تعتبر من أجمل مناطق المغرب، لا يختلف صيفها عن شتائها إلا من حيث التنافس على قسوة الطبيعة، إنها منطقة المريجة، المركز الإداري لخمسة عشرة دائرة انتخابية، والتي تبعد عن إقليمجرسيف بحوالي 34 كيلومترا جهة الغرب، وقد حولتها إرادة من أؤتمن على تنميتها من منتخبيها، الى إحدى أفقر مناطق البلاد، واكثرها هشاشة، ولو في زمن المبادرة الوطنية للتنمبة البشرية . منطقة المريجة التي ينضوي تحتها العديد من القرى كقرية ارشيدة، والمريجة، وبنخلفتن، وبويعقوبات، وأدمر، وتافراطة، وغيرها.. والتي يبلغ عدد سكانها حسب آخر إحصاء 13813 نسمة، يعيش أغلبها على زراعة أراضي البور وتربية المواشي، لكن توالي سنوات الجفاف، وإهمال الأرض بسبب الهجرة القسرية، جعل من هذا النشاط عملا بدون مردودية، إذ لم يعد يلبي حتى الحاجيات الأساسية للعيش . والزائر لهذه المنطقة، لابد من أن يرتاع لهول التدمير الذي يطال البيئة، والغياب الكلي للبنى التحتية ، التي من شأنها أن تثمن الموقع والمنتوج معا. رداءة الكهربة باستثناء الشبكة الكهربائية التي سهر على تنفيذها المكتب الوطني للكهرباء، مع بداية حكومة التناوب الأولى، في اطار برنامج الكهربة القروية التي غطت 80 في المائة من حاجيات المنطقة، فإن إهمال صيانة هذه الشبكة من طرف مسيري الجماعة، قد أرجع الوضعية إلى ما كانت عليه سابقا، نموذج قرية ارشيدة التي رفض رئيس الجماعة، المستفيد الوحيد من خيرات غابتها، صيانة شبكتها الكهربائية، رغم المناشدات المتكررة للسكان وممثليهم بالجماعة. تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب أغلبية سكان الجماعة يعانون الخصاص من هذه المادة الحيوية، ليس بسبب انعدامها، ولكن لسوء تدبير الموارد المائية التي تزخر بها المنطقة، فضلا عن إهمالها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن منطقة ارشيدة تتوفر على عدة عيون، أهمها عين رأس العين، التي يبلغ صبيبها 38 لترا في الثانية، في حين لاتمثل حاجيات السكان من هدا الصبيب، إلا 1.83 في المائة، أي أن حجم الاستهلاك اليومي لقرية ارشيدة بما فيها دواوير واد بني قاسم، وبني غمراسن لايتعدى 60 مترا مكعبا في اليوم. ومع كل هذا الفائض في الثروة المائية، فان الساكنة تضطر إلى استعمال الوسائل العتيقة والدواب، لجلب الماء في ظروف لاإنسانية في الغالب من الأحيان. ورغم قيام مصالح العمالة ببعض الإصلاحات التي همت عين رأس العين، وتزويدها بمضخة، و«حنفيتين» عموميتين لتمكين الساكنة من الماء، فإن تلكؤ الجماعة في ربط المضخة بالشبكة الكهربائية، ليس له من تفسير سوى أن هناك سادية يمارسها مسيروالجماعة على السكان، حسب بعض المواطنين . المثال الثاني على سوء تدبير الثروة المائية بالجماعة، هو ما سمي بمشروع تزويد دائرة بويعقوبات بالماء الصالح للشرب، والذي طغى عليه الهاجس الانتخابي، حيث خصص له وبدون أية دراسة مبلغ 58 مليون من مزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي يرأس لجنتها المحلية رئيس الجماعة، إلا أن المشروع ظل بدون تنفيذ، نظرا لكون مكتب الدراسات الذي كلف بالمشروع، قد وقف على الارتجال في تحديد القيمة الحقيقية للإنجاز والتي قدرها في 94 مليون سنتيم، وهكذا ظل المشروع معلقا ك«عرس المنحوس ، ما هو مزوج ما هو عروس». وثالث مثال على سوء التدبير المائي بالجماعة، هو الثقب المائي، الذي هلل له الرئيس، وكأنه فتح غير مسبوق .. والحال أن هذا الثقب هو الآخر من إنجاز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 100 في المائة ولا يد فيه للجماعة .» ومع تثميننا لهذا الإنجاز، فإننا نشك في نوايا رئيس الهيئة المحلية للمبادرة الذي هو رئيس الجماعة من وراء حفر هذا الثقب، يقول أحد المستشارين المنسحبين من أغلبية الرئيس :«نشك في هذه النوايا لاعتبارات أولها ، أن جماعة المريجة التي ستستفيد من مياه هذا الثقب المائي، هي في غنى عن الماء قياسا مع دواوير أخرى، قد لاتجد في بعض أوقات الحر قطرة ماء، إلا بعد قطع مسافات ومسافات. وثانيها أنه حتى لو افترضنا أن الثقب المائي وضع للجماعة، فلماذا حفره بعيدا بحوالي 3 كيلومترات، ومد أنابيبه عبر بقايا قنطرة مهددة بالانهيار؟ والحال أن الفرشة المائية داخل مركز المريجة، قريبة من سطح الأرض؟ اللهم، يضيف نفس المصدر، إذا كان الرئيس قد حفر هذا الثقب المائي بالقرب من ضيعة تربطه و إياها علاقة معينة. حتى إذا زودت مضخة الثقب المائي بالشبكة الكهربائية، سهل ربط الضيعة بالكهرباء، و بذلك يكون الرئيس، قد حقق خدمة عمومية في الظاهر على حساب المبادرة الوطنية، بينما هدفه الرئيسي والمستبطن هو خدمة مصالحه ليس إلا ... والدليل على ذلك، يضيف نفس المصدر، هوأن اللجنة المحلية ظلت ترفض كل المشاريع التي يقدمها النسيج الجمعوي بالجماعة، في مقابل التنفيذ الفوري لكل المشاريع التي يتقدم بها الرئيس، الذي هو في نفس الوقت رئيس تلك اللجنة المحلية. الشبكة الطرقية هزيلة رغم تموقع المركز الإداري للمريجة بين مدينتي جرسيف وميسور، فإن المسالك الرابطة بين قرى الجماعة ودواويرها، غير معبدة، وحتى المعبد منها فهو عرضة للتآكل اليومي بسبب الإهمال ... أما داخل القرى والدواوير، فإن الانطباع الذي يخرج به الزائر، هو أن المنطقة قد حل بها دمار بسبب كارثة طبيعية. فلا أثر لتبليط أو تزفيت ... الكل في الكل، وسيد الموقف هي الأوساخ، وكثرة النفايات، والأتربة، والأحجار ... وروائح الحيوانات النافقة! الموارد الطبيعية تمتاز المنطقة بغابة ارشيدة، المتنوعة الأشجار، والنباتات العطرية والطبية كأزير، والشيح، وشجر البلوط... لكن هذه الثروة الطبيعية التي كان من الممكن أن تشكل وسيلة إستقطاب للسياح ، وهواة القنص ، وتسلق الجبال، قد تعرضت إلى جريمة بشعة، على مدى قرابة ثلاثة عقود، حيث تم استغلالها استغلالا فاحشا، قضى على ما يزيد على 80 في المائة من أشجار البلوط، وأكثر من 70 في المائة من إكليل الجبل. وعلى ذكر إكليل الجبل، أو ما نسميه «أزير» فإن الرئيس، ومنذ توليه رئاسة الجماعة، في بداية ثمانينيا ت القرن الماضي، وهو يستفيد من صفقة كراء الغابة، من خلال المقاولة في اسم أحد أقربائه، وهو ما اعتبره البعض تحايلا على الفصل 22 من الميثاق الجماعي. وهي المقاولة المختصة في تقطير النباتات العطرية والطبية، وخاصة نبتة «أزير». والغريب في الأمر، أن صفقة الكراء هاته، وعلى مدى هذه العقود من الزمان، لم تستفذ منها إلا المقاولة المذكورة، والغريب أيضا أن القانون لا يسمح إلا بكراء منطقة من الغابة المقسمة إلى ثلاثة مناطق، وذلك بالتناوب، حماية للراحة البيولوجية لباقي الاجزاء، و هو ما تطبقه هذه المقاولة على الاوراق فقط، حتى إذا فازت بالصفقة، أتت على كل الأجزاء المتبقية، بما في ذلك الجزء الذي في ملكية المياه والغابات! وهذا ما يقتضي فتح تحقيق، يقول المستشار«ق.أ»، للوقوف على الكيفية التي تم بها تدمير الطبيعة وجمالها، والقضاء على أنواع كثيرة من الحيوانات، والطيور التي كانت تشكل ثروة مهمة من الوحش لهواة القنص، وهو التحقيق، يضيف نفس المصدر، الذي سيمكن من معرفة الطريقة التي تحول بها بعض المنتخبين، من أناس بسطاء، إلى أثرياء وسط حشد من الفقراء، ولمعرفة أيضا، بأية حماية كان يحتمي هؤلاء، وهم يخرقون القانون، ويغتنون ... وفي الوقت الذي دعمنا فيه التجربة الحالية، يقول المستشار «ر.أ» خدمة لمصالح ناخبينا، اصطدمنا باستفراد الرئيس بكل القرارات، ونبذه لكل الأعراف الدمقراطية، وتفضيله الغمو ض على الشفافية، فقررنا الانسحاب من التسيير، كدق منا لناقوس الخطر، عسى سلطات الوصاية تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكنها قبلت الاستقالات بدون تردد. سأ لنا المستشار «ب.م» عن وجهة نظره في هذه الاستقالة الجماعية، فأجاب:«حتى قط ما كيهرب من دار العرس، ونحن مسؤولون، ومسؤوليتنا تحتم علينا مكاشفة منتخبينا والرأي العام، وليس المشاركة في مؤامرة الصمت، فالرئيس يسير الجماعة في غياب أي مخطط تنموي، مع تعطيل تام لأجهزة الحكامة المحلية، مع ما يستتبع ذلك من تعتيم مطبق، على كل الصفقات التي تعرفها الجماعة.» هذا غيض من فيض الحرمان والتهميش الذي تعيشه المنطقة بكل دواويرها، صيفا وشتاء، وهو ما انعكس سلبا على الحياة بها، حيث اضطر خيرة شبابها إلى الهجرة، تاركين للرئيس والسلطة المحلية بالمريجة، مهمة منح رخص استغلال الأراضي العرشية العارية للغرباء عن جماعاتنا السلالية، يضيف المستشار «ب.م» . فهل سيمكن تحويل اقليمجرسيف من دائرة، إلى عمالة فتية، المسؤولين الجدد من الاستماع إلى نبض المواطنين في كل التراب. أم أن الأمرلا يعدو تعددا للأسماء والمسمى واحد!!