجه إلى الولايات المتحدة لمناقشة تقرير المصير    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    الراضي وهبة محمود تضعان خارطة الطريق للتعاون الثقافي المغربي – المصري    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طوفان الأقصى: لا أمن بلا سلام
نشر في لكم يوم 21 - 03 - 2025

طال أمد طوفان الأقصى، ودخل منعطفات متعددة تؤكد أن القضية الفلسطينية لا تموت بالتقادم، ولا بالتآمر، ولا بالخذلان، ولا حتى باختلال ميزان القوى. وأنه أعطى للقضية دما جديدا، وخلق صورة مختلفة لما ظل يتداول عالميا منذ عدة عقود. فإلى متى ستظل الصهيونية متصلبة في مواقفها مما يجمع عليه المجتمع الدولي بخصوص حل الدولتين؟ وإلى متى سيظل اليمين المتطرف يتحكم في مسار الصراع، وهو يتشبث بأساطير وأوهام لا علاقة لها بالعصر الحديث، ضاربا عرض الحائط ما تطالب به، على الأقل، عائلات المحتجزين؟ ألم يؤد احتجاز الرهائن إلى إبراز أن الصهاينة: «يألمون كما» يألم الفلسطينيون، وأنهم عاشوا منذ بداية طوفان الأقصى تاريخا جديدا لم يكونوا يتوقعونه أو يتصورونه، وبين لهم أن ادعاءاتهم باطلة، وأن ترسانتهم، وبطارياتهم لا ترد عنهم بأس المقاومة، رغم كل الدعم والتأييد الذي يلقونه من أمريكا ومن الغرب؟ فمتى يستيقظ الإسرائيليون من أحلام اليقظة، ومن الكوابيس التي خلقتها لهم الصهيونية؟ لقد عانت إسرائيل من تداعيات طوفان الأقصى، مما لم تعانه في كل تاريخها الاستيطاني، وبرزت هشاشة كل ما بنته على رمل هار. فالاقتصاد في تراجع، والهجرات في تزايد، والخلافات بينهم في تنام. فمتى يستفيق الضمير الإسرائيلي ويرى أن حقه في الأمن مشروط بحق الفلسطينيين في السلام؟
أين دلالة «العبقرية اليهودية»، وأين «العقل الإسرائيلي»، وهو يتبجح بالسيوف الحديدية، ويترنم بالجحيم الذي «بشّر» به ترامب سكان غزة؟ أليس في ما جرى خير دليل على أن الطغيان والعنجهية لا يؤديان إلا إلى المزيد من سفك الدماء، وترويع المواطنين، وبث الفرقة، وإدامة أمد الصراع والحرب؟ هل الرهانات على الأساطير والأوهام قادرة على تحقيق الأمن الذي ظلت تحلم به إسرائيل منذ تأسيسها؟ فمتى سيتحقق لها هذا الأمن؟ هل بتهديد أمن المنطقة وإشاعة الفرقة بين شعوبها، وإشعال الفتن بين مختلف مكوناتها، لتبقى محافظة على كيانها الوهمي؟ لماذا لم يؤد اتفاق أوسلو إلى تحقيق الأمن الإسرائيلي، والسلام الفلسطيني؟ ومن المسؤول عن استمرار هذا الوضع؟ ما أكثر الأسئلة التي فرضها طوفان الأقصى على الصهيونية، وعلى الدولة القومية اليهودية، أم على قلوب أقفالها؟ أو ليس من الإسرائيليين «رجل رشيد»؟
إن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية من مخلفات القرن التاسع عشر، والحرب الاستعمارية الغربية ضد الشعوب والأمم في العالم غير الغربي. لقد نالت كل الشعوب استقلالها منذ منتصف القرن الماضي، وحتى النظام العنصري في جنوب افريقيا ولى إلى غير رجعة. فهل استمرار الاستيطان الصهيوني قدر نهائي؟ أجاب طوفان الأقصى بأنه لا وجود لقدر استيطاني، وأن نهايته هي القدر الحقيقي لسبب بسيط هو، أنه مهما طال الزمن، وتضافرت الإكراهات التي تطيل أمده، فإن مطلب تحقيق الأمن الإسرائيلي مرتبط بالسلام الفلسطيني. ولن يكون ذلك إلا بتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
تتلخص الحرب الصهيونية الفلسطينية في كلمتين. أولا: الأمن الذي تحلم به إسرائيل، من جهة أولى لأنها هي سبب الحرب واحتلال أراضي الغير. وثانيا: السلام الذي تتوق إليه فلسطين لأنها صاحبة الحق، وستظل تدافع عنه مهما طال الزمن. وتبعا لصيرورة تمتد لأكثر من سبعين عاما، من الصراع والحرب، نسجل أنه: لا أمن في إسرائيل بلا سلام في فلسطين. هذه هي الحقيقة التي تخشاها إسرائيل وتتهرب منها بكل اللغات واللهجات التي تريد من خلالها فرض وجودها بإلغاء الحق الفلسطيني في الوجود، هي التي ستظل شوكة في حلق الصهيونية. وأن كل ما تدعيه عن إسرائيل الكبرى، ومحو القضية الفلسطينية من الوجود، وتهديد أمن المنطقة ككل ليس سوى تخاريف مجانين، وهلوسات يمين متطرف لن تنفعه غطرسته في إدامة أوهامه وأحلامه. وأن الأساليب والافتراءات والأكاذيب لا يمكن أن تظل سارية أبدا.
إن سعي إسرائيل، وحتى نجاحها في التطبيع، ولو مع كل الدول العربية، لن يجلب لها الأمن الذي تحلم به، وتراهن عليه لتحقيق أساطيرها. قد تتوهم أنها بذلك تربح شوطا، أو تتصور أنها تحقق منجزات مذهلة تمكنها من تحقيق سيادتها على أرض فلسطين، وبسط هيمنتها على المنطقة، لكن الأيام كفيلة بزعزعة أوهامها، وتكذيب ادعاءاتها. يمكن للصهيونية أن تظل معولة على أمريكا وعلى ما تتصدق به عليها، وبما توفره لها من إمدادات وأسلحة ودعم مادي ومعنوي وإعلامي لكي تحافظ على توازنها وتفوقها في المنطقة. يمكن لإسرائيل أن تديم خلق أعداء وهميين لتوجد لنفسها ذريعة «الدفاع عن النفس»، وتقدم نفسها للعالمين على أنها مستهدفة في أمنها ووجودها. لكن كل ذلك لن ينفعها في إطالة مزاعمها.
لم يحقق نتنياهو وزبانيته أيا من الأهداف التي رفع سقفها أمام تحدي طوفان الأقصى، الذي أسقط أساطيره، وكبّد الصهاينة خسائر جسيمة. وليست المفاوضات التي يخوضها حاليا سوى وجه من وجوه الغطرسة والاستعلاء والافتراء الذي يكشف عن المآل الواقعي والحقيقي الذي ستنتهي إليه الصهيونية عاجلا أو آجلا. إن التطبيع الحقيقي هو ما ينبغي أن تقوم به إسرائيل مع نفسها أولا، وما يجب أن تقوم به مع أصحاب القضية الفلسطينية ثانيا، لأن حل الدولتين هو أساس السلام والأمن. أما الأساطير فلا تصمد أمام الوقائع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.