هنا تقطن حوالي 300 أسرة أغلبيتهم يعتمدون على الفلاحة والرعي، لكن أمام توالي سنوات الجفاف، فإن العديد من الأسر بدأت تشد الرحال إلى الريصاني أو أمكنة أخرى، والجميع هنا يعيش بالبركة والصافي عبارة يلخص فيها العربي ذو الخمسين سنة أحوال سيدي علي القرية التي صنفتها خريطة الفقر بالمغرب في الرتبة الثانية، فما هي الحكاية. طريق وعرة الحكاية تبدأ من جهة مكناس تافيلالت الجهة التي تزخر بموارد طبيعية كبيرة ولكنها تعيش على وقع التهميش، إلا أن واقع سكان قرية سيدي علي أشبه بالقصة ولكنها تراجيديا أو بالفيلم الذي لا يكاد ينتهي حتى تبدأ المأساة. بعد الوصول إلى الريصاني المدينة ذات التاريخ العريق، والتي تتربع على عرش حوالي 400 قصر(القصر هو البادية حسب لهجة المنطقة)، يفقد المتوجه إلى سيدي علي البوصلة، البعض لا يعرفها والبعض الآخر يقول إن الوصول إليها يتطلب مشقة كبيرة، إذا أردت يا ولدي أن تصل إلى هناك يجب أن تنتظر إلى الغد، لأن أصحاب السيارات ذهبوا إلى هناك ولن يعودوا حتى الغد يقول العربي، الذي يؤكد أن هذه المنطقة تعيش على وقع المعاناة والتهميش، وأن الوصول إليها يقتضي قطع مسافة تصل إلى العديد من الكيلومترات في طريق غير معبدة بالغة المخاطر إلى غاية القرية الخاوية على عروشها؛ على الرغم من أن عشرات الأسر تعيش فيها، والبعيدة بحوالي 140 كيلومترا. أحد رجال الدرك الملكي (الريصاني لا تتوفر على رجال الأمن) يؤكد أيضا أنه ينبغي ألا يغامر المرء بالذهاب إلى القرية بسيارة عادية بسبب صعوبة الطريق، بالإضافة إلى ضرورة التوفر على من يرشد إلى سيدي علي، وينصح بكراء سيارة رباعية الدفع من أجل الوصول إلى الوجهة المعنية. وراء الظل الوصول إلى الريصاني يبين أن هذه المدينة ذات التاريخ العريق، خارج دائرة الاهتمام، سواء من حيث الآثار التي تختزن أسرار الدولة المغربية، والتي لم يكشف عنها بسبب عدم إعطائها الاهتمام، أو من حيث ضعف البنية التحتية، وغياب مظاهر الخدمات الأساسية. توحي الأراضي الشاسعة بالجفاف الذي أتى على الأخضر واليابس، وحده النخيل المتواجد هنا وهناك صمد في وجه المواجهة غير المتكافئة مع الطبيعة، الأفراد هنا يعيشون بعفوية، مازالت وسائل النقل القديمة تنافس الجديدة والنساء يرتدين ثوبا أسودا يغطي جميع أجزاء الجسم والرجال غالبية ملابسهم جلاليب، الحديث مع الناس هنا بسيط ويوحي بأن الساكنة لا تعرف ماذا يقع بالمغرب من مستجدات أو أحداث، والأغلبية تكتفي بطريقة أو بأخرى من أجل سد لقمة العيش، وذلك في ظل أوضاع كارثية، ممزوجة بتوالي سنوات الجفاف، وفقر البرامج التنموية، والعيش وراء الظل، سيناريو يصعب كتابته على الورق، فكيف يمكن العيش معه واقعيا. المندوبية السامية للتخطيط تقول إن سيدي على ثاني أفقر قرية بالمغرب، إذ يعيش الفرد بأقل من 10 دراهم في اليوم، أحد شباب المنطقة يرد بالقول: إن البعض هنا لا يجد حتى 5 دراهم في الأسبوع، سواء في هذه القرية أو في المناطق المجاورة للريصاني، إن هناك قلة في هذه المدينة تملك تجارة كبيرة توزعها على المناطق المجاورة والباقي يصارعون الحياة كأنهم في حلبة سباق يومية لا يعرفون اليوم الذي ينهون معاناتهم في توفير أبسط حاجيات الحياة. ليس هناك أي مشاريع تنموية، وغالبية السكان يعيشون في حالة فقر، وتشبه حياتهم حياة الرحل. شاب ابن المنطقة يؤكد أن المنطقة مهمشة ولا تستفيد من أبسط المشاريع، وبعض الأسر تعيش على الفلاحة، على الرغم من الجفاف، والباقي يعيشون معاناة يومية. أغلبية الشباب يهجرون المنطقة، سواء للعمل في ميدان السياحة بالريصاني أو مرزوكة إحدى أجمل مناطق المغرب سياحيا أو يتوجهون إلى المدن للعمل، وتغرب الشمس على سيدي علي القابعة في سكونها، وغير متمردة على أوضاعها، فطبيعة السكان هنا السكينة والصبر والرضى بالقدر .